أحب الرؤوس إليّ وأجدرها في هذه الظروف العصيبة بأن تنحني له كل رؤوس الشعوب المغاربية إجلالا وتبجيلا هو «رأس جدير» الذي يرفض أن يكون حدّا بين الأشقاء. وبأن تكون رفعته وشموخه وعلوه من رفعة وشموخ وعلو رؤوس تلك الشعوب الأرفع والأشمخ وأعلى من كل رؤوس حكامها مهما كبرت ومهما تعنّتت في تمسكها برسم الحدود الاستعمارية الزائفة.. والتي ينبع منها رأس الفتنة والتفرقة. ومنها يطلّ رأس الأفعى التي تلقي بسمومها على كل من اقترب منها من الأخوة في السلالة والدم واللغة والدين والمصير. رأس جدير هو الرأس الذي تطأطأ وأذل ودس في ترابه الطاهر كل الرؤوس الكبيرة الملآنة جهلا. وغطرسة. واستبدادا ومراهنة على أن تبقى الشعوب مرؤوسه، مدهوسة تحت حوافر البغال المصفحة. رأس جدير هو جدير حقا بأن يكتب التاريخ حجة الاثبات على أكذوبة الحدود بين الاخوة الذين خرجوا من بطن العروبة الواحد وأن يكتب أيضا ما كتبته كتائب القذافي عبثا بدماء الأبرياء رضّعا وأطفالا وشيبا وشبابا من قصص ما غول العصر. رأس جدير هو الرأس الأرفع والأعلى المنادي لأشقائنا ذرية عمر المختار إن لكم في بني قومكم في تونس إخوة ورجالا وملائكة للرحمة والتراحم. رأس جدير ليس حدّا بين الأخوة الأجوار وإنما هو رابطة وثيقة بينهم أحبّ المستعمر أم كره. وجد فيه أشقاؤنا الهاربون بأعناقهم من جحيم القتل. والدمار. والتهجير والتنكيل مأمنا وعلاجا ناجعا للملمة جراحهم وجبرا لخواطرهم المكسورة المحطمة. وهم اليوم يقيمون بين ظهرانين أشاوس الجنوب إخوة لا ضيوفا وهم في قلوب كل أبناء تونس الثورة ساكنون مبجلون آمنون من رأس الجبل إلى رأس جدير. وفي الكروب تتحد الشعوب. وربّ ضارة نافعة للناس أجمعين دار دار / بيت بيت / زنقة زنقة