جامعة الثانوي تدعو الى وقفة احتجاجية    مقتل شخص وإصابة 3 آخرين في إطلاق نار بحفل في نيويورك الأمريكية    تونس تشارك في المعرض الدولي 55 بالجزائر (FIA)    سعيد يشدد على ضرورة وقوف العالم الإسلامي صفا واحدا نصرة لفلسطين    برنامج تعاون مع "الفاو"    استرجاع مركب شبابي بعد اقتحامه والتحوّز عليه    مع الشروق .. خدعة صفقة تحرير الرهائن    الاعتداء على عضو مجلس محلي    اليوم الدخول مجاني الى المتاحف    لتحقيق الاكتفاء الذاتي: متابعة تجربة نموذجية لإكثار صنف معيّن من الحبوب    بنزرت الجنوبية.. وفاة إمرأة وإصابة 3 آخرين في حادث مرور    تدشين أول مخبر تحاليل للأغذية و المنتجات الفلاحية بالشمال الغربي    هند صبري مع ابنتها على ''تيك توك''    شيرين تنهار بالبكاء في حفل ضخم    تونس العاصمة : الإحتفاظ بعنصر إجرامي وحجز آلات إلكترونية محل سرقة    انعقاد ندوة المديرين الجهويين للنقل    بداية من الثلاثاء المقبل: تقلبات جوية وانخفاض في درجات الحرارة    وفاة 14 شخصا جرّاء فيضانات في أندونيسيا    غدا الأحد.. الدخول إلى كل المتاحف والمعالم الأثرية مجانا    4 ماي اليوم العالمي لرجال الإطفاء.    عاجل/ أحدهم ينتحل صفة أمني: الاحتفاظ ب4 من أخطر العناصر الاجرامية    روسيا تُدرج الرئيس الأوكراني على لائحة المطلوبين لديها    صفاقس :ندوة عنوانها "اسرائيل في قفص الاتهام امام القضاء الدولي    عروضه العالمية تلقي نجاحا كبيرا: فيلم "Back to Black في قاعات السينما التونسية    إنتخابات الجامعة التونسية لكرة القدم: لجنة الاستئناف تسقط قائمتي التلمساني وبن تقية    قاضي يُحيل كل أعضاء مجلس التربية على التحقيق وجامعة الثانوي تحتج    الرابطة الأولى: برنامج النقل التلفزي لمواجهات نهاية الأسبوع    نابل: انتشار سوس النخيل.. عضو المجلس المحلي للتنمية يحذر    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    بطولة الكرة الطائرة: الترجي الرياضي يواجه اليوم النجم الساحلي    عاجل/ تلميذة تعتدي على أستاذها بشفرة حلاقة    لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية    الثنائية البرلمانية.. بين تنازع السلطات وغياب قانون    القصرين: حجز بضاعة محلّ سرقة من داخل مؤسسة صناعية    هام/ التعليم الأساسي: موعد صرف مستحقات آخر دفعة من حاملي الإجازة    القبض على امرأة محكومة بالسجن 295 عاما!!    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    التوقعات الجوية لليوم    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    قتلى ومفقودون في البرازيل جراء الأمطار الغزيرة    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة(السوبر بلاي اوف - الجولة3) : اعادة مباراة الترجي الرياضي والنجم الساحلي غدا السبت    الرابطة 1- تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    قرعة كأس تونس 2024.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعركة الثقافية في تونس لغم يزرعه الإستئصاليون لتأجيل بناء دولة الثورة
نشر في الحوار نت يوم 10 - 07 - 2011


كلمة حرّة
لكل ثورة إصلاحية أعداؤها وخصومها.
ذلك هو منطق الأشياء في سنن التاريخ الإجتماعي والعمران البشري منذ بدء الخليقة حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
مواقف الإستغراب من ذلك هي المواقف التي تحتاج إلى إستغراب وإستهجان. ورب راث حال غيره أجدر برثاء حاله أو رب راث يرثى له.
ثورة 14 جانفي التونسية كانت نذير شؤم على اليسار.
إذا كانت صفة اليسار تعني معارضة القهر تقليديا فإن اليسار التونسي في جملته الغالبة وليس في كل تفاصيله لم يعد يسارا بل تيمّن حتى إضطر اليمين إلى الفرار من الطريق بالكلية ذعرا.
