قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    رابطة الهواة لكرة القدم (المستوى 1) (الجولة 7 إيابا) قصور الساف وبوشمة يواصلان الهروب    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الفتاح عمر في حوار شامل مع «الشروق»: يوم أمس حجزنا 57 قطعةأثرية جديدة بقصر «المخلوع»
نشر في الشروق يوم 15 - 04 - 2011


*حوار: فاطمة بن عبد الله الكرّاي
*تونس الشروق :
بعد أن أتممت الحوار الصريح والمتنوّع معه، تناهى الى مسامعي أن للرجل مع أعضاء لجنته التي يرأسها «صولة وجولة» حاولت استقصاء حقيقتها منه أمس الأول مساء... فلم أظفر بالمكان ولا بالعنوان الذي يقصده من الغد (أمس) أعضاء لجنة تقصّي الحقائق... ولكن الحرص الصحفي جعلني ألح على محدّثي، حتى تفوز «الشروق» بما كان لهذه اللجنة، فعلمت أن فريق اللجنة، وبقصر سيدي الظريف، اكتشف أمس وحجز 57 قطعة أثرية رومانية وبونية ووقع تسليمها بصورة رسمية الى وزارة الثقافة، كما وقع العثور يضيف الاستاذ عبد الفتاح عمر «على كمية هامة من الأدوية ووقع تسليمها الى السلط الصحية العسكرية» على اعتبار أن هذه السلط هي من يموّل القصر بالاجهزة الصحية والأدوية... كان ذلك بحضور أعضاء اللجنة وعدلي تنفيذ والأمن الرئاسي... والسلط الصحية العسكرية واطارات تابعة للثقافة... والأمن بكل امكانياته من مدوّنين... وقد دوّنوا العملية برمّتها... وتم تصوير كل ما وُجد وتم تسليمه الى من يهمّه الأمر من جهات رسمية.
وأضاف أن الملف سيُحال على العدالة دون ريب...
اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد... تتعرض اليوم الى أقاويل وتأويلات بل واتهامات بما أن قضية ضدّها منشورة الآن أمام القضاء...
«الشروق» وفي هذا الحوار الشامل مع الاستاذ عبد الفتّاح عمر، طرحت أمامه كل الأسئلة والتساؤلات... وقد جاءت كلّها كما دأبت الشروق أسئلة صريحة واعتقدناها محرجة، فإذا بالسيد عبد الفتاح عمر، يقبل على الاجابة، دون تعليق. يُذكر من قبله تجاه نص اي سؤال... فتحدّث عن القضية... وعن اللجنة التي يرأسها وعن العلاقة مع القضاء والاستقصاء.
*السؤال الأوّل، أنقله لك أستاذ من صلب الشارع... ومن فحوى حديث المشهد السياسي، ويهم اللجنة التي ترأسها... فهذه لجنة، يقول المتحدّثون، أعلن الرئيس المخلوع عن تشكيلها... فوقتها كانت الظروف تتطلّب أن يأتي «الحاكم» فعلا سياسيا «يهدّئ» من الاحتجاجات... ولاختصار السؤال: هل اتّصل بك بن علي عند تشكيلها؟ وهل لك ان تكشف للقراء خفايا وحقائق تكوين هذه اللجنة متى وكيف؟
إذن، لا أظنّ، بل أجزم أن هذه اللجنة لا تندرج في اطار تمشي بن علي للحؤول دون الثورة... بل هذه اللجنة تم اقرارها كما اللجنتين الأخريين، من طرف الحكومة التي انتصبت اثر مغادرة بن علي البلاد.
وقد اتصل بي للغرض، الوزير الاول المؤقّت محمد الغنوشي وطلب منّي رئاسة هذه اللجنة، فبينت له أن لجنة من طبيعة أخرى تندرج في اطار العدالة الانتقالية تكون أنسب، ولكن الموقف كان في انشاء هذه اللجنة فاشترطت الاستقلالية العضوية والوظيفية، وحريّة الاعلام بخصوص أعمال اللجنة، فقبل قائلا «Vous avez carte blanche» وإثرها قبلت بذلك ووقع الاعلان عن رئاسة*اللجان بصورة رسمية ضمن البيان المتعلّق بتكوين الحكومة...
