كان لبيان الشبكة الوطنية لمقاومة الرشوة والفساد الذي تم الإعلان فيه عن سحب ممثلها من لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد وأيضا معارضتها لمشروع مرسوم أعدته اللجنة حول تتبع المورطين في الرشوة والفساد، تداعيات مختلفة.. بحثا منها عن الحقيقة، اتصلت «الأسبوعي» برئيس اللجنة عبد الفتاح عمر الذي تحدّث عن اللجنة وأدوارها والهيئات الموجودة داخلها ومهمّة كل طرف، كما كشف لنا فحوى المرسوم موضع الاختلاف وعديد المواضيع الأخرى المتصلة بلجنته بما في ذلك اتهام الرئيس الهارب لها بالتلفيق والمس من شخصه.. عبد الفتاح عمر أتى كعادته على كل كبيرة وصغيرة وكشف علاقة اللجنة بالسلط القضائية ومظاهر التعامل في ما بينها في الحديث التالي: لماذا هذا الهجوم من شبكة مكافحة الرشوة والفساد على لجنتكم؟ أولا من حق أي كان أن يتصرّف كما يشاء على ألا يضر بالغير وأن يتمسك بالوقائع كما هي.. أقر المرسوم المنشىء للجنة الوطنية هيئتين داخل هذه اللجنة، واحدة فنية تتعهد بتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد وتنظر اذن في الملفات وهيئة عامّة مكلفة بالنظر في التوجهات العامة وخاصة في وضع التصورات المستقبلية لمقاومة الرشوة والفساد ولا يمكن بطبيعة الحال الخلط بين المهمتين وذلك احتراما للقانون وهذا لا يحول دون التفاعل بين الهيئتين خدمة للمصلحة العامة وما يمكن قوله في هذا المجال أن العمل يتم في كامل الشفافية والوضوح والنقاشات التي تتحقق داخل اللجنة الوطنية رفيعة المستوى وجدية ولا يمكن التجريح في عمل اللجنة ونعتبر أن النقاش الديمقراطي يقتضي التفتح على أراء الغير واحترامها وتجاوز الأنانية والنرجسية وكذلك التصورات المذهبية الضيقة كما أنه يقتضي الارتفاع الى قيم المواطنة والسمو بها قدر الامكان.. ما حكاية مشروع المرسوم الذي أعددتموه لإعفاء بعض المورطين من الملاحقة؟ قد يكون هناك عن حسن أو سوء نية مواقف لا تستند الى الواقع، وكل ما في الأمر هو أن اللجنة واجهت بعض الصعوبات المتصلة بالنقص القانوني من ذلك أن عديد الدول تقرّ بحماية المبلغين في مجال الرشوة والفساد وفي تونس ذاتها فإن المبلغ في مجال الرشوة يتمتع ببعض الحماية وليس الشأن كذلك بالنسبة للمبلغ في مجال الفساد ورأت اللجنة أن تقترح ضمانات دنيا للمبلغ الذي يسمح باكتشاف حقائق ليست بذمة القضاء أو اللجنة.. هذا كل ما في الأمر مع العلم أن كل مجرم يبقى محل مؤاخذة وأن حقوق الغير وحقوق الدولة تبقى قائمة ولكن وقع التوقف عند «ويل للمصلين» فمسودة المشروع تتضمن مسودة أهم من ذلك تتعلق بالتعويض بالنسبة لضحايا الفساد والرشوة فقد يقع ارتكاب جرائم فظيعة أحيانا وليس بالإمكان من الناحية القانونية نظرا لمسألة التقادم تعويض الضرر بالنسبة الى الضحايا لذلك فالمقترح هو ألا يقع التوقف عند مسألة التقادم وأن يفتح حسب شروط معينة باب التعويض والإرجاع لكل ذي حق حقه وذلك رفعا للظلم والقهر الذي تكبده عدد من المواطنين في المجال الاقتصادي أو العقاري أو غيره فمن الضروري أن نتذكر أن لا عمران بدون عدل. كل ذلك مع الاشارة إلى ان دور اللجنة يقتصر على الاقتراح ومسؤولية الاقرار من عدمه ترجع للسلط العمومية. هذا يعني أن عددا هائلا من المظلومين سيطالب بالتعويضات.. فما الحل؟ الاستماع للمظلومين ودراسة ملفاتهم أكد أهمية المسألة وقد تناولتها اللجنة بالدرس وأدخلت عليها جميع التنقيحات ونحن ندّعي الاجتهاد ولا ندّعي الكمال والكل يصيب ويخطىء ونسعى للتوافق وحينما يكون الأمر قد حظي بشبه اجماع نأخذ به.. المسألة ليست هينة ولكن المهم أن تقيد بشروط معقولة حتى ترفع لاأقول كل المظالم بل على الأقل المظالم الفظيعة. لماذا لا يقع إطلاع ممثل «الشبكة» على الملفات المنجزة في اللجنة؟ الهيئة العامة اختصاصاتها واضحة جلية وهي محترمة ومعمول بها، أما الكشف عن الملفات فهو يتم بعد التثبت والبحث لدى القضاء ولكن هذا لا يحول دون إعلام الرأي العام دون التعرّض الى الاشخاص بصورة اسمية وذلك طبقا لقانون ويعلم الجميع أننا نشرنا جداول في الملفات التي أحيلت على القضاء وسننشر قريبا جداول أخرى تتضمن مآل هذه الملفات على المستوى القضائي ومن الطبيعي أن يقع إطلاع الجميع على أعمال اللجنة في اطار احترام القانون وعدم تعريض الأشخاص الى ما من شأنه أن يمسّ بهم من غير ذي وجه الحق أو أن يزيح إزاءهم قرنية البراءة وكل شخص بريء الى أن تثبت ادانته في محاكمة عادلة هذا هو الأصل لكن ما زاد عن ذلك من كلام قد لا يرتفع الى مستوى المسؤولية الوطنية بعهدة اللجنة ومن حق أي كان أن يقيّم الأمور كما يراها لكن دون تجن على الحقيقة أو إنكار للواقع ونحن نحترم كل الآراء ولا نتأثر بما لا يفيد.. أحلتم عديد الملفات على القضاء ولم نسمع عن محاسبة المورطين من المسؤولين السابقين. ما الحكاية؟ نحن دورنا ينتهي بالاحالة على القضاء وليس لنا أن نتدخل في ممارسة السلطة القضائية غير أنه من الطبيعي أن يقع اعلامنا بمآل الملفات وقد بدأت السلط القضائية تمدنا في هذا المجال بعديد المعلومات التي تؤكد في معظمها تعهد القضاء بالتتبع وكما قلت لكم سيتم مد الرأي العام بالمعلومات المفيدة في أقرب الآجال. بن علي اعتبر على لسان محاميه أموال قصر سيدي الظريف التي اكتشفتها اللجنة.. تلفيقا؟ «المجراب تحكو مناكبو..».. كم من شخص لفقت له بصورة مفتعلة قضايا في المخدرات وخاصة اذا كان من مناضلي حقوق الانسان تلفق القضايا والحجج ولكن والحمد لله هذه الممارسات بقيت غريبة عن المجتمع التونسي أما بخصوص اللجنة فإننا نتقبلها بالتهكم ويدرك الجميع أن كل العمليات التي تمّت بسيدي الظريف تمت بحضور الكثيرين من أمن رئاسي وعدول التنفيذ وممثلي مؤسسات مالية وخبراء وغيرهم.. اضافة الى أعضاء اللجنة، فمن أين ستأتي اللجنة بكل هذه الأموال ومن أين ستأتي بالعملة الصعبة وبكل هذه المجوهرات.. الشيء مضحك وعلى كل فإن كل العمليات تمت بصورة قانونية وبناء على محاضر من عدول التنفيذ. هذه خزعبلات تدل على شعور بالجريمة وإقرار بها علما وأن حزم الأموال التونسية كانت تحمل في معظمها ختم البنك المركزي وتاريخ التسليم الذي يرجع في البعض منها الى سنة 1992 أما بالنسبة إلى العملة الأجنبية فإن معظمها يحمل ختم بنوك أجنبيّة وأقصد بذلك أساسا بنوكا لبنانية مع العلم أنه في نفس العملية وقع اكتشاف حساب بنكي ببلد أجنبي وهو حساب مرقم به 27 مليون دولار. ما هو مستقبل لجنتكم إذن؟ هذه اللجنة ليست قارة والعمل الذي تقوم به عمل أساسي ولا أعتقد أن سياسيين أو غيرهم بإمكانهم تحمل مسؤولية مثل أعمال اللجنة أو انهائها لأن المجتمع لن يقبل بذلك غير أننا نعتقد أنه من الضروري أن يقع انشاء جهاز مستقر وقار يتعهد بصورة مستمرة بالتصدّي للرشوة والفساد لذلك فإن اللجنة تعد الآن مشروع مرسوم يتعلق بانشاء هذا الجهاز كما أنها بصدد إعداد قانون اطاري للغرض ونأمل أن يقع إنشاء هذا الجهاز في اقرب وقت حتى يتعهد من جهة بما تبقى من أعمال هذه اللجنة ومن جهة أخرى بالوقاية من الفساد والرشوة وبالتصدّي لهذه المظاهر مستقبلا. معنى هذا أنّ مظاهر الرشوة والفساد تواصلت بعد 14 جانفي؟ ظواهر الفساد والرشوة ولكن بدرجات مختلفة في كل دول العالم والمؤمل هو القضاء عليها أو على الأقل احتواؤها بأقصى ما يمكن من النجاعة حتى لا تؤثر على المنظومة الاقتصادية والإدارية والسياسية. أي دور لكم كلجنة في استرجاع الأموال المهربة؟ مسألة استرجاع الأموال موكولة الى لجنة خاصة تعمل تحت رئاسة محافظ البنك المركزي.. أما الأموال في الداخل فتتعهد بها لجنة المصادرة وما يتم كشفه من طرف لجنة تقصي الحقائق. وفي ما يخص اللجنة فهي تحيل ملفاتها على القضاء الذي يتعهد باتخاذ ما يراه وقد اتصلنا بملفات من أجانب يملكون بالحمامات وتونس العاصمة عقارات وقع افتكاكها أو اقتناؤها تحت ضغط مسلط من عدد من أفراد عائلة الرئيس السابق وهي الآن محل الدرس..