لذا كانت ثورة 14 جانفي التونسية نذير شؤم على اليسار التونسي في جملته الغالبة لسبب واحد هو : تهيؤ الأسباب لصعود حركة النهضة التي منحتها تلك الثورة عمرا جديدا بل لعلنا لا نكون للصواب مجانبين إذا قلنا أن الحركة هبة الثورة التي وطأت لها أسباب التجدد بما لم يكن ليحصل في أي مناخ آخر غير مناخ ثورة 14 جانفي.
عرت ثورة 14 جانفي يسار تونس تعرية شبة كاملة بما نفضت عنه من مساحيق التغني بالديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية. يسار تونس بعد أن كشفت عنه ثورة 14 جانفي ورقة التوت التي يستر بها عوراته أثبت أنه لا يعيش إلا على المشاركة في إستئصال الحريات والديمقراطية والتعددية إذ كان شريكا كبيرا في خطة تجفيف المنابع التي توخاها الذنب المخلوع بن علي تضييقا على خصم فكري عنيد وشرس يتمترس وراء هوية البلاد. فما أن أصبح المناخ من بعد الثورة ملائما لنشوء حريات وديمقراطية حتى هبت فلول ذلك اليسار للإنقضاض على حق الحركة في تلك الحريات وتلك الديمقراطية.
لكم شنفوا الآذن من قبل ذلك بقالة كانوا أول من داس عليها. شنفوا الآذان بأن الحركة لا تعيش إلا بسبب أنها ضحية بورقيبة أو بن علي فهي حياة الضحية التي تستدر العطف وهي معرضة للتلاشي بفعل أول نسمة من نسمات الحريات والديمقراطية لأنها تنتمي إلى القروسطية. شنفوا الآذن بقالة كانوا هم أول من وقعوا في جبها : لا تحمل الحرية إلى الحركة سوى الموت وبذا تكون التأشيرة القانونية لها هي كفنها الذي يحملها إلى القبر بسبب أنها حركة شعارات في مجتمع حداثي معاصر قطع مع الإسلام بخرافاته وهذيانه. من ينتفض اليوم إنتفاضة الديك المذبوح في تونس؟ اليسار أم النهضة؟ لا تغرنك حملات الإعلام المدججة التي توهم الغافلين أن تونس تيسرت بالكامل. تلك هي رقصات الديك المذبوح عندما يستنجد من حوله فلا منجد. أما مضمونيا فإن يسارا لا بديل له ولا خطاب خارج دائرة تدبيج المقدمات ضد الإسلام وضد النهضة .. هو يسار فاشل بالضرورة. العاقلون اليوم في تونس يؤكدون هذه الحقيقة : كل هجوم إضافي إعلامي ضد الإسلام أو النهضة هو رصيد إضافي للحركة كمن يحصد ليملأ شبكة خصمه كما يقول المثل التونسي.
لنا في التاريخ الحديث المعاصر عبرة إذ لم تجلب حركة الإسلاموفوبيا في أوربا وأمريكا سيما بعد كارثة سبتمبر 2001 سوى إقبالا منقطع النظير على الإسلام ولو لم تكن حركة الإسلاموفوبيا لما كانت حركة إعتناق الإسلام بتلك الوتيرة المتصاعدة.
العاقل من غير المسلمين ليس له حيال الإسلام سوى طريقين لا ثالث لهما : إما الإعتناق عن قناعة وروية وإطمئنان أو المسالمة والمعاملة بحرمة وندية. أما خصومة الإسلام فهي خصومة مرتدة حتما محتوما طال الزمن أم قصر ولكن الأشقياء يورثون لأحفادهم خصومات تاريخية يجني منها الأحفاد عيبا وسوء ظنة بينما يجني منها الأشقياء الذين أوروها ووروثها لعنات من بعدها لعنات.
لكن الثورة أثبتت ضد ذلك بالكامل. إنتعشت الحركة بالثورة التي بعثتها من جديد في ثوب جديد وفكر جديد وأمل جديد. بينما تشبث اليسار بتلابيب الخلافات الثقافية يوري وطيسها لصرف الأنظار يوما من بعد يوم عن إستحقاقات الثورة وحصادها الذي ما زال يرقب الإستثمار لبناء دولة الثورة.
