انطلقت قصّة المواطن التونسي أشرف الجواني الذي اعتقلته المخابرات الليبية أو كتائب القذافي وكانت قد وجهت إليه تهمة توزيع حبوب الهلوسة على الشباب الليبي مجانا لبثّ الفوضى وقلب النظام. ولمعرفة الحقيقة الكاملة تحولت جريدة «الشروق»الى منزل السيد محمد صالح الجواني والد أشرف المتضرّر حيث استقبلنا كأحسن ما يكون رغم علامات الحسرة البادية على وجهه فكان الحوار التالي: متى التحق أشرف بالقطر الليبي؟ يقول إنه بحكم عمله في ليبيا قرّر منذ سنين أخذ أشرف معه للعمل هناك وكان يتردد بين تونس وليبيا علما أن ابني كان من النوع الهادئ ولا يحب مخالطة الآخرين وهو نقي السوابق العدلية وليست له أية انتماءات سياسية. كيف وقع القبض عليه؟ بعد انطلاق شرارة الأحداث يوم 17 فيفري في بنغازي كنت أقيم مع ابني في طرابلس وكنت قد طلبت من أشرف قضاء بعض الشؤون الخاصة من وسط المدينة قرب الساحة الخضراء علما أننا كنا بصدد العودة الى تونس في نفس اليوم، وبعد تأخر عودته انتابني شعور بالخوف على ابني خاصة أن الأمور الأمنية أصبحت متدهورة رغم ذلك كنت أنتظر عودته في كل وقت فجلست أمام التلفاز أشاهد القناة الليبية الأولى، وفجأة شاهدت صورة ابني وهو موقوف من طرف كتائب القذافي وهم يقومون باستجوابه وكانت بادية على وجهه علامات العنف، حيث صرح أنه أتى الى ليبيا ليوزع حبوب الهلوسة على الليبيين وبثّ الفوضى في البلاد فلم أصدق كلامه لأنه كان تحت التهديد وأنا أعرف ابني جيدا. وبعد تلك الصور اختفى أشرف في أحد السجون التابعة للعقيد القذافي ليتصل بي بعد ساعة تقريبا ملحق بالسفارة التونسية هناك هاتفيا ويسألني عن الصور التي بثتها القناة الليبية وسبب وجود التونسي أشرف هناك فقلت له أنا أيضا لا أعلم شيئا، وطلبت منه في نفس الوقت التدخل لإطلاق سراح ابني وإبعاده عن هذه التهمة الخطيرة. خفت أن يقع إيقافي وفي اليوم الموالي راودتني مخاوف أن تقوم كتائب القذافي باعتقالي انتقاما من ابني فغيّرت مكان سكناي، وقرّرت عدم العودة الى تونس حتى أنقذ ابني المسكين، فالتحقت بالقنصلية التونسية مشكورة لأحتمي بها وسلمتهم كل وثائق أشرف وبعد يومين طلبوا مني العودة الى تونس وترك مشكلة أشرف بيد السفير ا لتونسي بليبيا، فوقع نقلي الى حدود رأس جدير على متن حافلة خاصة تابعة للقنصلية وما إن وصلت حتى تحولت مباشرة الى تونس العاصمة. طلبت المساعدة من وزارة الخارجية وقبل العودة الى بيتي بمعتمدية ماطر اتصلت بوزارة الخارجية وأعلمتهم بالموضوع وكنت أنتظر مساعدتهم لكن الى يومنا هذا لم يتصل بي أي مسؤول ولم يقدم لي يد المساعدة وكأن أشرف ليس تونسيا ولا ينتمي الى هذا الوطن العزيز. دور وسائل الاعلام وعلى عكس وزارة الخارجية كان دور وسائل الاعلام فعالا في كشف حقائق عن ابني من طرف قناة تونس الوطنية وبعض الصحف المكتوبة ك«الشروق» و«الصباح» حيث قامت منشطة التلفزة بالاتصال بالسفير التونسي بليبيا وسألته عن مصير أشرف ووعدها بالتدخل في أسرع وقت لتأمين عودته الى أرض الوطن. كتائب القذافي ترمي أشرف على الحدود التونسية الليبية وفي يوم 5 أفريل 2011 أي بعد قرابة الشهر والنصف قامت مجموعة من كتائب القذافي برمي أشرف وثلاثة آخرين وهم مغربي ومصري وتونسي قرب رأس جدير حيث راج خبر أنهم ينتمون الى تنظيم «القاعدة» فقامت الحماية المدنية بنقلهم الى داخل التراب التونسي وقدمت لهم الاسعافات الأولية وكانت حالة أشرف أكثر تعقيدا حيث كان يهذي وينادي باسم القذافي مرة ومعمر مرة ثانية. عون أمن يتعرّف على أشرف وصادف أن كان هناك عون من الحرس الوطني على عين المكان وهو من جهة ماطر فتعرّف على أشرف وبطريقته الخاصة اتصل بأحد أصدقائه الذي بدوره أعلم عائلة أشرف بالخبر الذي نزل على والدته كالصاعقة ففقدت الوعي عند ذلك تحوّل والده محمد صالح الى رأس جدير فوجد ابنه في حالة يرثى لها فقام بنقله على متن سيارة خاصة حيث دامت الرحلة قرابة سبع ساعات وكان من الأجدر أن تنقله سيارة إسعاف الشيء الذي أغضب والدة أشرف السيدة منية الحزروني. أشرف يقيم بمستشفى الرازي تنتهي الرحلة بالشاب المسكين أشرف الى الاقامة بمستشفى الرازي للعلاج بعد أن ذاق أشدّ أنواع العذاب على أيدي كتائب القذافي المتوحشة.