وافتنا المبادرة الأهلية لحماية الثورة ببنقردان بالنص التالي: فوجئ أهالي بنقردان بمختلف فعالياتهم السياسية والثقافية والاجتماعية بالإساءة التي وردت بصحيفة «الشروق» الصادرة يوم السبت 27 مارس 2011 تحت عناوين مختلفة «سلفيون ألجموا أفواه الفنانين» و«قوى سلفية منعتنا من النشاط في بنقردان بتعلة أن الموسيقى والأفلام حرام» و«أخشى أننا أزحنا ديكتاتورا واحدا ليبرز لنا عشرات الديكتاتوريين. ونحن نستنكر هذا الادعاء الباطل الوارد على ألسنة بعض الفنانين الذين كنا نحسبهم من الفضل بمكان فوجدنا في أغوارهم حنينا دفينا إلى زمن الدكتاتورية حيث كان بن علي وزبانيته ينظرون للعهر الفني والانحلال الأخلاقي تحت يافطات جذابة تستوي عناوين للحرية والإبداع. فميزة الفن الصدق والبراءة، وهذا ما غاب عن سلمى بكار ومروان المدب وليلى الشابي، فحديثهم كان زيفا وادعاء بالباطل ينضوي في باب الثلب الذي يستدعي تتبعات قضائية سيحرص أهالي بنقردان ومن اختاروهم ليبادروا بحماية ثورتهم على استيفاء حقهم القانوني فيها. أما توضيحنا لأفراد شعبنا التونسي الذي يحب معرفة حقيقة ما وقع في بنقردان فإننا نقول إننا في بنقردان عقدنا العزم كسائر أفراد الشعب التونسي على أن نصل بوطننا الحبيب إلى مرحلة الحداثة والتقدم والرقيّ فلا مجال للعودة إلى الوراء، ميزتنا الاعتدال والتحضر والحفاظ على مكتسبات شعبنا العظيم نحب كل تونسي حر مهما كان خطه السياسي والايديولوجي ومهما كان دينه أو اعتقاده. ونحن أوفياء لكل ما تعاهد عليه الشعب التونسي من تقديس لمفهوم المواطنة في ظل احترام الآخر بفضائله ونقائصه. وتوصيفا للحداثة نقول إن أهالي بنقردان فوجئوا بحضور جوقة موسيقية تحت عنوان التنشيط الفني بمخيم الشوشة في زمن كان فيه الجميع منشغلين بخدمة اللاجئين ممن تقطعت بهم السبل وتفرق شمل عائلاتهم بين ليبيا وتونس، بل إن المخيم كان يضم بعض الجرحى والمرضى من الليبيين رجالا ونساء وكان الأوان زمنا للمواساة وتكفيف الدموع وتطبيب الجراح وكان أزيز الرصاص يسمع في رأس الجدير. وللتوضيح نقول إن تدخل أهالي بنقردان كان متحضرا ومحترما إلى أقصى حد عن طريق أعضاء المبادرة الأهلية لحماية الثورة بما يتميزون به من ثقافة وحسّ تربوي لا يخطئ، فقد تكفل الأهالي بتوفير الإقامة المناسبة عن طريق استضافة مجموعة المنشطين في بيوتهم كما تم تمكينهم من كل الأجهزة الصوتية وكل الخدمات الضرورية مما جعلهم في كلفة أهالي بنقردان ماديا ومعنويا، وقد زاولوا نشاطهم بشكل طبيعي طيلة أسبوع كامل ونذكر حفلات منير الطرودي وعرض أفلام شارلي شابلان وجلسات تنشيط الأطفال والعروض المسرحية للسنغاليين.. وعند تغيّر المعطيات وهجوم القذافي على «زواره» والمناطق المحاذية لرأس الجدير حاول كل أعضاء المبادرة بمختلف مرجعياتهم إبلاغ أفكارهم بلطف ومسؤولية، وقد أبدى الحاضرون تفهّما للموقف وتقديرا للحسّ الإنساني العالي لأهالي بنقردان وذلك بشهادة كل المنظمات العالمية للإغاثة. هذا ما وقع بدقة. ولكن هذا الرّهط من الفنانين أبى قبول القوانين الجديدة للثورة التونسية التي تدعو إلى الحرية والمسؤولية في آن، واختار كل فنان من المجموعة أن يعود إلى أساليب الحزب البائد من خلال البحث عن أوهام يخيف بها الناس ويظهر بعدها في صورة البطل، فأين السلفيون الذين يتحدثون عنهم؟ أيقصدون بعض الشباب الملتزم الذين عاشروا سجون بن علي فخبروها وخبرتهم؟ فهم بعض منّا يلتزمون بخيارات المجتمع المدني واختيارات المبادرة في كل نشاط يقع في بنقردان، ثم ما ذلك التصوير الغريب الذي يبدو إلى الخيال أقرب حيث الخليفة والخادم والتابع؟ فنحن في تونس وليعلم العالم أننا حداثيون نؤمن بخصوصيتنا التونسية في زيّنا ومظهرنا وتقاليدنا ونولي جانب الثقافة أهمية لا تغفل، فكل ما ورد على لسان ليلى الشابي قد وقع في خيالها وهو ناتج عن ضعفها الثقافي ونفس الأمر بالنسبة إلى سلمى بكار ومروان المدب. ومن العيب تشويق الناس بالإساءة إلى أهل بنقردان وإلصاق تهم باطلة بهم، فنحن جزء من الشعب التونسي عاهدنا وطننا تونس على مبادئ الحرية والكرامة والعدالة كما التزمنا مثل كل تونسي بتقديس مفهوم المواطنة الحقيقية التي ترفض كل انتهازي وكل صوت يدعو إلى عودة زمن الدكتاتورية الرديء بظلمه وفساده وإقصائه وضرب شخصية التونسي ليكون منحلا متفسّخ الهوية غير قادر على حماية وطنه وأهله. وفي النهاية نعلن محبتنا وتشجيعنا لكل الفنانين الذين عانوا من سنين الدكتاتورية ولم يكونوا في يوم ما أسرى ثقافة الاستبداد والطغيان، فتونس اليوم قد حزمت أمرها لأجل حرية الفن الصادق النابع من مشاغل الناس وذواتهم فالفنان في ثقافتنا العربية الإسلامية هو أرق الناس وأكثرهم إحساسا بشواغل الفرد والجماعة. ٭ المبادرة الأهلية لحماية الثورة ببنقردان