تلك هي طبيعة الأشياء التي ما ينبغي إثارة أي إستغراب حيالها. لم يكن لليسار التونسي أي خيار سوى خيار تقديم المعركة الثقافية في محاولة زائفة فاشلة لتأجيل الإستحقاق الإنتخابي بحسبانه أول إستحقاق سياسي للثورة وبناء دولة الثورة. لم يكن له أي خيار آخر لأنه يعلم جيدا حجمه الإنتخابي وثقله الجماهيري الذي لا يؤهله لخوض أي معركة تعددية. لقد ذهبت أيام الذيل المخلوع الذي كان ينتقي من اليسار ما يزين به جريمته. لقد جرب اليسار على إمتداد عقود طويلة أن المشهد الديمقراطي في غياب الإسلاميين وليمة خائبة لم يغب عنها أكثر الضيوف فحسب بل غاب عنها ما هو أهم من ذلك أي : ملح الطعام الذي يحول الطعام إلى سائغ هنيء مريء.
وما ضر اليسار أن يكون أقلية في دولة إسلامية.
الدولة الإسلامية اليوم حتى بعد الثورة تهمة. هي تهمة تعدل السجن قبل الثورة أما بعدها فهي تهمة تعدل التخلف والقروسطية وخذلان الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية. ظل الإعلام اليساري والدكتاتوري متكافلين على تجريم الدولة الإسلامية حتى فر من تبنيها بعض الإسلاميين أنفسهم وكم تصنع الضغوط من أثقال يؤود حملها الكبار والعظام أحيانا فما بالك بالتابعين. ذلك هو مفعول الأصوليات والسلفيات ما كان منها تاريخيا بعيدا بمثل ما يصنع عبيد السلف الإسلامي أو بمثل ما يصنع عبيد السلف الغربي : أصوليات دغمائية وسلفيات محنطة لا تختلف سوى في الإتجاه التاريخي والحضاري أما الصمم والبكم فهي فيه سواء.
بأي معيار عقلاني ديمقراطي حقوقي معاصر نقبل دولة مسيحية ( الفاتيكان مثلا) أو أحزابا مسيحية ( يحكم كثير منها دولا أوربية ذات وزن إقتصادي وإستراتيجي وسياسي وعسكري مقدر) أو دولة يهودية أو لا دينية أصلا أو عرقية .. ثم لا نقبل دولة إسلامية! أليس الإسلام دينا سماويا مثله مثل اليهودية والنصرانية؟ أليس حجمه العمراني اليوم : ربع الأرض؟ ومعطيات أخرى ديمغرافية وإقتصادية وإجتماعية وتاريخية يضيق عنها المجال هنا ترشح الإسلام لتكون له دولة إسلامية. إذا منع ذلك فالرسالة هي : الحضارة المعاصرة ملك على ذمة غير المسلمين الذين يراد لهم أن يكونوا عبيدا وخدما. الرسالة هي : العيب في الإسلام الذي لا يرشح لدولة وقيادة وريادة ومشاركة ومساهمة. وعندما يكون العيب في الإسلام فإن قيامة الناس آن لها أن تقوم فلا تقعد حتى تحرر الناس من عيب نسب إلى غير أبيه.
حتى قولك أن الدولة في الإسلام دولة مدنية ديمقراطية ذات مرجعية إسلامية .. قولك ذاك تنقصه الدقة. بل هو قول قد تنقصه الجرأة أو تتخلف عنه الشجاعة. هو قول يخشى أن يكون قد تلقى ضربة من الضربات الغربية المكينة أو من بعض إمتداداتها وذيولها.
الدولة في الإسلام دولة إسلامية بمثل أن الدولة في المسيحية دولة مسيحية وأن الدولة في اليهودية دولة يهودية وأن الدولة في الشيوعية دولة شيوعية. أما عندما يكون المحل مناسبا لشرح الدولة الإسلامية فإن قولك أن الدولة الإسلامية هي دولة مدنية وليست دينية وهي دولة ديمقراطية وليست دولة تيوقراطية وهي دولة حرة وليست دولة سادة وعبيد وهي دولة مستقلة وليست دولة تابعة وهي دولة جمهورية وليست دولة ملكية وهي دولة العدالة الإجتماعية وليست دولة الإقطاع الكسروي أو القبطي أو البابوي أو القيصري إلى آخر ذلك من الشروح اللازمة .. عندما يكون المحل مناسبا لذلك فلا حرج عليك. أما النأي عن إستخدام الوصف الإسلامي لدولة أكثر أهلها مسلمون بل هي إسلامية أبا عن جد وكابرا عن كابر .. ذلك نأي إنما تفرضه عليك الضغوط الخارجية وهي تنال منك فيما لا يناسب أن تنال منك ولو نالت منك ونلت منها فيما هو دون ذلك فلا حرج عليك ولا تثريب.
