قرية ولدت من رحم الجبل وضعها بلطف وحنوّ كما تضع الأم صغيرها عند سفحه انها حكاية قرية عين سنان مع هذا الجبل مائدة يوغرطة تنتشر منازلها هنا وهناك حول منبع ماء العين ذي صبيب عال ماؤها حلو المذاق ومؤثر في الجهة حيث تمتد أسفله عديد الضيعات الفلاحية التي مثل ماء العين طريقها للحياة والقلاعة للعمل في نشاط فلاحي ذي طابقين كما يقولون حيث توجد عديد الأشجار المثمرة وتمتد تحتها على طول هذه الضيعات زراعة الخضر. فجأة غادرها أهلها في نزوح فردي وبعض الأحيان جماعي والسبب قسوة الظروف الحياتية حيث بعض أطراف هذه المنطقة معزولة وكأن جسمها قد أصيب بالجرب حيث يرفض الجميع الاقتراب منها. فمنطقة المرايحية وهي جزء من عين سنان تقطنها حوالي 20 عائلة محرومة من عديد الاشياء فالماء مثلا يتم نقله على الدواب وفي أوعية بلاستيكية من حوالي 1500 متر ومع تزايد الحاجة للماء أصبح العبء ثقيلا. يقول السيد محمد مرايحي توجد بيننا بعض النساء المقعدات والمستعدات لدفع 10 دنانير كاملة ثمن 40 لترا من الماء، انها وضعية صعبة كما يقول مازال الخير في الدنيا فنحن مستعدون لخدمتهم حتى يفنى العمر ورغم ذلك قد تحدث بعض المتغيرات مما يؤثر على علاقة هذه العائلات وقد تبقى مجموعة العجائز هذه بدون ماء نبع الحياة وهنا يظهر تلاحم أهل المنطقة. من جهة أخرى يؤكد العم محمد بن شريّط ان الطريق هو الهاجس الكبير حيث ان المسلك الفلاحي الوحيد الموجود والذي يربط المرايحية بقلعة سنان 2 كلم تقريبا وعين سنان 1.5 كلم هو غير صالح للتنقل فحتى الصهاريج التي كانوا يستعملونها لنقل الماء لم يعد الطريق يسمح بمرورها في الاتجاهين حيث بقيت في أماكنها حتى نزعت عجلات واستقرت هناك استقرارا نهائيا مما ضاعف المأساة وحمل الأهالي أتعابا مضاعفة لنقل الماء الى المنازل. كما يضيف وان نساء لنا لا يعرفن الى الحمام سبيلا وذلك لانعدام وسائل النقل وصعوبة المسلك حيث لا يستطعن المرور راجلين والنظافة من الإيمان كما ردد. هذا المسلك الذي ترك أهل الخير بعض أجزائه تمر من الحقول وذلك لسهولة المرور منها نسبيا. ظاهرة أخرى انتشرت هنا وهي المرتبطة أصلا بالطريق حيث يرفض أبناء عديد العائلات العودة الى مسقط الرأس سواء من المدن التونسية وخاصة من خارج الحدود ومن فرنسا تحديدا حيث تتعطب السيارات ويصعب عليها المرور مما دفع هؤلاء بالتضحية بالاستقرار العائلي رغم ما نعرفه من حنينهم الى ريحة البلاد. أما اذا نزل المطر فإن كل المصالح تتعطل واذا أصاب أحدهم مرض أو أزمة صحية مفاجأة فإن الموت سيكون حتما في الانتظار لانعدام النقل تماما. من جهة أخرى تعاني منطقة عين سنان من انعدام الطرقات من كل الجهات حيث ان طريق بومطمور والمؤدية الى مائدة يوغرطة من الجهة الشرقية حوالي 8 كلم هي مخيفة بشكل كبير لأصحاب السيارات حيث حفرها متعددة وصخورها متناثرة رغم ان ميزانيتها قد رصدت وأشغالها انتهت وحسبت على انها معبدة والاسفلت لم يعرف اليها سبيلا لكنها الآن في حالة جد رديئة كما يقول السيد منير وهو صاحب سيارة لنقل البضائع حيث يضيف أصبحنا نعاني قلة العمل لأننا نخاف المرور من هذه الطريق على سياراتنا فالأعطاب كثيرة والمرور عبر هذه الطريق مؤلم لنا ومكلف لسياراتنا. شواغل الاهالي هنا كثيرة ومنها الاعتناء السريع بنقطة الماء العين حيث يرغب الجميع في العناية بها من حيث الصيانة وذلك بتبليطها حتى تبقى محافظة على نظافتها ويكون ماؤها خاليا من الأوساخ والجراثيم. شواغل عدة وآلام كثيرة أطلقها كل متساكني هذه الجهة عبر «الشروق» حتى يشاهدوا يوما لفرحة في عيون الصغار بوجود وسيلة نقل ينطلقون عبرها لطلب العلم وبعيون الحوامل الذي سينعدم الخوف من الموت لأنهن سيجدن من يحملهن الى المستشفى فرحة ستدق ايضا في قلوب العجائز لأن عائلات أبنائهن سيعودون يوما من ديار الغربة دون خوف من الاعطاب الكبيرة للسيارات لرداءة الطريق ودون رعب من شح المياه أو نقصها خاصة في الايام الحارة والجافة.