وزير التشغيل: الانتدابات بالوظيفة العمومية سنة 2026 ستفوق 20 الف انتداب    القسام: تم تنسيق موعد الإفراج عن عيدان ألكسندر مع الصليب الأحمر    عمال الحضائر دون 45 سنة يطالبون بالتسريع في تطبيق اتفاق 20 اكتوبر 2020    نحو تحديد سعر الكلغ الحي من أضاحي العيد    لأوّل مرّة: تونس تقوم بتجربة ''الاستمطار''    وزير التجهيز والإسكان يشرف على توزيع 30 مسكنا اجتماعيا بمدينة نبر    تونس تبدأ أوّل تجربة للاستمطار... لكن ما معنى الاستمطار؟    الجولة الأخيرة من الرابطة المحترفة الأولى...المواجهات والمواعيد    تحت شعار "نحو فلاحة ذكية من اجل سيادة غذائية" تونس تحتفل اليوم بالعيد الوطني للفلاحة .    عاجل/ أرقام مفزعة: نصف مليون شخص مهدّدون بالموت جوعا في غزة    عاجل/ تونس تُجري أول تجربة استمطار    كاس العرب للمنتخبات لكرة اليد: المنتخب القطري يتوج باللقب.    موعد مباريات نهائي بطولة كرة السلة بين الاتحاد المنستيري والنادي الإفريقي    حسين الجسمي يرزق بمولود جديد    الإليزيه يعلق على مقطع فيديو "منديل ماكرون" في كييف الذي أثار جدلا واسعا    إضراب بيومين للوكالة الفنية للنقل البري في هذا الموعد    مرصد الطاقة والمناجم: ارتفاع رخص الاستكشاف والبحث عن المحروقات في تونس    37.7 مليار صادرات القوارص حتى ماي 2025    منذ بداية السنة: حجز أكثر من 86 ألف حبّة مخدّرة و13 كلغ من الكوكايين.    معهد الرصد الجوي: شهر أفريل 2025 كان شهرا ممطرا جدا في عدّة مناطق تونسيّة    ريم بن مسعود: ''التمثيل لم يكن حلمي''    الجزائر تطرد شخصين اتهمتهما ب"الانتماء للاستخبارات الفرنسية"    بعد كورونا...ارتفاع إصابات التعب المزمن    فوائد استخدام صودا الخبز في الغسيل: حل طبيعي وفعّال    تغيير بسيط في طعامك يطيل العمر ويحميك من الأمراض..وهذه التفاصيل..    عاجل/ هلاك فتاة تحت عجلات القطار..    استشهاد 16 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء في قصف صهيوني على غزة..#خبر_عاجل    شحنة من اللحوم الحمراء الموردة ستصل تونس وتضخ في الأسواق بداية من هذا التاريخ..#خبر_عاجل    16 سنة سجنا في حق بلحسن الطرابلسي    عاصفة متوسّطية تضرب تونس؟ عامر بحبة يكشف الحقيقة ويُطمئن المواطنين    الهند تعيد فتح 32 مطارا أغلقتها خلال التصعيد مع باكستان    "علوش" العيد ب800 دينار..!    اتحاد المرأة: 5708 حالة طلاق بالتراضي في تونس سنة 2022    يهم الأولياء: بداية من منتصف نهار اليوم: إعادة فتح باب التسجيل عن بعد لتلاميذ السنة أولى أساسي..    محرز الغنوشي: اليوم..أجواء ربيعية شمالاً وصيفية جنوباً    عاجل/ هيئة ادارية غدا لجامعة التعليم الثانوي وكل التحركات والاحتمالات واردة..    رئيس الجمهورية يُعفي والي بن عروس ويعيّن عبد الحميد بوقديدة خلفًا له    عثمان ديمبلي يُتوج بجائزة أفضل لاعب في الدوري الفرنسي    بطولة ألمانيا: آينتراخت فرانكفورت يسقط في فخ التعادل امام ضيفه سانت باولي 22    براكة الساحل: وفاة فتاة تحت عجلات قطار    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أميركا والصين تتوصلان لاتفاق لوقف حرب الرسوم الجمركية    كأس تونس لكرة السلة: النادي الإفريقي والاتحاد المنستيري وجهاً