*يعني أنت كنت خالي الذهن من هذه المسألة لما أعلن بن علي عن تكوين هذه اللجنة لجنة تقصي الحقائق؟
أبدا... لم أكن على علم إطلاقا بذلك... وقد كنت آنذاك في الخارج...
*من اتّصل بك وأنت بالخارج... ألم يكن بن علي أو أحد مستشاريه؟ من اتصل بك؟
أبدا بن علي لم يتّصل بي ولم ينادني. في الواقع لا صلة لي ببن علي... الذي اتصل بي لما عدت الى تونس هو السيد محمد الغنوشي... في الواقع لا صلة لي ببن علي في هذا الموضوع ولا في غيره.
*أولا ما هي المعايير التي تمّ اعتمادها ان في اختيار الاعضاء، أو في تحديد مهام هذه اللجنة... اللجنة الوطنية لتقصّي الحقائق حول الرشوة والفساد؟ علما أنك أنت من اختار أعضاء هذه اللجنة ولكن تحدّثت الصحافة عن بعض الاعضاء وعلاقاتهم المفترضة مع السلطة أو مع «العائلة المالكة» أو مع القصر أو الرئيس؟
في الواقع نجد نوعين من الاعضاء أعضاء الهيئة الفنيّة واعضاء الهيئة العامة، بالنسبة لأعضاء الهيئة الفنية، قمت شخصيا بتعيينهم وذلك يندرج ضمن مهامي... وتم هذا التعيين بعد التحاور معهم. التحاور بخصوص استقلاليتهم السياسية ونزاهتهم وخبرتهم... كانت هناك ردّة فعل إزاء البعض من هؤلاء الاعضاء غريبة... ورغم ذلك تحاورت مع المعنيين بالامر، ووقع تكذيب كل التّهم كتابة طالبين منّي نشر تصاريحهم ورأيت أنه لا يليق بلجنة مثل هذه أن تدخل في هذا المجال وأن تنزل الى هذا المستوى.
يبقى أنه إذا تقدّم أي أحد بحجّة في ما يدّعي، فإني أقوم بالاستنتاجات اللازمة فوريا، وليس من المعقول تعريض أعضاء اللجنة وسمعتهم الى التشويه دون أن يكون هناك مبرّر. أما الكلام فهو سهل والوشاية أسهل.
بالنسبة الى أعضاء الهيئة العامة فإن تعيينهم تمّ بعد التشاور مع المنظمات المعنية وأخذت بعين الاعتبار ما تقدّموا به..
*وماذا عن الهيئة الفنية؟ وماهي مهامها؟
الهيئة الفنية تتعهد بالتقصي في الحقائق حول الرشوة والفساد وبدراسة الملفات وإحالتها عند توفر الحجج على القضاء.. وهي تتألف من خبراء في مجالات عديدة كالجباية والمالية ومراقبة الحسابات والشؤون العقارية والشؤون الديوانية. وهذه اللجنة الفنية تضمّ أساتذة في القانون وقضاة سامين إداريين وعدليين وخبراء آخرين.
أما الهيئة العامة فهي تتألف من ممثلي المنظمات المعنية: جمعية الوسطاء بالبورصة ومركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية والهيئة الوطنية للمهندسين والهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين والمجمع الوطني لمقاومة الفساد والجمعية التونسية للعلوم الادارية وجمعية الاقتصاديين التونسيين والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري ومؤسسة المراجعة والمالية والجمعية التونسية للشفافية المالية ومركز العدالة الانتقالية والجمعيةالتونسية لخريجي المعاهد الكبرى ATUGE والجمعية التونسية للمدققين داخل المؤسسات والشبكة الوطنية لمقاومة الفساد.