ليس هناك دولة لا لون لها ولا عقيدة ولا رسالة.
الدولة في التاريخ ليست جمعية إغاثية أو حركة حقوقية أو ناديا لتبادل الأفكار والآراء. الدولة هي المؤسسة الجامعة التي يتواضع عليها شعب ما أو مجتمع ما فوق أرض ما لتصريف الحياة الإجتماعية بين الناس على الأسس التي شكلت هوية ذلك الشعب أو ذلك المجتمع. الدولة المعاصرة هي القبيلة في المؤسسة العربية القديمة من حيث أنها مؤسسة جامعة يركن الناس بها لتحقيق آمالاهم ويركنون إليها لصرف النقم عنهم.
أما أكذوبة الدولة العالمانية فلا وجود لها سوى في المخيالات البشرية الفارغة أو التي تريد فرض الفراغ على العقول إرهابا فكريا بإسم الحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان. أي عالمانية فوق الأرض لا تقوم على الديمقراطية والتعددية وحق الإنسان هي عالمانية كاذبة. عالمانية لا تقرر بالتعدديات كلها واقعا ملموسا وليس شعارا خاويا هي عالمانية مغشوشة مزيفة.
حتى ألمانيا الدولة التي فرضت نفسها على الأرض كلها إنطلاقا من البناء الإقتصادي الأمتن بروح إجتماعية تكافلية في إثر هزيمة هتلر المدوية فكانت الهزيمة العسكرية طريقا إلى الرغد الإقتصادي العظيم ومن ثم إلى الريادة الدولية حتى ألمانيا بوضعها ذاك وهو وضع متفرد دوليا لا ينطبق عليها أنها دولة عالمانية بل هي إلى المسيحية أقرب بكثير. دعك مما دبجته الدستاتير وجل يبصرك في الحياة. ألمانيا دولة أدنى إلى المسيحية لا بسبب الموقع السياسي والمالي للكنيسة ومشاريعها وإمتداداتها فحسب ولكن كذلك بسبب الخيارات السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي تنتهجها بديمقراطية ( البوندستاغ ) سيما إذا تعلق الأمر بالشأن الديني داخليا أو بالشأن الخارجي بصفة عامة. أما العالمانية الفرنسية فهي أم الدكتاتوريات العالمانية بإمتياز شديد بأثر من قانون 1905 الشهير.
سل نفسك : أي رسالة للطاقم الأروبي دولا ومؤسسات ومنظمات وحكومات وإئتلافات حيال السامية وإسرائيل وإستحقاقات المحرقة ومؤتمر بازل وإحتلال 1948؟ سل نفسك لتدرك معنى العالمانية والديمقراطية وإنفصالهما بالكامل بل عداوتهما إلى حد كبير في الحقل الأروبي الذي هو محط أنظار العبيد عندنا والقرود والببغاوات.
هذا هو مخطط أذناب اليسار في تونس.
قليلون منا هم الذين إنتبهوا إلى الدور اليساري الممكن في إغتصاب ثورة 14 جانفي في الأيام الأولى لإنبلاجها إذ ذهب الظن إلى فلول الحزب الحاكم المنحل ( التجمع ) وإلى أذنابه في البوليس السياسي. فكانت تلك الفلول وقطعان البوليس هي الشجرة التي وفرت الغطاء الكافي لحليف ثالث يحسن الإختباء : اليسار شريك الذيل المخلوع في جرائمه ضد الهوية العربية الإسلامية للبلاد فضلا عن جرائمه ضد الحريات والديمقراطية والوحدة الوطنية والعدالة وقضية فلسطين.
يقوم مخطط اليسار في تونس على ما يلي :
1 لم الصف ورصه من بعد إنتشار واسع ضمن لفيف من الجمعيات والمنظمات والأحزاب من قبل الثورة ومن بعدها لخدمة الرسالة المقدسة : الحيلولة دون إنتخابات تفوز فيها النهضة.
2 إحتلال المؤسسات القيادية المرحلية الإنتقالية في البلاد إحتلالا لا يقوم على الوفاق بل يقوم على الإنفراد.