لوجه في نهائي واعد يوم 1 جوان    الدورة الثامنة من المهرجان الدولي لفنّ السيرك وفنون الشارع.. عروض من 10 دول تجوب 10 ولايات    جوائز هامة لمسرحية «ضفائر طيبة»    المرسى القديم ببنزرت يحتضن فعاليات الدورة الثانية لتظاهرة " عودة الفينيقيين"    بلاغ وزارة الصحة إلى الحجيج سلامتكم مسؤوليتنا الكلّ    المهدية: جولة جديدة لمصارعة المجالدين بالمسرح الأثري بالجم ضمن مهرجان الايام الرومانية    الرابطة الأولى.. نتائج الدفعة الثانية من مواجهات الجولة 29 والترتيب    كاس العرب للمنتخبات لكرة اليد: المنتخب التونسي ينهي مشاركته في المركز السابع    القيروان: الدورة الثانية لمسابقة المطالعة بالوسط الريفي    وفاة "كروان الإذاعة" عادل يوسف    مدينة العلوم بتونس تنظّم يوم الاثنين 26 ماي سهرة فلكية بعنوان السماء الرقمية : علوم البيانات والذكاء الاصطناعي""    المرض الذي عانى منه ''كافون''    القصرين: أكثر من 1400 تلميذ ينتفعون بخدمات قوافل طبية حول صحة الفم والأسنان    معهد البحوث الفلكية في مصر.. لا نتدخل في تحديد توقيت عيد الأضحى والأمر متروك للسعودية    مجلس نواب الشعب ينعى الفقيد النائب نبيه ثابت    منبر الجمعة: واعرباه. وا إسلاماه. هل من مجيب؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفساد الاداري: المفهوم والجذور والأسباب والأشكال (1)
نشر في الشروق يوم 30 - 03 - 2011


(جعفر حسين، باحث تونسي في علم الاجتماع)
تتنامى التحديات التي تواجه العديد من المجتمعات في هذا العصر في سبيل تنميتها، فقد اتضح من خلال التجربة الانسانية الوطنية، أن معوقات التنمية في هذا العصر لا ترتبط بشكل كبير بالأوضاع الاقتصادية أو السياسية أو الدولية بقدر ارتباطها بحياة الفرد كمواطن لأنه اللبنة التي تبنى عليها أي تنمية يراد لها النجاح، وفي سبيل تحقيق هذا الأمر نجد الأصوات ترتفع منادية بالاصلاح في الوطن العربي، وان اتسم غالبية هذه الأصوات بالصبغة السياسية الا أنها في المجمل تصب في مسار التنمية البشرية وتدفع باتجاه رفع المعوقات، وزيادة وتسريع الخطوات التنموية لمصلحة المواطنين والأوطان .
ان معوقات التنمية هي ذاتها من خلال تدوير الزوايا معوقات الاصلاح، وبتشخيصها ومعالجتها تتحقق الكثير من الاصلاحات وتنجح عمليات التنمية وكلما تجاوزنا عائقا عن الاصلاح تجاوزنا عائقا عن التنمية والعكس صحيح أيضا.
وقد ازداد الاهتمام عالميا واقليميا وقطريا بهذه القضية بسبب الانفتاح الاعلامي والفضاء المفتوح وسرعة متابعة القضية وتدفق الكم الهائل من المعلومات حولها واتساع حجم الدوائر المهتمة بها ومشاركة الشعوب في صناعة القرار وكذلك بسبب تضرر مصالح الدول والمجتمعات من وجودها ولخطورة آثارها الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية.
وسنحاول في هذا التحليل تقديم مفهوما للفساد الاداري، متعرضين لجذوره وأسبابه وأشكاله.
هناك تعريفات متعددة للفساد الاداري والمالي تتمحور حول اختلال سير العمل الاداري وانحرافه عن المسارات الصحيحة في الوصول لتحقيق أهداف الدولة بسبب تفشي الأخطاء والرشوة والمحسوبية واستغلال السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة شخصية أو جمعية على حساب المصالح العامة.
