قبل الأوان شرع الفلاحون في حصاد «القرط» وهذا التسرع يجعل من هذه المادة العلفية المحشوشة قبل الأوان عرضة للتعفن وعدم صلوحيتها للتخزين، ولو لأيام معدودات، ولا يوجد أي مبرر لهذا التسرع، وحتى وإن وجد فإنه لا يتعدى دائرة حاجة المزارع الملحة الى نصيب من المال وإن كان ضئيلا لتسديد نصيب من ديونه التي لم تُشف من مرض الانتفاخ والناجمة عن متطلبات الموسم الزراعي حرثا وإعادة حرث وبذرا وتسميدا ومداواة وتنقية من الأعشاب الطفيلية، وهي مستلزمات ارتفعت أسعارها ارتفاعا من شيمته الشطط غير المسبوق حسب الفلاحين من كبارهم الى صغارهم في غياب الرقيب رغم النداءات والاستغاثات ولكن لا حياة لمن تنادي، هكذا قالوا وأكدوا القول والعهدة عليهم. والغريب في الأمر أن سعر «بالة القرط» اليوم هو أرخص من سعر «بالة» القش اي (2500م) للوحدة وهو سعر قد يقبض منه المزارع نصفه صافيا بعد طرح مصاريف الحصاد والجمع والنقل و«الحمالة»، أما اذا طرحنا من المقبوض تكاليف الحراثة والبذور فيصبح القول «وعاد بخفي حُنين» ويبقى عزاء المزارع في صابة الموسم التي تبدو واعدة جدا في أغلب الولايات الزراعية، و لكن هذا العزاء مازال مشوبا بالحذر إذ ان السلط الجهوية والمحلية التي اعتادت الاعداد لموسم الحصاد مبكرا مازالت الى حد الآن لم تحرك ساكنا ازاء هذه العملية ذات الأولوية القصوى والتي تقتضي تسخير معدات الادارات الجهوية والمحلية لفتح المسالك الفلاحية وتهيئتها، وتنظيف حواشي الطرقات من الاعشاب قبل ان تتحول الى هشيم يكون مصدرا ومنطلقا للحرائق في المزارع ولسائل أن يسأل أين هي معدات وزارة التجهيز الموزعة على كل الجهات والتي كنا نراها كأسراب الحلزون في كل طريق ومسلك ومسرب كلما تعلق الامر بزيارة أي عضو من الحكومة. أحد المزارعين حملني طلبا لأعضاء الحكومة المؤقتة عاجلا وحالا حتى يقوموا بزيارات الى المزارع في الجهات مادام أسطول التجهيز من المعدات تعوّد ألا يخرج ولا يتحرك الا بزيارة المسؤولين وحتى وإن كانت محركاتها رباعية الدفع فإن لا محرك يحركها كالمحرك الحكومي في كل زيارة والناس على ما أقول شهود تصديق واثبات.