أجمعت كل التحاليل الصحفية التي تناولت خبر اقالة وزير الداخلية فرحات الراجحي ظهر الاثنين وتعيين ا لسيد حبيب الصيد بديلا له أن قرار اقالته يعود بالأساس الى حالة القطيعة بين الراجحي و«الماكينة» الأمنية كما أسموها. وقالوا إن الراجحي الذي تم تعيينه وزيرا للداخلية يوم 27 جانفي الماضي نجح عبر اطلالة تلفزية واحدة في كسب شعبية له على حساب «الجهاز الأمني» بعد أن اتهم عددا من أعوانه «المنتفضين» في أروقة الوزارة باقتحام مكتبه والاستيلاء على معطفه وهاتفه الجوّال. كما أجمعت تلك التحاليل على أن الراجحي لم يستطع أداء دور رجل المرحلة الامنية الحالية والتي ما تزال تسودها التوترات رغم عودة الهدوء... فهو لم يظهر كأنموذج للوزير الحازم الذي يتولى أهم حقيبة وزارية في الدولة. أيّا كانت أسباب الاقالة نودّ فقط أن نلفت نظر أصحاب القرار أننا احترمنا في شخص الراجحي الشفافية والصراحة التي لم نعهدها في المؤسسة الأمنية من قبل... وأننا نحترم الجهاز الامني ونحتاجه وأننا نتمنى أن تتوقف أحقاد «الماكينة» الأمنية عند اقالة وزير أهانهم مباشرة بعد توليه المنصب... وأننا نتمنّى من شرفاء المؤسسة الأمنية الالتزام بما صرحوا به بعد 14 جانفي بأنهم هم الذراع الأيمن للشعب. لا أحد منا ينكر على الاطلاق حاجتنا الاكيدة للجهاز الأمني... لكننا لا نريد عودة بوليس بن علي الذي أرهق الشعب وأرّقه... فلم يسلم منه أحد... أصحاب الرأي المخالف وممثلي المجتمع المدني والصحفيين والطلبة وحتى التلاميذ. كان الكل يستعلم عن الكل في مشهد مأساوي خانق... فبن علي مرّر هوسه الأمني ومرضه الاستخباراتي الى الدولة. لا نريد عودة جهازنا الأمني بذات الهيبة «البوليسية» التي فرضها نظام المخلوع... نودّ علاقة جديدة قوامها الشفافية التي نجح السيد الراجحي في كسبها ونتمنى أن يلتزم بها الوزير الجديد السيد الصيد. نودّ علاقة تواصلية يحفظ بمقتضاها جهازنا الأمني حق الصحفي في الوصول الى المعلومة وحمايته... فلكم ثقتنا ولنا أمننا وحريّتنا هكذا نودّ أن تكون ثوابت علاقتنا الجديدة... في تونسنا الجديدة الخالية من الاكراه والقمع... في وطننا الذي استفاق ذات صباح شتوي جميل على مطلب الحريّة والكرامة.