وأجمع مواطنون استمعت اليهم «الشروق» ان التجار نفوا اي دخل لهم في هذه الزيادات وكل ما في الامر هو ان الموزّعين والمزوّدين (أي المنتجين) هم الذين قرروا الترفيع في أسعار منتجاتهم وضمّنوها بفواتير التسليم، ولا يجد التاجر من حلّ غير البيع بتلك الأسعار الجديدة رغم احتجاجات الحرفاء... كل المواد والجدير بالملاحظة هو ان الترفيع في الاسعار شمل تقريبا كل المواد الاستهلاكية التي يحتاجها المواطن للمعيشة اليومية باستثناء المواد الأساسية التي يقع عادة تأطير أسعارها من الدولة مثل الحليب والخبز والبيض والسكر والطماطم المعجونة والشاي والأرز... أما المواد الاخرى التي تُصنّف أسعارها ضمن «الأسعار الحرة» على غرار التنظيف والاستحمام والعصائر والمشروبات الغازية ومشتقات الحليب والمصبرات الغذائية (خاصة التن) والحلويات والقهوة وحفاظات الرضع وكذلك الزيوت النباتية غير المدعمة (التي حصلت فيها ترفيعات مشطّة بلغت (700مي للتر الواحد)، هذه المواد شهدت أسعارها ارتفاعا لافتا للانتباه وهو ما أثر بشكل كبير على المقدرة الشرائية اليومية للمواطن باعتبار انه لا يمكن لأي كان ان يستغني في معيشته اليومية عن هذه المواد. كما شملت الزيادة ايضا أسعار عدة خدمات على غرار المقاهي والمطاعم وغيرها. انشغال المواطن أجمع كل من استمعنا اليهم حول هذا الموضوع ان المنتجين والمصنّعين استغلوا انشغال المواطن بأحداث الثورة وبالانفلات الامني وبالشأن السياسي والاعتصامات وغيرها، ل«يسرّبوا» أسعارهم الجديدة المرتفعة.. وبالفعل مرّ الامر دون ان يثير انتباه الكثيرين وهو ما شجع كل المنتجين والمصنّعين على الزيادة في الاسعار.. كما وصل الامر بآخرين حد التمادي في الترفيع، مما جعل عدة مواد تشهد أكثر من زيادة واحدة في سعرها في المدة الاخيرة...وهو ما يذكّرنا بما كان يحصل في عهد النظام السابق عندما كانت السلطة تستغل انشغال الناس بحدث رياضي أو فني او سياسي أو عالمي لتسريب زيادة في الأسعار. جشع... ومكافأة يصف كثيرون ما حصل في الايام الاخيرة ب«جشع» أصحاب المصانع المنتجة لهذه المواد التي شهدت ارتفاعا غير معقول في أسعارها. اذ لا شيء يبرر هذا الترفيع خاصة ان المواد الأولية (التي جرت العادة ان يتلكأ عليها كثيرون) لم تشهد اي ارتفاع في الأسواق العالمية خلال الفترة الاخيرة.. وعلى الصعيد الوطني عادة ما يتكؤ أصحاب المصانع على ارتفاع أسعار الطاقة والمحروقات او على ارتفاع الاجور او الاداءات لتبرير ارتفاع أسعارهم، لكن هذه المواد لم تشهد في المدة الاخيرة اي ترفيع في أسعارها وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول ما حصل.. ويرى البعض ان أصحاب المصانع «كافؤوا» الشعب التونسي بهذه الزيادات في الأسعار بعد ثورته تجاه النظام البائد وكان من المفروض ان تكون المكافأة بالإبقاء على الأسعار القديمة او التخفيض فيها في انتظار ان تتحسن الظروف الاجتماعية للمواطن والظروف الاقتصادية للبلاد بشكل عام. فالثورة ستحقق حتما للناشطين في المجال الاقتصادي ولو على المدى الطويل او المتوسط نتائج إيجابية بعد أن عانى رجال الاعمال وأصحاب المصانع والمؤسسات من الظلم والقهر والاستيلاءات طوال العهد السابق وكان من المفروض ان يكافؤوا المواطن الذي كان وراء هذه الثورة بطريقة أخرى وليس بطريقة أثبتت انه لا تفكير لهم الا في الربح المادي و«الجشع» على حساب المواطن البسيط الذي مازال يعاني الى الآن من مخلفات نظام حرمه من أبسط حقوقه المادية. تدخل رغم أن نسبة هامة من الأسعار المعمول بها في بلادنا (حوالي 87٪) حرة ولا توجد الا نسبة 13٪ من الأسعار مؤطرة من الدولة، الا ان أغلب المواطنين يجمعون على ضرورة تدخل الدولة عبر وزارة التجارة لدعوة المنتجين والتجار الى عقلنة الأسعار والى عدم الانسياق وراء مظاهر الفوضى والانفلات الحاصلة في مجالات أخرى والى عدم استغلال تراجع نشاط المراقبة الاقتصادية لتسريب مثل هذه الزيادات. فاضل الطياشي تونس الشروق : يتواصل من يوم الى آخر ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية اليومية بطريقة غريبة فاجأت المواطن خاصة انه لا يوجد اي مبرر منطقي لهذا الترفيع.