من حق منصف العرفاوي ان يتكلم بالصوت العالي، فهو مدرب كفء ترك بصماته حيثما حل وكسب «معارك كروية» حفظها التاريخ سواء في تونس أو ليبيا التي عاد منها في الفترة الاخيرة. عرفناه مدربا هادئآ وصاحب أدب رفيع لا يستثير ولا يهيج فوق الميدان كما يفعل بعض رفاقه من المدربين المخضرمين لأنه يعتبر الاقناع والتدليل سبيله الوحيد في هذه المهنة خاصة وأنه وعى أسرارها وخفاياها وهو الذي لم يعرف غيرها منذ عام 1975 إنه ببساطة شديدة المدرب المنصف العرفاوي العائد بالأمس القريب من جحيم الأحداث المؤسفة التي تشهدها ليبيا ومع ذلك فانه يعتبر نجاته من مقصلة القذافي وجماعته أمرا هينا وأبى الا أن يصنع الحدث في وطنه وذلك عندما أرسى قواعد برنامج ضخم قال إنه لن يترك عاطلا واحدا عن العمل بالنسبة لخريجي معاهد الرياضة. «الشروق» التقت المنصف العرفاوي وتحدثت اليه بشأن عدة نقاط فكان لنا معه الحوار التالي: في البداية كيف تركت الأوضاع في ليبيا؟ أتمنى أن يعود الاستقرار ثانية الى الجماهيرية الليبية وذلك في انتظار عودة النشاط الرياضي أيضا بهذا البلد الشقيق خاصة وأن الشعب الليبي يعشق الرياضة وفي مقدمتها كرة القدم وهي مناسبة كذلك لنترحم على الشهداء الأبرار الذين سخروا أنفسهم فداء للوطن أثناء الثورة التونسية المجيدة وأعتقد أن شعبنا كان محظوظا جدا بحكم أنه وقع التخلص من رموز النظام السابق في وقت وجيز جدا. ألا تعتقد بأن التدخل الأجنبي حاليا في الشأن الليبي يهدف بالأساس الى شفط نفط هذا البلد العربي؟ نعم فالبلدان الغربية لا تفكر سوى في تحقيق مصالحها فحسب وان كان ذلك عبر الدمار والقتل لذلك أنا سعيد جدا بأن تونس أغلقت أمامهم جميع المنافذ حتى لا يتمكنوا من التدخل في شؤوننا. كيف تقيم مسيرتك التدريبية بليبيا؟ أظن أن المدربين التونسيين تمكنوا منذ التسعينيات من تشريف الكرة التونسية في ليببا وهو ما فتح المجال في وقت لاحق لاحتراف العديد من اللاعبين بالبطولة الليبية فأنا شخصيا حققت العديد من النجاحات مع عدة فرق ليبية مثل النصر وأهلي طرابلس وأفاخر بأنني كنت شاهدا على بروز اللاعب الليبي الموهوب طارق التائب بالرغم من صغر سنه آنذاك هو لاعب يتمتع بنجاعة كبيرة وأسلوبه في اللعب فرجوي لذلك أؤكد أن الافريقي سيستفيد من خدماته إذا أقدم على التعاقد ولن أبالغ إذا قلت إن هذا اللاعب قادر حتى على استقطاب عدد أكبر من الجماهير...علما وأنني كنت أيضا شاهدا على تلك الأحداث المؤسفة التي أعقبت احدى مقابلاتنا والتي خلقت العديد من الوفيات والجرحى وهي من اللحظات الحزينة في مشواري التدريبي... لو نعود الى الرياضة التونسية، فقد علمنا أنك جهزت برنامجا ضخما قد يساعد على التخفيف من وطأة البطالة بالنسبة لخريجي معاهد الرياضة فهل تطلعنا على بعض تفاصيله؟ نعم أؤكد أنه بحوزتي في الوقت الراهن برنامجا لتشغيل خريجي المعاهد العليا للرياضة والتربية البدنية وسأحاول عرضه على وزير الشباب والرياضة لكن في المقابل ليس بامكاني أن أكشف المزيد من التفاصيل...