لنتذكر جميعا وحتى لا ننسى، ونحن في بداية ثورة قد أخرجت البلاد التونسية من تحت الانقاض، من كثرة ما لحقها من الأضرار والخراب والدمار في ممتلكاتها وثرواتها وآثارها، ومن كل ما كانت تتمتع به من نمو وازدهار وتطور وعلوم وآداب وثقافات وأخلاق وسلوك وعلاقات ومعاملات. قد ضاعت جميعها وتلاشت في مهب الرياح. أصبحت هذه وتلك في حقبة زمانية معينة مرتعا خصبا ولقمة سائغة لعصابات السطو والنهب واللصوص والمرتزقة التابعة لنظام الدكتاتور المخلوع بن علي، الذي أطلق العنان لكل من لا ضمير له ولا أخلاق ولا تربية ولا مستوى ولا شعور ولا احساس ولا دراية تصول وتجول تتصرف وتعبث وتسلط وتعتدي على الشعب بمنتهى الفظاعة والوحشية ظنا منهم وان كل شيء بات تحت قبضة أيديهم، ولم يقرؤوا حسابا وأن الشعب التونسي لن يموت ولن يهزم. فقد كان ولا زال على قيد الحياة وها أن شعار ثورته اليوم «النار ولا العار» وقد سرى لهيب نيران هذه الثورة المتصاعدة إلى عنان السماء إلى كل العالم العربي. فهذا هو الشعب التونسي يقف وقفة رجل واحد لبناء دولته وشعبه ووطنه ومجتمعه والقضاء على كل ما خلفه نظام الدكتاتور بن علي وأتباعه من الكوارث والأزمات الاقتصادية والاجتماعية وإنني أؤكد وأكرر وان تونس غنية وثرية وخصبة بقدراتها وطاقاتها وستعود أقوى مما كانت تاريخيا وحضاريا ثقافيا وعلميا فهذا الجيل الذي تبوأ المكانة المرموقة في تونس الثورة قد كان كفءا وقادرا لأنه يحمل لغات العالم مع اختصاصاته في مضمار التكنولوجية الحديثة إضافة إلى إدراكه ووعيه على الامام والاطلاع على كل ما دب وهب على سطح الأرض. فالشعب التونسي مدرك وواع ومفكر ومثقف ناهيك وأن ثورته قد ارتفعت فوق رؤوس أقطاب العالم ونالت بكل جدارة واستحقاق الاعجاب والتقدير والاحترام، ونحن ما دمنا قد بلغنا هذا النضج من التطور والرقي والتقدم. إذن فعلينا أن نكون أهلا لذلك، وحتى لا نضيع وقتنا الثمين في القيل والقال وكثر الكلام الفارغ، وممن لا عمل لهم سوى التشبث بالفوضى والشحن والغوغائية والغليان تسمع جعجعة ولا ترى طحنا، فالثورة ليست كلاما فارغا أجوف، الثورة بذل ونشاط وكد وجد وعمل ومثابرة ومواهب وابداع وذكاء وابتكار. وعلم وتطور وتقدم ورقي وتمدن وأخلاق ومقدرة واردة وشجاعة وتربية وبحث وتنقيب وتفتيش وانتاج وإنجاز، عليكم اليوم أن تحققوا كل هذه النتائج المثمرة البناءة وحتى تكونوا أهلا لهذه الثورة التي تناشدكم وتطالبكم وتؤكد وتلح عليكم مراجعة تاريخ الشعوب التي انهارت ودمرت وتلاشت ولكنها عادت كأقوى وأعظم مما كانت لم تضعف ولم تيئس ولم تستسلم فكان حليفها النجاح. ان الوقت قد حان ولا مجال للوقوف والانتظار فعليك يا شباب الثورة اليوم ان تشق طريقك لخوض مجالات العلوم المتطورة والعقول المتجددة تقدم كن مغامرا ارفع رأسك لا تخف حاول ابحث تجنب اللهو والعبث والفساد. كن مصلحا، تحاشى القلق والروتين والميوعة والرتابة والكسل والتقاعس اقفز انهض، كن رياضيا مارس الرياضة لا تتردد فهي تحميك وتجنبك الأمراض وتعطيك دفعا متجددا من النشاط وتجعل منك رجلا صلبا مفتول العضلات (الجسم السليم في العقل السليم). اعمل ابذل تقدم تحرك ثق ان الحياة الخالية من النفع موت مبكر. هذه هي الثورة، نضال وكفاح دون توقف.