مهماتها جميعا تتمثل في النظر في التوجهات العامة لعمل اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد، خاصة وضع التصورات المستقبلية للتصدي للرشوة والفساد. هنا لا بدّ من الاشارة الى أن تونس صادقت على المعاهدة الأممية لمقاومة الرشوة سنة 2008 وتتضمن هذه المعاهدة مبادئ أساسية واجراءات وامكانات مفيدة جدا لم تأخذ بها تونس اثر مصادقتها على المعاهدة وانطلاقا من هذه المعاهدة وقع التفكير في وضع آلية قارة لمقاومة الفساد والرشوة تقوم على اجراءات*دقيقة وقواعد آمرة ومبادئ ثابتة كمبدإ الشفافية والمسؤولية والمساهمة والتبرير علما أن عددا من الدساتير تكرّس هذه المبادئ.
هذا فضلا عن ضرورة اقتراح تعديل التشاريع والتراتيب وتغيير الممارسات.
*هذه المقترحات المستقبلية التي استشفيتموها في اللجنة من أعمالكم، هل ستتقدمون بها كمقترحات للمجلس الوطني التأسيسي مثلا؟
أعتقد، والقرار سيكون للجنة أنه من المفيد أن نقترح على المجلس التأسيسي تكريس المبادئ الأساسية حول مقاومة الرشوة والفساد في الدستور.
*نلاحظ أن هناك جمعيات وجدت بعد الثورة ولا يعلم عنها الكثير، وهناك منظمات عمل أعضاؤها مع بن علي، بالمقابل نلاحظ غياب نقابة الصحفيين وكذلك غياب المرأة، وأقصد دائما تركيبة اللجنة؟
بالنسبة الى المنظمات الحديثة، فهي منظمات مفيدة جدّا بالنسبة الى عمل اللجنة، بالنسبة الى هيئات أخرى قديمة نلاحظ أنها وإن لم تعقد بعد مؤتمراتها فهي عرفت في المدة الأخيرة تغييرات على مستوى قياداتها وتوجّهاتها. أما بخصوص الصحفيين فقد وقع توجيه الدعوة للتشاور مع «جمعية الصحفيين التونسيين» (التسمية هكذا ظهرت على نص الدعوة وقد أطلعني الأستاذ عبد الفتاح عمر على نص الدعوة.. بتاريخ 12 مارس 2011) ولم يصلنا الرد الى اليوم.
*جمعية القضاة والهيئة الوطنية للمحامين لماذا ليستا في هذه اللجنة؟
لقد وجهنا الى هذه المنظمات الدعوات، ولكننا لم نتصل بإجابة منها.. وأنا أحترم بل وأتفهم مواقفهم.
*والمرأة؟
معنا أستاذة في القانون العام، ولكن وقعت دعوة «النساء الديمقراطيات» وكانت الدعوة محل أخذ وردّ في صلب المنظمة ولكننا لم نتلق شيئا رسميا.. ولكن نحن بصدد العمل على توسيع الهيئة الفنية وآمل أن يتدعم العنصر النسائي في هذه الهيئة..
