أكد خبراء أن تعدد الوساطات في الملف الليبي ومراوحة الوضع العسكري في مكانه يضعان ليبيا أمام حالة من الغموض والترقب. ونقلت تلفزة «سي. ان. ان» الأمريكية عن خبراء ومحللين عسكريين وسياسيين قولهم إن ليبيا تواجه اليوم ثلاثة سيناريوهات أخطرها تقسيم محتمل الى شطرين شرقي وغربي. وقد بادر مسؤول عسكري أمريكي بارز بالقول في تلخيص للوضع بأن ليبيا بلغت مرحلة جمود نظرا الى افتقار «الثوار» للمهارات القتالية وعجز الكتائب الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي عن التقدم عسكريا تحت وطأة القصف الجوي للحلف الأطلسي. وحسب الخبراء والمحللين فإن هذه الوضعية تسمح بتصوّر ثلاثة سيناريوهات للتطورات المحتملة. جمود وتقسيم وتواجه ليبيا حاليا ما يشبه حالة الجمود في المستويين العسكري والسياسي... ويرى المحللون ان تواصل هذا الجمود المزدوج لفترة طويلة بسبب استمرار حالة الكر والفر العسكري وغياب اي اختراق سياسي يعني تثبيت الوضع الراهن و«إقرارا» بتقسيم البلاد الى شطرين شرقي وغربي. ويرى الخبراء ان التطورات المحتملة داخل الشطرين تنذر بمزيد التعقيد بما ان سوء الادارة والتنظيم في الانحاء الشرقية قد يفتح المجال امام تفشي الميليشيات المسلحة والعصابات الاجرامية وبالتالي أمام احتمال تصدير العنف والاضطرابات الى دول أخرى في الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وحذر ماكس بوت خبير الامن القومي بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية من ان أسوأ الاحتمالات في هذا السيناريو هو استمراره لعدة سنوات على غرار تشبث الرئيس العراقي الراحل صدّام حسين بالسلطة طيلة عقد كامل بعد حرب الخليج. حل تفاوضي ويضع العالم المستشرق خوان كول احتمالا أكثر تفاؤلا باستمرار الجمود لعدة أسابيع او شهور (فقط) او ربما لعام واحد على أقصى تقدير، قبل التوصل الى تسوية عن طريق التفاوض. وذكّر كول بأن اتفاقية دايتون لعام 1995 تم التوصل اليها وتوقيعها بعد أكثر من عام من حملة القصف الجوي للناتو في البوسنة. ويرى الخبراء ان العقيد القذافي قد يجد نفسه مجبرا على الجلوس الى طاولة التفاوض لأن الوقت ليس في صالحه باعتبار ان ضربات الحلف الأطلسي أوهنت قواته بينما يحصل الثوار على أسلحة وتدريبات كما ان العقوبات المفروضة عليه قد تسمح لاحقا بحصول المعارضين على الأموال المجمدة. ومع حالة الاختناق الاقتصادي وفشل القذافي في دفع رواتب المرتزقة قد يكون التفاوض الحل الاخير هذا اذا لم يقم مقربون من العقيد بالانقلاب عليه وفتح عملية تفاوضية. ويطرح سيناريو المفاوضات (في نسختيه المحتملتين اي بحضور القذافي او بغيابه) تساؤلات مفتوحة بما ان نجاحها خلال فترة معقولة (عام او أقل من ذلك) سيعني تشكيل هيئة مشتركة مؤقتة تمهد الطريق لانتخابات برلمانية. ولكن جمود هذه المفاوضات يعني العودة الى السيناريو الأول والى احتمال التقسيم. حسم عسكري... ويسمح السيناريو الثالث وهو سيناريو الحسم العسكري بتوقع العديد من الاحتمالات. ويبدو ان الخبراء يستبعدون احتمال النصر العسكري الساحق لقوات القذافي على الثوار او للثوار على القذافي. ويعود استبعاد تحقيق كتائب القذافي نصرا عسكريا لأمرين الاول ضربات الحلف الأطلسي التي أنهكتها بما يمنعها من استعادة مدن كبرى منها بنغازي كما ان اي تقدم «ساحق» لقوات العقيد في المنطقة الشرقية قد يدفع الحلف الاطلسي لتكثيف القصف او حتى تغيير استراتيجيته العسكرية. ويستبعد الصحفي الليبي فاضل الامين احتمال زحف الثوار على طرابلس لسببين أولهما محدودية قوات الثوار والثاني احتمال حصول كارثة انسانية في منطقة طرابلس حيث ان قوات القذافي ستعيث فسادا في هذه المنطقة على حد قوله. ويرى خبراء ان الحسم العسكري الوحيد المحتمل يسمح بحصول تصدع داخل قوات القذافي بسبب ضربات الحلف الأطلسي وقيام مجموعة ما بالاطاحة بالعقيد.ولكن هذا الاحتمال يعيد الى سيناريو المفاوضات.