وأظن أنه حان الوقت حتى تتخلص رياضتنا من عدة سلبيات التصقت بها في العهد السابق كما هو الشأن بالنسبة للإدارة الفنية حيث ينبغي أن تتمتع بصلوحيات أكبر كما أنه من غير المنطقي أن نعين مدربا على رأس منتخب من المنتخبات الوطنية دون أن يتدرج هذا المدرب من صنف الى آخر وأعتقد أنه لا مجال للوقوع في تلك المقارنة التي يصرّ عليها بعضهم بين بعض مدربينا بالتجربة الناجحة لمدرب برشلونة «قوارد يولا» لأن هذا الأخير لم يكن لاعبا متميزا فحسب بل قضى فترة طويلة في الجهاز الفني للنادي «الكاتالوني» ثم ان هذا الفريق بحوزته مفاتيح لعب بامكانها تغيير طريقة لعب أي فريق أقصد بحديثي هذا الثنائي «اينستا» و«تشافي»)...هذا فضلا عن ضرورة التخلص من ظاهرة المحسوبية اذ لاحظنا أنه تم فرض العديد من المدربين على الكرة التونسية خلال الفترة السابقة. بما أنك تحدثت عن المنتخب الوطني فإنه بعد ذلك النجاح الواضح في «الشان» قدمت عناصرنا الدولية مردودا مهتزا أمام منتخب عمان، فكيف ترى مستقبل المنتخب الوطني الذي تنتظره مهمة معقدة في تصفيات كأس أمم افريقيا؟ أظن أن مسابقة «الشان» وان لم يمنحها الشارع الرياضي في بداية الأمر المكانة التي تستحقها فانها ساعدت المنتخب الوطني في الوقوف على امكانات التي تتمتع بها العديد من العناصر الناشطة في البطولة المحلية مثل الشهودي والمساكني ويحيى والغربي والقصداوي... وربما كنا سنستفيد أكثر لو أن منتخبنا الوطني أجرى مقابلة عمان في ظرف آخر أما بالنسبة لتصفيات كأس افريقيا فأظن أن منتخبنا الوطني لن يساوم على نتيجة مقابلاته القادمة. لا حديث الآن سوى عن استقالة علي الحفصي وكذلك عن مواصفات الرئيس القادم للجامعة فماذا تقول عن هذا الأمر؟ في البداية لا بد من الاعتراف بان المكتب الجامعي الحالي يضم عدة عناصر بذلت مجهودات واضحة للنهوض بالكرة التونسية على غرار أنور الحداد الذي تحمل عبءا كبيرا صلب هذا الهيكل الرياضي هذا بالاضافة الى وديع الجريء والطاهر الخنتاش وجلال بن تقيّة...وشخصيا أنتظر استقالة جماعية لأعضاء المكتب الجامعي وسيكون بامكانهم الترشح مجددا عند اجراء انتخابات نزيهة وشفافة...أما بخصوص الرئيس القادم الى الجامعة فأظن أنه ينبغي أن يكون شخصية رياضية وطنية ذات صيت عالمي وقادرة على فرض القرارات والدفاع عن مصلحة تونس وإذا ما أخذنا في الاعتبار تجربة «بلاتيني» على رأس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم فإنه لا يسعنا الا أن نرشح طارق ذياب ليشغل هذا المنصب. يحظى فريق الملعب التونسي بمكانة خاصة في قلبك فما حكمك على الوضعية الراهنة للبقلاوة؟ شخصيا أعتبر «البقلاوة» فريقي الأم فقد قضيت على رأس جهازه الفني فترة زاهية وحققنا آنذاك نتائج ايجابية وأعتقد أن الملعب التونسي سيبقى من الفرق الكبيرة بحكم أن تواجده بباردو وما تمتلكه هذه المنطقة وأحوازها من مواهب كروية بامكانها أن تسمح للفريق بالاعتماد كليا على تكوين أبنائه شرط منحهم الوقت الكافي للبروز وهو ما يسمح للنادي من النجاح رياضيا وماليا في مرحلة لاحقة. نترك لك كلمة الختام... فماذا تقول؟ أنا أنتظر حاليا بفارغ الصبر قبول البرنامج الذي أشرت اليه كما إنني سأشارك في تربصين مع فريقي ريال مدريد والانتر سأواكب من خلالهما تدريبات الفريقين على امتداد أسبوعين.