تونس (الشروق): المشهد ضبابي... وغائم ليس بفعل الأحداث فحسب بل تعداها الى عمليات حرق المزابل والفضلات المنزلية... بعد اضراب عمال البلدية اثر تراجع حكومة السبسي عن قرارات اتخذتها حكومة الغنوشي رغم أن الرئيس واحد. لم يتغير بعد مشهد ضبابي... اختلطت فيه الأحدث وتدافعت الى درجة مقصودة أضعنا فيها رأس الفتيل..من سيحاسب من؟ ومتى؟ ومن المسؤول؟ كل هذه التساؤلات مازالت تبحث لها عن اجابة وحالنا كحال من وزعوا دمه على عدد من القبائل فلا يجد فرصة للثأر ...هكذا حال التونسيين اليوم... أخبار من هنا وهناك وتسريبات مختلفة جعلت من الوضع الضبابي برائحة الكريموجان أمس يعود لكن بأكثر ضبابية افتراضية. ولنا فيها عدة أمثلة...من الميليشيات التي أرعبت التونسيين قبل رحيل بن علي والتي مازالت تنشط الى اليوم... الى عودة ميمونة لأقارب الرئيس المخلوع...والى محاكمات هي أقرب للأخذ بخواطر الشارع التونسي وليس نصرته. مسلسل الاعتداء على الممتلكات متواصل بطريقة تجعلك تقتنع فعلا أن هذا الاعتداء له أصوله وفنونه ومن يقوده أيضا...بالأمس اتهم بن علي عصابات ملثمة بالقيام بهذه الأعمال الاجرامية... وهاجمناه بدورنا لأنه كان يعتبر المحتجين مجرد مخربين... واليوم وبعد رحيله بأكثر من شهرين ونصف...مازالت تلك العصابات الملثمة تنشط لكن لفائدة من؟ أسئلة عديدة تطرح نفسها وبالحاح شديد عن من يحرك هذه الخيوط في مسلسل طويل جدا تختلف فيه الأماكن والأشخاص لكن السيناريو واحد. من بداية الأحداث ورغم أن التوقيت كان يومها في ساعات حظر التجول الا أن الميليشيات كانت تنشط في راحة بال دون خوف لا من الاعتقال ولا من القتل...وكأنها فعلا محصنة ضد كل اعتداء...كانوا يخططون وينفذون ومنها يوجهون الدعوة الى بعض اللصوص الصغار ليحصلوا على فتات، الغنيمة...وحين يتم القبض لا يلقى الا على من ابتلعوا الطعم. أما المخططون والمنفذون في الخط الأول فانهم بحالة سراح دائم . اعتداء على الوزارة نفس الأمر لما حدث يوم 25 فيفري أمام وزارة الداخلية حيث تم الاعتداء ومهاجمة الوزراء...هذه الوزارة المجهزة بكل التقنيات الحديثة من كاميروات المراقبة والتي التقطت كل صور المشتبه فيهم...لكن أين هم هؤلاء المتهمون...لماذا لم يقع تقديمهم الى الشعب مدعمة بصورهم وهو ينفذون مخطط النيل من هيبة الوزارة بدافع الحط من عزيمة المواطن ومن عون الأمن العادي. لو لا... السيناريو كاد يتكرر يوم 28 فيفري لكن أين الموقوفون؟...يومها يوم اثنين عج شارع الحبيب بورقيبة بالمئات من الشباب من كل الأعمار... كان المشهد المرعب الذي لن أنساه مدى حياتي...رأيت في عيونهم حبوب الهلوسة...كانواجميعهم دون استثناء في حالة نشوة وذهول خاصة جدا لم يسبق وأن رايتها رغم اختصاصي في المجال الاجرامي... كصحفية...في ذلك اليوم لم تأت تعليمات واضحة لرجال الأمن بالتدخل... الا انهم تصرفوا على طريقتهم...واعتقلوا المئات ممن كانت بحوزتهم أسلحة بيضاء وحجارة وحبوب مخدرة وأموال..