حقائق عديدة حول ظروف مغادرته لحكومة مزالي في بداية الثمانينات ومواجهاته مع النظام البائد الذي سلبه مهامه على رأس بنك تونس العربي الدولي الذي أسسه سنة 1975 وفرض عليه حصارا إعلاميا مكبلا طوال 18 عاما، كشف عنها الوزير الأسبق للمالية والتخطيط منصور معلى في كتابه الصادر أول أمس الاثنين باللغة الفرنسية عن دار الجنوب للنشر تحت عنوان «من الاستقلال إلى الثورة النظام السياسي والتنمية الاقتصادية فى تونس». ويراوح هذا الكتاب على امتداد 630 صفحة بين استعراض مسيرة المؤلف منذ نشأته ودراسته إلى مساهمته في تأسيس الاتحاد العام لطلبة تونس وبناء جمهورية الاستقلال من خلال إنشاء البنك المركزي وإقرار الدينار وتكوين مجلس الدولة وتأسيس المدرسة الوطنية للادارة والبنك الافريقي للتنمية. كما تضمن الكتاب صفحات حول المهام الحكومية التي اضطلع بها المؤلف على راس قطاعى التخطيط والمالية وصياغته لاستراتيجية التنمية والمساهمة في وضع العديد من الاليات على غرار وكالة النهوض بالاستثمارات وقانون أفريل 1972 وبنوك التنمية المشتركة وغيرها قبل ان يضطر لمغادرة الحكومة وتأسيس مجمع تونس للتأمين ثم بنك تونس العربي الدولي. محطات هامة فى تاريخ تونس المعاصر عايشها الاستاذ منصور معلى فى الصف الاول بما مكنه من ان يقدم للقارئ شهادات مثيرة تكشف لاول مرة كواليس السياسة والاقتصاد وتلقى أضواء جديدة على شخصية بورقيبة والهادي نويرة ومحمد مزالي واحمد بن صالح وغيرهم وتسلط الضوء على جبروت النظام المخلوع. ويخصص الاستاذ منصور معلى الجزء الاخير من كتابه لاستشراف آفاق الثورة وما تواجهه من أخطار يتوجب توقيها وما تحمله من آمال وطموحات يتأكد السعي لتحقيقها طارحا جملة من الأفكار والتصورات الجريئة. كتاب شيق صاغ أحداثه المؤلف بأسلوب جذاب يزخر بالمواقف والشهادات والتحاليل ويستعرض حقبة تاريخية هامة نجهل عنها الكثير إلى جانب طرحه لرؤية مستقبلية.