*قصر سيدي الظريف وهذه القصة العظيمة التي شابت تلك الصور التي تلقاها الجميع خبرا وموضوعا عن طريق شاشة التلفزة الوطنية فقط،هنا سأسأل من باب مهنة الصحافة، فكيف تعقد ندوة صحفية مثل اليوم، وتطالعنا غدا بهذا «الاكتشاف» حول أموال طائلة ومصوغ ومجوهرات داخل قصر سيدي الظريف ولم تؤجل الندوة الصحفية لتشمل هذه المعلومة الخطيرة؟
من ناحية قانونية ألا تعتقد أستاذ عبد الفتاح عمر، وأنت رجل القانون، أنّ دخول اللجنة بلا إذن قضائي ربما يطرح اشكالات عديدة، منها فسخ البصمات مثلا؟
كنا قبل ذلك تحوّلنا الى الجناح الاداري بقصر قرطاج، وفق مقتضيات العمل.. وقمنا بحجز وثائق هامة في هذا الجناح تتصل مباشرة بعمل اللجنة واتضح أن هناك وثائق أخرى أكثر أهمية قيل لنا إنها توجد بالمكاتب الثلاثة التي كان يعمل بها الرئيس السابق (بن علي) وهي في قصر سيدي الظريف (بسيدي بوسعيد).. وتحوّلنا الى المكان بحثا عن الحقائق ولم نكن نتصور أننا سنجد أشياء أخرى مع الاشارة إلى أن دخول هذا القصر الذي شيّد علىأرض كانت على ملك الدولة التونسية وبناها بصورة أساسية الجيش التونسي. تمّ التحول باستئذان من رئيس الجمهورية المؤقت، والذي قال بالحرف الواحد: «اخدموا على أرواحكم.. وذاك القصر هو قصر الشعب التونسي».. إذن تحوّلنا رفقة عدول اشهاد والأمن الرئاسي بعد تفتيش مشدّد من قبل الجيش.. وحينما وقع فتح أول خزانة مصفحة فوجئنا بوجود أموال هامة ومجوهرات.. فتمّ إعلام الوزير الأول (محمد الغنوشي) وكذلك رئيس الجمهورية المؤقت، ودعونا البنك المركزي لاحتساب الأموال وتأمينها، كما دعونا في الحين، التلفزة الوطنية دون أن يقع في ذلك التفكير في التمييز بين بقية التلفزات، ولكن هذه التلفزة كانت جاهزة وكانت العملية جاهزة.. لا داعي للشك في حسن النية.
*لكن أعود وأسأل عندما عقدت الندوة الصحفية قبل يوم من اكتشاف «الثروة»، ألم تكن تعلم أنكم ستتحولون كلجنة الى القصر المعني؟
كان مقرّرا أن نتحول يوم (السبت 19 فيفري) بحثا عن الوثائق، ولم نكن نتصور إطلاقا ما وقع اكتشافه، أضيف أن كل هذا تمّ بعد إمضاء المرسوم المتعلق باللجنة.. نصّ المرسوم وقع ختمه يوم 18 فيفري، وأشار المرسوم صراحة الى أنه يدخل حيّز التنفيذ في نفس اليوم، وذلك بناء على قانون صدر سنة 1993 يسمح بهذه الامكانية، أي الدخول حيّز التنفيذ حالا للمرسوم، في بعض الحالات وإذا أقرّ النصّ صراحة ذلك.
ما قمنا به يوم 19 فيفري، هي عملية قانونية لا لُبس فيها، ولأن المطبعة الرسمية، وكما يعلم الجميع كانت في حالة إضراب، فلم يتمّ النشر إلا يوم غرة مارس 2011، وهذا بدون شك، لا يشكل ثغرة قانونية، بالرجوع الى نصّ قانون 1993 المشار إليه آنفا.
*والإذن القضائي، ألم يكن من الأجدر الحصول عليه، فقد كانت العملية ستكون أفضل أليس كذلك؟
اللجنة لجنة وطنية مستقلة، لها إجراءاتها وطرق عملها، كما جاءت بمرسوم، مع التذكير بأن اللجنة حينما تتوصل الى إثبات جرائم فساد أو الرشوة فهي تحيلها على القضاء واللجنة ليست بمحكمة، ولا تحلّ محلّ القضاء وللتذكير قد يفيد بعض من يدّعي العلم في القانون، أن السلطة القضائية هي سلطة مستقلة وهي سلطة محايدة وهي سلطة لها الفصل.. لها كلمة الفصل لأنها سلطة تفصل، واللجنة ليست لها أية امكانية للفصل في أية قضية، بل هي تساعد القضاء في القيام بعمله وبالسرعة المرجوة في هذا الظرف الاستثنائي وذلك طبقا للمرسوم الذي أنشأها، فالمطلوب هو التمكّن من المفاهيم من جهة، والاطلاع على النصوص من جهة أخرى، لذلك لا أعتقد أن التشويش على اللجنة أو محاولة إرباكها أو القضاء عليها بريء..