3 إخلاء أمكنة ضيقة لغيرهم من مثل النهضة للقيام بدور شاهد الزور والشريك الذي لا شراكة له بقصد أمرين أحلاهما مر : إما تلطيخ الشرفاء بالمشاركة في أعمال خيانية ضد الثورة لإستخدامها عند الحاجة أو قضاء أمر ظاهره ديمقراطي أغلبي وباطنه تحكم وإستبداد.
4 إستخدام الإعلام الفضائي على أوسع نطاق ممكن مما جناه من حصته من إرث الذيل المخلوع بن علي ( قناة نسمة وغيرها بل حتى الوطنية ) لغرز هذه الرسالة فينا : الإسلام دين الماضي والنهضة حركة إسلامية ماضوية لا تلبي حاجات التونسيين المعاصرة سيما فيما تعلق بالمرأة. ورسالة أخرى مفادها : الثورة أنجزت وتمت ونحن الآن على أحسن حال وبن علي حوكم وإنتهى وبعض أزلامه في السجن. ولنرجع إلى المربع الأول : لا للإسلام الذي يقيد الحريات ولا للنهضة التي تطبق الشريعة. أي تشويهات إعلامية لا يصيبها كلل ولا ملل بل لا تصيبنا بالغثيان والقرف والصداع.
5 تأجيل الإنتخابات إلى أبعد حد ممكن بمختلف المعاذير والمبررات في محاولة للإلتفاف على إستحقاقات الثورة وأملا في تبدل الأحوال إما إلى خلو الذاكرة التونسية من ثورة 14 جانفي لتصبح ماضيا بمثل ما أصبحت ثورة جانفي 1984 ماضيا أو إلى فشل الثورات المتزامنة مع الثورة التونسية وخاصة الثورة الليبية التي سيكون فوزها برحيل السفاح المجرم القذافي ضربة موجعة لليسار التونسي أو إلى إنتعاش اليسار الفرنسي والأروبي عامة من بعد صعود زرافات اليمين هناك بما يكثف من الضغوط ضد الثورات العربية وضمان الحد الأدنى من المصالح الفرنسية والأروبية في تونس ومؤازرة اليسار التونسي أن يفقد مواقعه.
6 الإستعاضة بإثارة الخلافات الثقافية بينه وبين الإسلاميين بل بينه وبين هوية البلاد والشعب بأسره بمثل ما حدث مع عرض فيلم ( لا سيدي لا ربي ) في قاعة أفريكوم بالعاصمة التونسية قبل أيام قليلة عن الحديث السياسي الذي يكون مآله الإنتخابات والإعداد لها والتفكير في إتجاه ولون الدولة الجديدة. وبذلك تغرق البلاد في صراعات ثقافية محتدمة تفترس الثورة يوما من بعد يوم حتى تحيلها إلى عصف مأكول ويوحي اليسار إلى الناس أن المشكلة في تونس مشكلة ثقافية ومعركة فكرية بين تيارين رئيسين في البلاد : اليسار والإسلاميون وهو تحريف مقصود إذ لا وجود لتيار شعبي إسمه اليسار ولا وجود لمعركة حول هوية البلاد.
7 جر النهضة أو الشباب المتدين حديثا إلى التلهي عن أخص إستحقاقات الثورة أي الإنتخابات وتأمين ميلاد الدولة الجديدة بإثارات ثقافية لم تحسم ولن تحسم حتى يرث الله الأرض ومن عليها بل هي إثارات نخبة متغربة لا تجد في الشارع و البيت والمدرسة والمعهد والكلية والمقهى والمصنع أي صدى.
8 إستفزاز الشباب المتدين حديثا بعروض ثقافية بإسم حق الإبداع وحرية الرأي في صدام جريء وقح ضد الهوية العربية الإسلامية للبلاد بغرض إفتعال معارك وإثارة ردود فعل متشنجة بأثر من الإستفزازات الموغلة في التحدي والوقاحة وتحويل تلك المشاهد مهما كانت محدودة صغيرة إلى قضايا الساعة ومحاور الحدث السياسي والإعلامي والثقافي وربما يتطور الأمر بمثل ما كان يفعل الذيل المقطوع بن علي أي ملء القاعات والمشاهد بأدوات العنف ليبرزها الإعلام اليساري الكاذب إلى الناس على أساس أنها غزوات سلفية يشنها الشباب المتدين ضد الحداثيين والديمقراطيين والفنانين.