صغار السن حجزوا لديهم ورقة من فئة 30 دينارا والأكبر سنا ورقة من فئة الخمسين في حين كان نصيب البقية أموالا أخرى أكبر وكل هؤلاء ممن كانوا يستعدون يوم 28 فيفري الى احراق شارع الحبيب بورقيبة ليسوا من العاصمة ولا من احوازها بل تم جلبهم من جهات داخلية. أسئلة وبعد... أين الأبحاث اذن؟ أين قائمة هؤلاء الموقوفين؟...لماذا تم اخلاء سبيل أغلبهم ولماذا؟ ومن اعطى التعليمات باطلاق سراحهم من الوزارة؟ ليست هذه هي فقط الأسئلة التي تبحث عن اجابة... بل هناك عدة تساؤلات أخرى ما تزال رهن الضبابية... أسئلة لسنا فقط نطالب بل ونصرّ على كشفها اليوم وليس غدا... أين تلك السيارات التي حجزت وبداخلها أموال طائلة...وأين هم الموقوفون؟ وأين محاضر بحثهم؟ ماهو مآل قضية مقتل الشابين ضربا ومن ثم حرقا داخل مركز الشرطة بسيدي بوزيد حيث أكد تقرير الطبيب الشرعي أن الشاهد الوحيد على من يدعم المخربين بالمال ثم قتله وتهشيم رأسه قبل حرقه؟ أين هم الموقوفون على متن السيارات ذات العلامة المنجمية الزرقاء...وسيارات رباعية الدفع الذين تم ايقافهم من طرف الجيش وبحوزتهم أسلحة نارية ورشاشات والذي تم تسريب أشرطة ايقافهم؟ أين اختفت كل عناصر تلك الميليشيات التي صورتهم أجهزة المراقبة ونمتلك صورهم فردا فردا؟ ماذا حدث في قائمة 42 إطارا أمنيا الذين تمت احالتهم على التقاعد الوجوبي؟ لماذا لم تتم محاسبتهم؟ لماذا لم يقدموا لنا الأسباب التي أدت الى عزلهم؟ خاصة أن عددا منهم احتج بكل الوسائل بل وطالبوا بأن ينصفوهم وأن يقولوا للشعب الكريم الأسباب الحقيقية وراء الاقالة ولفائدة من؟ لماذا تشكل لجان لمحاربة الفساد وكشفه بالتوازي مع اخفاء ملفات حقيقية هي بأيدي بعض المسؤولين تؤكد حقيقة كل مسؤول سواء كان أمنيا أو سياسيا؟ لماذا نشير في كل الاتهامات لكون القناص ليس الا عون أمن؟ والحال أن الموضوع أكبر بكثير ويتجاوز عون الأمن بمحطات كثيرة؟ لماذا لم يفتح الى اليوم تحقيق جدّي وقانوني وليس شعبيا؟ تحقيق يكون فيه الضحية هو الشاهد الوحيد على قاتله من خلال الرصاص الذي أصيب به؟ لماذا لم تقم الى اليوم مقارنة أي رصاصة الجسد شهيد مع الأسلحة المعمول بها؟ لماذا لم تتم عمليات المراقبة هذه والتي هي وحدها كفيلة بكشف كل قاتل؟ لماذا يعزل مديرون اداريون لإدارات اختصاصها اعداد الملفات عن كل الأشخاص البارزين في الدولة... والحال أن لا علاقة لهم باطلاق النار بتاتا؟ لماذا فتحت السجون من طرف جهة دون غيرها؟ لماذا نمتلك الصور والتسجيلات لكن أبطالها لا يحاسبون؟ لماذا يشوشون على ذاكرتنا بكل تلك الأخبار...من هنا وهناك مع اشعال كل الفتن؟... وهل سننتظر طويلا حصان طروادة؟ أم أن موعد صعوده الى الركح قريب. لماذا خاف ورفض المبزع تولي حكم تونس بعد خروج بن علي طبقا للقانون والدستور ودفع بالغنوشي الى ذاك الإشكال الدستوري؟ لماذا لم يقدموا الى اليوم الجنرال علي السرياطي الى المحاكمة...ولماذا بقيت تصريحاته سرية...ونحن ندرك أن الحقيقة قد تخفي وراءها زلزالا؟ لماذا تنحصر لعبة الياسمين في شخص واحد والحال أنها تشمل عدة أطراف؟ لماذا ...لماذا ؟...لست أقتنع...بكوني صرت حرة وأن الشعب نجحت ثورته؟ وبالاجابة عن كل هذه الأسئلة يمكن أن تتحقق الثورة وتحمى الثورة