اقتحم عالم التدريب منذ شهر جويلية 1967 لكنه يؤكد انه مازال من المبكر جدا التفكير في حياة ما بعد الاعتزال وحتى ان اطلق عليه بعضهم اسم «الديناصور» فإن المختار يرحب به طالما أنه ممنوع الى حد الآن من شبح الانقراض. «الشروق» التقت المختار الذي يبوح بكل الأسرار في هذا الحوار الذي أدلى به لنا بمجرد عودته من فلسطين التي تركها تحت وطأة الحصار وفي انتظار أهم قرار ولسان حاله يقول «لكل ليل نهار ولكل شتاء صيف». في البداية ألا تعتقد ان تجربتك على رأس المنتخب الأولمبي الفلسطيني تعتبر أهم وأجرأ قرار في مشوارك الرياضي؟ بكل تأكيد وذلك بالنظر الى الظروف الأمنية الحالية بالأراضي المحتلة اذ لا تكاد تفارقنا الكوابيس جراء تلك التجاوزات اليومية التي يقوم بها الصهاينة فقد كنت شاهدا في احدى المرات على مأساة مواطن فلسطيني انتهكوا حريته عندما سلبوه سيارته الخاصة وقاموا بتهشيمها وحرقها وسط ذهول كل المارة... ومع ذلك فقد تغلبنا على الأوضاع وجعلنا من الرياضة أداة للدفاع عن القضية وقد عشت شخصيا لحظات لا توصف خاصة عندما التقيت أبومازن بعد ان قدمني له اللواء جبريل الرجوب رئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية والحمد لله اننا حققنا نتائج ايجابية مع المنتخب الأولمبي الفلسطيني وشرفت بالتالي تونس. تحدثت عن التجاوزات التي قام بها الصهاينة لكن يبدو أنها ليست المرة الأولى التي تواجه فيها الخطر أليس كذلك؟ نعم فقد تلقيت خلال شهر مارس 1987 دعوة من عدي صدام حسين رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم آنذاك وذلك للمشاركة في الاحتفالات الخاصة بعيد ميلاد صدام حسين من خلال القاء محاضرة بحضور مدربي كرة القدم لكن كاد أحد المواطنين التونسيين المقيمين بالعراق أن يورطني حيث سلمني مبلغا ماليا قدره 1000 دولار لكي أسلمه الى عائلته بتونس وكنت أجهل ان هذا الأمر غير قانوني بالنسبة الى السلطة العراقية وكان كل من يخالف هذا القانون يتعرض الى عقوبة الاعدام ولكن الحمد لله ان التأشيرة التي كانت بحوزتي وردت بها أربع كلمات أنقذتني من الهلاك: «ضيف عدي صدام حسين». تدريبك للمنتخب الأولمبي الفلسطيني يحمل في طياته رسالة انسانية لكن هذا لا يعني أنك تحولت الى فلسطين كمتطوع بل انت تتحصل على راتب والعديد من الامتيازات الأخرى، أليس كذلك؟ نعم أنا أقيم بفندق من فئة أربع نجوم بالاضافة الى سيارة خاصة ومرافق شخصي وحتى راتبي أتحصل عليه بصفة مباشرة من وزارة المالية الا أن هذا الأمر لا يعني بالضرورة أننا لم نواجه أحيانا بعض المشاكل المالية خاصة خلال الفترة الماضية بسبب بعض العوائق الخاصة بالدعم... هل نفهم من كلامك أنك ستضع حدا لمشوارك على رأس المنتخب الأولمبي الفلسطيني؟ أعتقد ان وضعي خاص جدا في فلسطين فقد تم ادراجي ضمن قائمة «المستشارين» كما أنني لا أهتم كثيرا بالمال بدليل أنني حوالي 11 ألف دولار من مستحقاتي الجملية المتخلدة بذمة الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم لكن أؤكد انني عائد مجددا الى فلسطين لكنني سأشغل هذه المرة خطة المشرف على منتخبات الشبان أو خطة مستشار للواء جبريل الرجوب مع العلم ان قدومي الى تونس كان بسبب احتفال ابنتي بزواجها وذلك يوم 12 نوفمبر القادم على ان يكون سفري الى فلسطين يوم 17 من الشهر نفسه. ما حقيقة التفرقة بين أندية الضفة الغربية وقطاع غزة على مستوى الامتيازات المالية؟ من المؤسف ان الرياضة في فلسطين لم تسلم بدورها من «التسييس» وأعتقد شخصيا أن هذا الأمر عار من الصحة حيث لاحظت أن اللواء جبريل الرجوب يحاول جاهدا التصدي الى هذه المسألة ولم أشاهد أي تمييز بين الرياضيين الناشطين بقطاع غزة والرياضيين الموجودين بالضفة الغربية وكل ما في الأمر أن الأطراف العاملة بالقطاع تطالب بمبالغ مالية ضخمة وتعتقد ان حقوقها مهضومة. عندما تم فتح باب الترشحات الى الادارة الفنية لجامعة كرة القدم، جهزت ملف ترشحك الى هذا المنصب ولكن يبدو أنك تعرضت الى صدمة كبيرة بعد ان وقع الاختيار على شخص السيد كمال القلصي فكيف كانت ردة فعلك؟ شرعت آنذاك في تجهيز ملفي خاصة بعد ان اعتقدت ان السياسة الرياضية تغيرت عن السابق لكن جامعة كرة القدم أثبتت أنها مازالت تنتهج سياسة المحاباة والارتجال والأساليب المنحطة وعينت شخصا يفتقد الى التجربة وقد فعلت الجامعة الأمر نفسه سابقا مع محمود الورتاني وأؤكد بكل تواضع أن جميع المدربين الذين كانوا مرشحين لهذا المنصب ليس بحوزتهم نصف مسيرتي في ميدان التدريب ويبدو أن بعضهم نسي أنني كنت المشرف على جل الفنيين أثناء حصولهم على شهاداتهم التدريبية على غرار يوسف الزواوي وتوفيق بن عثمان ومنجي دلهوم ورضا عكاشة والمنصف العرفاوي وعمار السويح وعمر الذيب ومراد محجوب... ومن جهة أخرى أعتقد انه من غير المنطقي ان تواصل الجامعة الحالية مهامها بعد انسحاب رئيسها علي الحفصي اذ كنت أنتظر ان يسارع المكتب الجامعي الحالي باعلان انسحابه مع العلم أنني أرفض فكرة ترشح بعض الأعضاء الحاليين في الانتخابات القادمة للجامعة بحكم أنهم كانوا السبب الأول في هذه الخيبات التي منيت بها الكرة التونسية هذا فضلا عن بعض القرارات التي ستعود على كرتنا بالوبال كالترفيع في عدد أندية الرابطة المحترفة الأولى لكرة القدم الى 16 ناديا بدل 14 اذ أظن أن الامكانيات المتاحة في الوقت الحالي لن تتحمل هذا الكم الهائل من الأندية وكان لابد من الاكتفاء ببطولة تضم 12 ناديا فحسب. الآن وقد وقع تحديد موعد الجلسة العامة الانتخابية لجامعة كرة القدم، هل ترشح شخصية رياضية معينة لرئاسة هذا الهيكل الرياضي؟ أظن أن جامعة كرة القدم في حاجة الى رئيس بمواصفات خاصة قوامها المستوى التعليمي العالي والدراية بميدان التسيير الرياضي والاشعاع الدولي وهو ما يتوفر حسب اعتقادي في شخص زياد التلمساني ثم بدرجة أقل محمد عشاب وبما أن الثورة التونسية جاءت لتمنح الأولوية المطلقة للشباب فإنني اختار التلمساني على عشاب. لكن ماذا عن طارق ذياب والمنجي بحر؟ قلت انه لابد من توفر شرط المستوى التعليمي كما أن طارق ذياب يشغل خطة محلل فني باحدى القنوات التلفزية ونحن في حاجة الى شخص متفرغ تماما للاضطلاع بهذه المهمة كما أننا نريد شخصا بحوزته أفكار واضحة بامكانه ان يفيد بها الكرة التونسية أما بالنسبة الى المنجي بحر فأظن العمل صلب نادي حمام الأنف يختلف تماما عن تسلم مهمة رئاسة جامعة كرة القدم فالمنجي بحر أكثر من شقيق لكن لابد من اخباره بحقيقة هذا الأمر... ومن جهة أخرى لابد من الاشارة الى شرط آخر مهم جدا للترشح الى انتخابات الجامعة يتمثل في رفضي لجميع الترشحات التي قد تصدر عن الاشخاص الذين ناشدوا الرئيس السابق. كيف تحكم على الوضع الحالي للمنتخب الوطني الأول بقيادة سامي الطرابلسي؟ أظن ان الجامعة قامت بهفوة فادحة عندما تعاقدت مع الفني الفرنسي «مارشان» الذي يفتقد الى خبرة تدريب المنتخبات الوطنية ولم يأت تعيين سامي الطرابلسي صاحب الأخلاق الرفيعة في الوقت المناسب وقد جاءت المقابلة الأخيرة أمام «المالاوي» لتؤكد هذا الأمر حيث فشل الطرابلسي في التعامل الجيد مع أطوار هذه المباراة وحافظ منتخبنا الوطني على الأسلوب نفسه وشخصيا كنت أنتظر التعويل على خدمات عمار السويح أو فوزي البنزرتي بصفة مؤقتة قبل اختيار مدرب بمواصفات معينة للمنتخب الوطني ولا يسعنا الا أن نتوجه بالشكر لسامي الطرابلسي لكنه اجتهد وعمل بصدق. في سياق حديثنا عن فوزي البنزرتي، هل تظن أنه كان الأفضل للاشراف على حظوظ النادي الافريقي؟ نشير في بداية الأمر الى أن النادي الافريقي تغيرت ملامحه بالمقارنة مع الموسم الماضي بحكم تخليه عن عدة لاعبين ومن هذا المنطلق يمكن ان نعتبر بلوغ الفريق الدور نصف النهائي من مسابقة «الكاف» بمثابة الانجاز ونجح البنزرتي في الرد على كل من شكك في امكاناته الفنية وهي فرصة لكي نؤكد ان المعد البدني للفريق كريم الشماري أخذ حجما كبيرا وأصبح كثير الظهور بالمقارنة مع بقية المعدين البدنيين الآخرين ففوزي البنزرتي يبقى المسؤول الأول في الفريق كما أنه الوحيد الذي يتحمل خيبات النادي لذلك لابد من تجاوز هذا التداخل في الأدوار ثم أتوجه بسؤال محدد الى كريم الشماري بشأن تعدد الاصابات في النادي الافريقي خلال السنوات الفارطة أي قبل التحاق البنزرتي بالفريق مع العلم أنني اعتبر الشماري ضمن أفضل الاخصائيين التونسيين في ميدان الاعداد البدني... وماذا عن الترجي الرياضي الفريق الذي دربته وأشرفت كذلك على ادارته الفنية؟ أفاخر بتكويني لعدد كبير من اللاعبين صلب الترجي الرياضي عندما كنت على رأس الادارة الفنية للنادي (2000-2004) والذين أصبح لهم شأن كبير في الكرة التونسية على غرار: خليل شمام ومحمد علي بن منصور وأسامة الدراجي واسكندر بالشيخ وأمير العمراني وسامح الدربالي ونوفل اليوسفي... تزامن اشرافك على الادارة الفنية لفريق «باب سويقة» مع تواجد سليم شيبوب على رأس الترجي الرياضي، فكيف تقيم تأثيره على مجرى الأحداث الرياضية صلب «الأصفر والأحمر» والكرة التونسية عموما؟ أظن أن تونس بأكملها اشتغلت مع سليم شيبوب و90% من الرياضيين التونسيين احتاجوا الى خدمات شيبوب سواء عندما كان على رأس الترجي أو كعضو في «الفيفا» لكنني أؤكد في المقابل أنني عندما أشرفت في السابق على تدريب فريق أكابر الترجي الرياضي التونسي كان سليم شيبوب مجرد لاعب في الكرة الطائرة بالترجي بل انه تعرض آنذاك الى عقوبة الابعاد لفترة معينة من قبل رئيس الترجي الرياضي. لكن ألا تعترف بأنه كان وراء مسألة اقتراح اسمك على الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم للاشراف على حظوظ هذا المنتخب عندما كان شيبوب على رأس اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية؟ شيبوب اقترح على الاتحاد الفلسطيني للعبة اسمي بالاضافة الى عمار السويح وبما أن هذا الأخير كانت لديه التزامات أخرى اقتصر الأمر على شخصي. بعض الأطراف تتهمه أيضا ب«الانحراف» الذي أصبحت عليه منظومة «الاحتراف» الذي دخل بلادنا في منتصف التسعينيات فما تعليقك على ذلك؟ أظن ان السيد رؤوف النجار هو من كان وراء تطبيق منظومة الاحتراف مع العلم ان كل الميادين الأخرى كانت تتسم بالضبابية سواء التعليم أو الصحة... لكن بعض الرياضيين أكدوا أنهم تصدوا للسياسة التي كانت تسلكها العائلة المالكة وأتباعها؟ أبدا، لا يوجد رياضي واحد بامكانه ان يفعل هذا الأمر باستثناء ثلاثة أو أربعة أشخاص على أقصى تقدير مثل بن بريك ونجيب الشابي وبن سدرين... بما أنك تعرف المدرب الحالي للترجي نبيل معلول، كيف تقيم العمل الذي قام به صلب الفريق؟ أظن أن نبيل معلول الذي كانت تجمعني به علاقة صداقة متينة قبل ان تتعكر نوعا ما اتخذ بعدا آخر بعد اشرافه على تدريب الترجي الرياضي ويتمتع معلول بقدر عال من الذكاء وهو مدرب مثقف كرويا ولديه نظرة ثاقبة للأمور الفنية وبما أن بعض الأطراف تصر على مقارنته بخالد بن يحيى فإنني أعتقد ان خالد حافظ على شخصيته الانطوائية وظل يعتقد انه مازال في ثوب النجم كما كان الحال عندما كان لاعبا وأظن ان الترجي الرياضي حسم حاليا مسألة الفوز برابطة أبطال افريقيا خاصة بعد ابعاد «مازمبي الكونغولي» فلو تواصل تواجد هذا النادي لاختلف الأمر اذ كان سيفوز حسب اعتقادي بهذا اللقب. بالرغم من المرحلة القاتمة التي تعرفها الكرة التونسية لابد وأنه يوجد عدة لاعبين نالوا اعجابك أليس كذلك؟ شخصيا انبهرت بالأداء الذي ظهر به البرازيلي «دانيالو» بالاضافة الى الغاني أفول والكامروني «نجانغ» وكذلك متوسط ميدان النادي الصفاقسي «صوما نابي» وطبعا يوسف المساكني صاحب الفرديات العالية وأسامة الدراجي العقل المدبر للترجي الرياضي ويبقى زهير الذوادي الأفضل محليا وكنا ننتظر الكثير من يوسف المويهبي وياسين الشيخاوي لكن يبدو أن لعنة الاصابة رفضت مفارقة هذا الثنائي الموهوب.