*إذن ما هي العلاقة بين «اللجنة» والقضاء، هل أنها مساعدة.. أم هي مكمّلة.. أم هي نوع من «العدالة الانتقالية» مثلا؟
دورنا حدّده المرسوم (انظر الفقرة المصاحبة).. ونحن نتقصّى الحقائق ونحيلها على القضاء، وبذلك نكون في مساعدته في هذا الظروف الدقيق مع العلم أن مثل هذه اللجنة، موجودة في عشرات من الدول وبأكثر قوة وبأكثر اختصاصات.. وكان، ربّما، من المفيد، أن تقيم تونس لجنة حقيقة وعدالة.
*ما هي مصادركم كلجنة في خصوص القضايا.. كيف تحصلون على الوثائق.. والقضايا؟
عندنا مصدر أول الملفات التي يتقدم بها المواطنون.. وقد بلغ عددها اليوم أكثر من 5800 ملف. المصدر الثاني، الملفات التي تحيلها الادارة والمؤسسات والمصدر الثالث هي الملفات التي تقوم على التعهد الذاتي.
*كم أحلتم من ملف؟
لنقل كم درسنا من ملف؟ وهنا أقول اننا درسنا أكثر من 850 ملفا عدد هام منها، اتضح أنه ليس من اختصاص اللجنة.
*مثلا؟
طلب شغل.. طلب مسكن.. تظلّم من عدم الحصول على ترقية في ظروف غير مشبوهة.. نعلمهم أن المسألة ليست من اختصاص اللجنة، وهناك ملفات أخرى مازالت محل تقصّي مع الادارات المعنية، كوزارة المالية أو وزارة أملاك الدولة وكذلك وزارة التجهيز.. أما الملفات التي لازالت هامة وثابتة، فأحيلت على النيابة العمومية ويتجاوز الأربعين.. فهناك عمل دقيق نقوم به، خاصة ما يهمّ عمل البورصة والأموال..
*ما اكتشفته اللجنة في قصر سيدي الظريف، كان له وقع الذهول والصدمة، ربما بفعل قوة الصورة،*ولكن أين ذهبت تلك الثروات..؟
يوم 19 اكتشفنا هذه الأموال وبعض المجوهرات.. الأموال وقع تأمينها إداريا لدى الخزينة العامة للبلاد التونسية وذلك عن طريق البنك المركزي، أما المجوهرات، فقد اتضح في ما بعد أنها هامة جدا، فقد وقع تأمينها إداريا لدى الخزينة العامة للبلاد التونسية بعد أن تدخل لحصرها وتحديد نوعيتها خبراء في المجوهرات بحضور عدول تنفيذ والأمن الرئاسي وإطارات وأعوان بخزينة المالية وأعضاء اللجنة وتمّ تصوير كل القطع بآلة التصوير وبالفيديو... وكل قطعة وضعت في ظرف فوضعت هذه الظروف في أكياس خاصة وقع تشييعها بصورة رسمية تحت الحراسة وتحت تصوير الفيديو، وتسليمها الى خزانة المالية. وتمت كل العمليات بحضور كل الأطراف وبعد دخول القصر والخروج منه اثر التفتيش، وقد دامت العملية المتعلقة بالمجوهرات بكل تدقيق...
والتقييم ليس من مشمولاتنا.. وهذه المهمة اقتضت على الأقل 4 أيام، اي الى يوم 24 فيفري، نحن نقوم بالايداع الاداري وعندما يتدخل القضاء يمكنه ان يحول هذا الايداع الى ايداع قضائي...
*ما هي حقيقة العلاقة مع القضاء؟
نحن نتعاون في هذه المسألة الوطنية مع كل الأطراف المعنية دون حساسية او خلفيات... وندعو الجميع الى الارتفاع الى مستوى الظرف وهو ظرف خاص وتاريخي.
*هل يمكن ان أفهم ان القضاء لم يتعاون معك او لم يمد جسر التواصل مع اللجنة؟
ما أقوله لك، هو ان اللجنة تعتبر ان دورها ينصهر في عملية وطنية تاريخية تقتضي من الجميع التكافؤ والتكافل.