9 تكرار تلك المشاهد الإستفزازية لجر النهضة إلى حلبة صراع ثقافي ليس هذا أوانه أي قبل بناء دولة الثورة من جهة وجر الشباب المتدين إلى إرتكاب بعض ردود الأفعال لتضخيمها إعلاميا من جهة أخرى وتحويل المشهد التونسي في عيون التونسي نفسه وعيون الأجنبي وخاصة الأوربي إلى ساحة وغى بين الحداثة والإسلام.
10 ملء الساحة بذلك كله إعلاميا وميدانيا و فنيا ( بالفن الهابط عرضا ورسالة ) وإثارة الشاهد الدولي وإتاحة لفرص أخرى من العنف تقترفها فلول التجمع المنحل وقطعان البوليس السياسي للحد من التأثر بالثورة التونسية عربيا ودوليا وتقديم دليل واقعي ملموس على أن إجراء إنتخابات في مناخات موبوءة بالعنف والإرهاب والتهديد من لدن السلفية والأصولية والإسلامية والنهضة هو عمل عابث لا يحقق حرية ولا ديمقراطية ولا يبني الدولة المنشودة.
11 الإنتهاء بأثر من ذلك كله إلى الحل المنشود من فلول اليسار أي : تجنب الإنتخابات وإرجاؤها إلى حد إلغائها والإستعاضة عنها بدولة هشة ضعيفة غير منتخبة بل محل توافق من النخبة اليسارية التي تملأ مؤسسات ما بعد الثورة وما قبل الدولة فإن كان الإسلاميون شهداء زور فيها فبها ونعمت وإن لم يكونوا فهم دعاة إنفراد وماضوية وتسلط ولا مكان لهم خارج المساجد إلى حين إغلاق المساجد بمثل ما فعل حليفهم المخلوع بن علي.
كيف نواجه ذلك؟
1 تعميق الوعي بأن لكل ثورة إصلاحية أعداؤها وخصومها طبيعة مطبوعة في الأشياء والأمور لا تتخلف ليميز الخبيث من الطيب.
2 مواصلة تأجيج الوهج الثوري في الناس عاطفة وإنتماء وعقلا وتخطيطا سواء بسواء.
3 إطفاء الحرائق الإجتماعية والعرقية والجهوية التي يوريها أعداء الثورة ( الثلاثي الخبيث : التجمع المنحل وفلول البوليس السياسي وشراذم اليسار المتهالك ) بالنفس الإسلامي التربوي الإصلاحي. هناك اليوم مثلا بوادر حرب أهلية مدمرة بين جهتي مدنين وبنقردان منشؤها التجارة في البنزين والمحروقات بين ليبيا وتونس.
4 حسن إحتضان الثورة الليبية والحالة الليبية بأسرها بما يؤمن الثورة الليبية في تونس من جهة سيما أنها تتعرض لنار الكتائب فوق الأرض التونسية ( جربة في الأيام الأخيرة مثلا) ومن جهة أخرى تضييقا للخناق على الحكومة المؤقتة لعدم تسهيل الإجراءات اللوجستية كما يقال لفائدة الكتائب التي لا زالت تستفيد من رخاوة وهشاشة الموقف التونسي الرسمي لإستجلاب قناصين ( من أوكرانيا مثلا ) وتسهيلات أخرى.
4 تأخير المعركة الثقافية سيما في المستويات الرسمية حزبيا وغير ذلك إذ لا يناسب حركة النهضة أن تنشغل بذلك عن تأمين الإستحقاقي الثوري الأول أي : تأمين إنتخابات شعبية ديمقراطية نزيهة في موعدها المحدد وأن تكون الحارس المؤتمن على ذلك.
5 إذا إستدعت الحالة أن تكون هناك ردود فعل جماهيرية تلقائية على إستفزازات اليسار المتهافت ضد هوية البلاد مما يسميه إبداعا فنيا وحرية رأي فإن تلك الحالات يجب أن تكون محدودة في الزمان ومحبوسة في المكان بل ومحسوبة مكانا وزمانا لأن أيلولتها إلى ما يشبه الثورة الشعبية المضادة يناسب اليسار ولا يناسب مستقبل البلاد. يناسب اليسار ليؤكد أن المشكلة ثقافية وليست سياسية وأن الحاجة إلى عقد جمهوري يؤلف وليس إلى دولة ثورة تؤمن المسار الثوري.