العلاقة متشابكة بين الفساد الاداري والفساد المالي فكل منهما يفضي الى الآخر فلا يمكن أن يسير أحدهما الا على مركبة الآخر، لأن وجود أرضية للفساد الاداري تفتح الشهية للفساد المالي والعكس صحيح أيضا .
أما في مستوى الجذور، قلما يجد الانسان مجتمعا ما معافى أو دولة ما خالية من مشكلة الفساد الاداري والمالي لأنها مشكلة مرتبطة بطبيعة الانسان وفطرته وثقافته وبالتالي فهي قضية مؤرخة بجذور التاريخ البشري ووجوده على الأرض ، وكيفما كانت حقيقته ومكوناته تتشكل سلوكياته وانفعالاته.
فالسلوك السوي أو المنحرف هو نتاج عملية تتفاعل فيها العوامل الحيوية الصادرة من داخل الفرد نفسه، والمؤثرات الاجتماعية كمصادر خارجية، فمن داخله غريزة وانفعال لذة التملك وغريزة الاستعانة بالغير بسبب الشعور بالعجز
والحاجة الى المكانة والتقدير الاجتماعي والنجاح والأمن والحب.. فمنها دوافع فطرية وأخرى مكتسبة وبعضها مشروع وأخرى غير مشروعة.
لذلك يحل الفساد أينما حل صاحب السلوك المنحرف ما لم يكن له رادع يردعه من قانون فاعل أو رقابة فعلية، هذه القاعدة تقلل من حجم الدهشة والتعجب من وجود الفساد المالي والاداري في المجتمعات والدول المتقدمة مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا، أوفي كيانات دولية مثل هيئة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، والقبول نظريا بهدف البحث بوجود المشكلة في مجتمعات ودول العالم الثالث المتخلفة ، أما في الوطن العربي فقد تجاوزت كلفة الفساد 100 مليار دولار كما جاء في تقرير منظمة العمل العربية.
بعد أن تطرقنا الى مفهوم الفساد الاداري وجذوره سنحاول التطرق الى أشكاله، حيث تعددت المعايير التي استخدمها المعنيون بدراسة وتصنيف الفساد الاداري فاتخذت ثلاثة معايير أساسية يمكننا تلخيصها بما يأتي :
الشكل الأول معيار الرأي العام، قسم أنصار هذا المعيار الفساد الاداري الى ثلاثة أنواع جعلوا لكل منها لونا وهي (الأسود والأبيض والرمادي يكون الفساد الاداري أسودا عندما يتفق الجمهور والعاملون على سلوك معين على انه رديء أو سيّئ. وعندما يرضى الجمهور والعاملون على سلوك معين فان هذا السلوك يعد فسادا اداريا ابيض، أما عند غياب مثل هذا الاتفاق فأن الفساد يكون في هذه الحالة رماديا، وهذا يعني أن رجال الادارة عندما يعتبرون تصرفا ما سيئا قام به احد الموظفين وأدى بالتالي الى فشل أو نجاح معين فأنه يكتسب في هذه الحالة لونا اسودا أو أبيضا ، أما اذا لم يحصل هذا العمل أو التصرف على قبول أورفض كلي فأنه سيتخذ لونا رماديا .
الشكل الثاني، معيار الممارسين للفساد ووفقا لهذا المعيار فان الفساد الاداري اما أن يكون فسادا فرديا أوتنظيميا, فالفساد الفردي يتمثل بالنشاطات والسلوكيات المنحرفة التي يمارسها فرد معين لتحقيق مصالح شخصية ، أما الفساد النظمي فأنه يتمثل بالنشاطات المنحرفة التي تمارس من قبل منظومة أو منظومات فاسدة وهي في العادة تضم مجموعة من الأفراد قد يكونوا جميعا من داخل الأجهزة الادارية المعنية بممارسة الفساد الاداري أو يكون بعضهم من خارج تلك الأجهزة ولكن يرتبط بمصالح شخصية معينة مع جهات خارجية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.