*عند التصريح الصحفي الذي أفردت به التلفزة الوطنية يوم اكتشاف «الثروة» في القصر، ذكرت عائلة من أصهار الرئيس بأنها ثرية منذ البدء... وكأنك تبرر ذمتها، لماذا قلت ذلك، هل كان جوابا عن سؤال؟
لا أتذكر السؤال.. ولكن ما أقوله هو من باب المعاينة لا التقييم، مع العلم دون شك ان جوانب نفس الثروة قد تكون متشابكة ومتداخلة...
*ماذا تذكر لنا عن تحوير الدستور 2002، وما كان دورك في تلك اللجنة التي عيّنها بن علي؟ فقد كثر الحديث.. والاتهام حول هذه المهمة من باب العلاقة مع بن علي نظاما؟
هناك المستوى الذي لا يجب النزول دونه، غير انه يكون من المفيد اعلام الرأي العام بكل موضوعية بما يمكن ان يهم شخصي.
أولا: عبد الفتاح عمر والامم المتحدة، تم انتخابي بصورة شخصية سنة*1993 من طرف اللجنة الأممية لحقوق الانسان، قبل مؤتمر فيينا 1993 التي حل محلها مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان. وقع انتخابي بصفة شخصية كمكلف بحرية الدين والمعتقد وقدّمت في هذا الاطار بالاضافة الى عدد من الدراسات، 37 تقريرا للجنة وللجمعية العامة للأمم المتحدة وكان لي شرف الحصول على اثر كل التقارير على مصادقة اللجنة او الجمعية العامة على التوصيات والقرارات المتعلقة بمهامي وذلك دون احتراز او نقد... ويبدو ان الدول تقبلت أعمالي بارتياح فأصبحت معروفا في الاوساط الاممية والديبلوماسية عموما، وكنت المقرر الوحيد الذي نظّم وترأس المؤتمر الاممي الوحيد حول حرية الدين والمعتقد والتربية وذلك بمدريد سنة 2011. مع العلم ان الخبير الدولي يتدخل بخصوص كل الدول باستثناء الدولة التي ينتسب اليها وأريد ان أؤكد هنا أنه لم يقع الاتصال بي ولو مرة واحدة من طرف السلطات التونسية لمحاولة التدخل في أعمالي.
قبلت الجائزة الوطنية لحقوق الانسان سنة 1998 لأنني أعتبر أنني لا أقل جدارة عن حسيب بن عمّار... الذي حصل عليها.. هذا فضلا عن ان هذه الجائزة أسندت اليّ للاعمال التي قمت بها على المستوى الدولي... وفي كلمتي أشرت الى ان هناك من المناضلين في مجال حقوق الانسان من هو أجدر مني وإني أهدي هذه الجائزة لهؤلاء المناضلين متمنيا ان يكون لتونس تمش استشرافي لحقوق الانسان يسمح بالتحول الى وضعية أخرى لحقوق الانسان غير التي نعيشها... قلت هذا أمام بن علي (الرئيس) تحصلت على هذه الجائزة وليس في ذلك حسب اعتقادي اي مجال للتشكيك في الاشخاص...
النظام يعرف أن عبد الفتاح عمر حر... (Election libre) وهو معروف دوليا... اذن وقع التوجه الي لكي أكون مرشحا للجنة الأممية المعنية بحقوق الانسان، علما ان الترشيح يتم من طرف الدولة والانتخاب يتم من طرف الدول، أما الانتخاب فهو يتعلق بالشخص كخبير لا بالدولة، وليس من الجزم ان أنجح بصفتي الشخصية في المرتبة الاولى، وتم انتخابي في كل مرة وآخرها تحصلت فيه كذلك على المرتبة الاولى ب141 صوتا من مجموع 163 صوتا وذلك رغم المنافسة الشديدة جدا... بعد الانتخاب، يؤدي المترشح اليمين، على أن يعمل باستقلالية، ثانيا: كل عضو في هذه اللجنة ليس له الحق في التدخل إذا همّ الأمر دولته.