6 محاولة تفريغ ما سمي بلجنة حماية الثورة من محتواها ودورها من خلال تحويل البلاد كلها إلى لجان لحماية الثورة وضمان الإنتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي. لجان حقيقية شعبية جماهيرية منتخبة فضلا عن التعبئ بذلك الوعي وقوامه أن الثورة ليس لها من حام سوى الشعب الذي فجرها من بعد الله سبحانه. إذا أضحت تلك اللجنة خاوية إلا من شراذم اليسار الإنتهازي الوصولي الإستئصالي أو واصلت في طرح موضوعات تنتحل بها صفات دستورية غير مخولة لها فإن إنشاء لجنة أخرى موازية على طريق الإنتخاب أو التوافق الحقيقي يصبح ممكنا وإيجابيا.
7 الإنتباه إلى حيل جديدة تختلقها لجنة الإنتخابات العليا إما لتأخير موعد الإنتخابات في 23 أكتوبر المقبل أو لتنصيب لجان مراقبة جهوية مؤهلة للتزوير وإفتعال المعارك الجانبية حتى يوم الإنتخاب ذاته لإلغاء النتائج وقد يكون هذا هو المرجح حتى اليوم ولكنهما مشهدان يسيران جنبا إلى جنب ليدعم أحدهما نجاح الآخر.
8 بناء تصور متكامل لمشهد توضيح آراء الحركة ومواقفها وخياراتها الداخلية والخارجية قوامه البناء المتكامل والمؤصل في الإسلام وفي العصر وحاجة الناس من جهة والكشف والتوضيح وليس التبرير أو التطمين من جهة أخرى إذ للحن القول دور ثقيل جدا في تصدير الرسالة بمثل ما يبوء بذلك المبنى ذاته. ترك ذلك للصدفة والدعوة والإرتجال وشطارة هذا وعياء ذلك لا ينم عن تصور متكامل.
9 البحث عن التحالفات الفكرية والثقافية والسياسية لمواجهة خطة اليسار الإنقلابية.
10 المساهمة في الخدمات المحلية والجهوية مساهمات جادة ميدانية معتبرة ليرتقي المشهد من مجرد تطهير بلدية أو تنظيف حي إلى ما تحتمله الأوضاع الإنتقالية من حركات إغاثية واسعة في بعض القطاعات الحساسة من مثل السكن والتعليم والصحة على أساس الإستثمار وليس على أساس العطية الطارئة.
11 مواجهة الإعلام اليساري المضلل بإعلام حر لا يركز على تفنيد الأكاذيب بقدر ما يركز على حسن التفاعل مع الناس وحسن إبراز الصورة الحقيقية تاريخيا وحاضرا سيما أن فئات من التونسيين لا تضمهم الإجتماعات العامة ولكن تحتكر آذانهم فضائيات الدجل والكذب والتزوير.
12 إفراد المرأة التونسية بنصيب مقدر من كل ذلك والإقرار بهذه الحقيقة : نجح نظام الذيل المخلوع بن علي وأزلامه من اليسار المتهالك في تزوير الصورة وتزييف الوعي إلى حد كبير سيما فيما يتعلق بقضية المرأة وفي أذن المرأة المثقفة بصفة خاصة.
13 التهيؤ لإعتصامات شعبية مدوية تكون حرزا واقيا ضد تأجيل آخر لموعد الإنتخابات وذلك منذ الآن ( ومن يتوق الشر يوقه ) أو لأي مؤامرة أخرى تستهدف إجهاض الثورة بأيدي يسارية أو قفازات من حرير.
14 المساهمة في بعث الأمل في الثورة والثوار لمواجهة نفس شعبي لا تخطئه العين سيما في الأرياف البعيدة قوامه تسلل خيوط اليأس الأولى من الثورة وإيراد ما لا يحصى من الشواهد على ذلك. الحالم بالثورة ثائر والآمل فيها ثائر أما اليائس منها فلا أمل منه أن يساهم فيها.
15 المساهمة في توفير الحد الأدنى من الأمن للمواطن سيما في الأماكن البعيدة عن مواطن العمران أو المتاخمة لكتائب القذافي أو التي قد تصدعها النعرات الجهوية والقبلية أو يكون فيها للتجمع المنحل أو للبوليس السياسي أو لليسارالمتهالك حضور أو فعل. أولئك كلهم يتوسلون إلى إجهاض الثورة ببث اليأس منها وبنصب كمائن الذعر بتغييب الأمن وفرض الفقر والفاقة. الحاجة والخوف هما أعدى أعداء الثورة الكفيلان بإغتصابها.
الحوار.نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.