اذا كانت الحضارة البابلية قدمت للبشرية احدى العجائب السبع ممثلة في الحدائق «المعلقة» وان كانت الحضارة الفرعونية تركت واحدة أخرى من عجائب الدنيا اسمها الاهرامات وان كانت الحضارة الصينية ساهمت في عجائب الدنيا بسور الصين العظيم فان «حضارة»الدكتاتور المخلوع بن علي تركت في تاريخ بلادنا ما لا يصحى من «العجائب والغرائب» من ضمنها «المحاكم المعلقة». نعم على غرار حدائق بابل المعلقة، ترك نظام«المخلوع» محاكم «معلقة» وعلى من يريد التأكد مما أقول زيارة محكمة ناحية تونس وهناك سيكتشف العجب العجاب. تعتبر محكمة ناحية تونس أكبر محكمة من نوعها في بلادنا وهي تضم 16 قاضيا اضافة الى الرئيس وحوالي مائة موظف وعون وهي الوحيدة التي تتعامل مع الأجانب خصوصا في ما يتعلق بحجج الوفاة وتستقبل يوميا مالا يقل عن 600 مواطن ينالون «عقابا» بمجرد أن يتوجهوا الى المحكمة. ذلك ان محكمة الناحية تقع في الطابق الرابع بمبنى «دار الحزب القديمة» وهو مبنى يضم عدة إدارات ومصالح أخرى لا يجمع بينها أي قاسم مشترك عدا أنها من «عجائب وغرائب» عهد المخلوع ان نجد في نفس المبنى إدارة الشرطة الاقتصادية ومصالح التراتيب البلدية والمركز الثقافي لمدينة تونس اضافة الى مصالح اخرى عديدة. والغريب في الأمر ان كل تلك الإدارات والمصالح تقع في الطوابق السفلى في حين «تقبع» محكمة الناحية في الطابق الأخير مما يجعل قاصدها يعاني حوالي مائة «درجة» صعودا ومثلها عند النزول ولكن ان تتصوروا الحالة التي يخرج بها قاصد تلك المحكمة فضلا عما يلاقيه العاملون فيها سيما ان معدل أعمارهم يحوم حول الخمسين سنة، فماذا ننتظر من موظف يعاني تلك المشقة يوميا وأحيانا عديد المرات في اليوم الواحد؟. ان الوضعية التي يعيشها القضاة والموظفون والمتقاضون في محكمة ناحية تونس تقف شاهدا على «عجائب» عهد الدكتاتور واعتقد ان ثورة الكرامة جاءت بالأساس لتقطع دابر تلك العجائب والغرائب فمتى تحصل محكمة ناحية تونس على نصيبها من الثورة وتنتقل الى موقع يليق بالقاضي والمتقاضي؟.