ثالثا: لا يتقاضى العضو الخبير أجرا بل يتقاضى منحا لكل يوم عمل فعلي في اللجنة، وتتعهد الأمم المتحدة بمصاريف التنقل. ومن الناحية الرسمية فإني أتلقى دولارا واحدا سنويا بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا دخل لتونس في هذا المجال وغيره. ولكن مواقفي المبدئية منذ 1963 في مجال حقوق الإنسان مدونة وعلنية وبإمكان من يريد فعلا المعرفة أن يطّلع عليها وهي علنية.
٭ نعود إلى عمل اللجنة منذ تولي الحكومة الجديدة مهام السلطة، لاحظنا أن لا قضايا تذكر تثيرها لجنتكم.. فهل في هذا إحالة للجنة على عدم الاختصاص؟
ليس هناك اختصاص خاص.. يجب التذكير أنه يحق لكل مواطن التوجه إلى القضاء مباشرة. ثانيا من حق النيابة العمومية أن تقوم باجراءات التتبع كلما اتضح لها أن هناك مدعاة للتتبع. ثالثا إن ما تقوم به اللجنة يحال في النهاية على القضاء. وتلتقي ملفات اللجنة في عديد الحالات، بملفات كان القضاء قد تعهد بها.
٭ ألا تعتقد أستاذ عبد الفتاح عمر، أن الحكومة الجديدة وكأنها نأت بملفات أخرى عن دائرتكم، فرأينا مثلا تحقيقات الآن مع مسؤولين، هي ملفات من صلب اختصاص لجنتكم..؟ فكيف ترون الأمر؟
ليس لي هذا الشعور.. والمهم هو أن تحتفظ اللجنة باستقلاليتها وأن تعمل على هذا الأساس مع اعتقادي ثانية، أنه كان بالإمكان وقد يبقى بالإمكان أن تطوير الأمور بصفة أكثر إيجابية.
٭ هناك قضية ضد لجنتكم.. منشورة الآن أمام المحاكم، وقد صدر بعد حكم ابتدائي ضدكم.. بماذا تعلمون القراء في هذا الشأن؟
هناك جانب أخلاقي وجانب قانوني في القضية.. في ما يخصّ الجانب الأخلاقي لا أسمح لنفسي بالتحدث عن قضية هي الآن محل مفاوضة قصد التصريح..
من الناحية القانونية أنا أعتبر أن هناك مبادئ قانونية ثابتة لا يقبل تجاوزها.. مثل المسائل المتعلقة بالاختصاص والصفة وبالمصلحة وبتطبيق القانون، وكنت منذ مدة طويلة أنادي باستقلال القضاء حتى يكون فوق كل اعتبار ومحميا من كل التدخلات ومازلت على هذا العهد مع الإشارة أن استقلال القضاء لا ينفصل إطلاقا عن حياده. فقوة القضاء باستقلاليته عن كل الأطراف بما فيها السياسة وبحياده المطلق ازاءها.
وهنا أضيف أنه وفي سنة 2002 وقع الاتصال بي، وبأستاذين آخرين لكي نعدّ اقتراحات بخصوص مسائل محددة، فاقترحنا نقطتين:
الأولى تتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة والعبارة هي الآتية: للمرأة ما للرجل من حقوق، وعليها ما عليه من الواجبات.
فكانت ردّة الفعل عنيفة من بن علي.. وقال لي بالحرف الواحد: «تحب تعمل لي ثورة في البلاد»؟
كلفنا بهذه المسألة ولكن بالموازاة شكل لنا لجنته من داخل القصر وقامت بما طلب منها..
أما المسألة الثانية، وأعتزّ بذلك فهي تتمثل في:
تفسّر وتطبق الأحكام المتعلقة بالحقوق والحريات طبقا للمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجمهورية التونسية. فكان تعليق بن علي: والسيادة التونسية أين هي؟ وكان غاضبا. فأجبته بأن تونس مارست سيادتها بصورة سيدة بالمصادقة على هذه المعاهدات..
ورفعت الجلسة في حينها.
إذن لا أخجل مما فعلت وأعتقد أن هذا النوع في المواقف تقتضيه مصلحة تونس دون سواها..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.