بعد اعتصام دام يوما واحدا من بعض العمال الفارين من جحيم الحرب بليبيا في مدخل مدينة الحامة للمطالبة بالالتفات الى وضعهم الصعب عاد الهدوء ليخيم من جديد على المدينة لتنعم بأمان لم تسجل خلاله أية حوادث تذكر رغم قلة أعداد أعوان الأمن والحرس الوطني المعاضدة لجهود الجيش الوطني. الحامة من أهم المعتمديات بولاية قابس لثقلها السكاني الذي يبلغ حوالي 120 ألف ساكن وشساعة مساحتها وتعدد مناضليها على امتداد تاريخها، بل ولعل ما يعطيها ميزة وأهمية كبرى هي حماماتها الاستشفائية المنتشرة في كل مكان تقريبا وتستقطب أعدادا كبيرة من أهالي المناطق المجاورة وحتى البلدان المغاربية وخاصة الأشقاء الليبيين والجزائريين ويقام سنويا ومنذ أربعين سنة تقريبا خلال النصف الثاني من شهر مارس «مهرجان الحامة للمياه المعدنية الحارة» ويشهد اقبالا مكثفا للجماهير لمواكبة العروض التنشيطية التي تقدمها الفرق الموسيقية والاستعراضية لفرسان الجهة وخيالات المناطق المجاورة. هذا المهرجان كان يخلق منذ حوالي أربعين سنة حركية ثقافية وتجارية وسياحية تساهم في تنشيط المدينة، إلا أنه ونظرا للظروف الأمنية الحالية، فقد تم الغاؤه رغم محاولات بعض المثقفين اقامته وإن على نطاق ضيق وهو ما لم يحصل لعدّة اعتبارات بما جعل الجهة تخسر فرصة لتنشيط الحركة التجارية بالمدينة أهاليها في أمس الحاجة إليها. أهالي الحامة يعتبرون أن معتمديتهم تشكو عديد النقائص في التنمية والتشغيل وتعاني التهميش والاقصاء منذ عهد الحبيب بورقيبة بسبب وقوفهم الى جانب صالح بن يوسف ثم تواصل الأمر في عهد بن علي باعتبار أن زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي أصيل الحامة. هذا التهميش التنموي جعل المعطلين من حاملي الشهائد العليا يرتفع الى حوالي 5600 شاب من أبناء الجهة وقد ساهمت أطراف عديدة كاللجنة الجهوية واللجنة الشبابية لحماية الثورة واتحاد الشغل وعقلاء الجهة في تأطير احتجاجاتهم ومطالبهم المشروعة فلم تخرج عن اطارها الحضاري السلمي.