محكمة الاستئناف : تأجيل النظر في قضية "انستالينغو" ليوم 09 جانفي القادم    إضراب في توزيع قوارير الغاز: علاش وشنوّا طالبين؟    عاجل: الحماية المدنية تحذّر التوانسة    بُشرى للجميع: رمزية 2026 في علم الأرقام    جندوبة: انطلاق اشغال المسلك السياحي الموصل الى الحصن الجنوي بطبرقة    مارك زوكربيرغ يوزّع سماعات عازلة للحس على الجيران و السبب صادم    رئاسة الحرمين تحذر: هذا شنوا يلزم تعمل باش تحافظ على خشوعك في الجمعة    عاجل: هذه فرضيات المنتخب التونسي الدور القادم في حالة الترشح    انطلاق عمليّة إيداع ملفّات الترشّح لمناظرة الانتداب في رتبة أستاذ مساعد للتعليم العالي    إهمال تنظيف هذا الجزء من الغسالة الأوتوماتيك قد يكلفك الكثير    وفاة الدكتورة سلوى بن عز الدين أحد مؤسسي المصحّة العامّة لأمراض القلب والشرايين بتونس    سليانة: ضبط برنامج عمل مشترك إستعدادا للاحتفال برأس السنة الإدارية    بطولة كرة السلة: نتائج منافسات الجولة الخامسة إيابا .. والترتيب    النادي الإفريقي: محمد علي العُمري مطالب بالمراجعة    الاتهام شمل اكثر من 40 متهما.. الاستئناف تجدد النظر في ملف " انستالينغو "    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    عاجل: دار الإفتاء المصرية ''الاحتفال برأس السنة جائز شرعًا''    انطلاق توزيع 30 آلة خياطة متعددة الاختصاصات لفائدة العائلات المعوزة    أحداث 2026 الدولية الأكثر أهمية...7 قضايا لازمك اتّبّعهم    هام/ كأس أمم افريقيا: موعد مباراة تونس ونيجيريا..    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": برنامج مقابلات اليوم من الجولة الثانية    مصر ضد جنوب إفريقيا اليوم: وقتاش و القنوات الناقلة    عاجل : لاعب لريال مدريد يسافر إلى المغرب لدعم منتخب عربي في كأس الأمم الإفريقية    هيئة السوق المالية تدعو الشركات المصدرة إلى الاتحاد الأوروبي للإفصاح عن آثار آلية تعديل الكربون على الحدود    الرصد الجوّي يُحذّر من أمطار غزيرة بداية من مساء اليوم    أمطار غزيرة متوقعة آخر النهار في هذه المناطق    استدرجها ثم اغتصبها وانهى حياتها/ جريمة مقتل طالبة برواد: القضاء يصدر حكمه..#خبر_عاجل    عاجل/ مع اقتراب عاصفة جوية: الغاء مئات الرحلات بهذه المطارات..    الصحة العالمية: 100 ألف طفل في غزة مهددون بسوء تغذية حاد    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    تونس : آخر أجل للعفو الجبائي على العقارات المبنية    كيفاش يعرف أعوان المرور إنك خلصت ال Vignetteو Autocollantما هوش لاصق ؟    عاجل/ في تصعيد جديد: غارات وقصف ونسف متواصل يستهدف مناطق واسعة من غزة..    قرارات عاجلة لفائدة زيت الزيتون التونسي: أولوية قصوى في إسناد منح التصدير    أبرز ما جاء لقاء سعيد برئيسي البرلمان ومجلس الجهات..#خبر_عاجل    عاجل/ قتلى وجرحى في اطلاق نار بهذه المنطقة..    عاجل: هكا باش يكون طقس ''فاس المغربية'' في ماتش تونس ونيجريا غدوة    عاجل: الكشف عن هوية اللاعب الشاب الذي عُثر عليه غارقًا في بحر بنزرت    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز... التفاصيل    ترامب يعلن شن ضربة عسكرية على "داعش" في نيجيريا    تظاهرة «طفل فاعل طفل سليم»    رواية " مواسم الريح " للأمين السعيدي صراع الأيديولوجيات والبحث عن قيم الانسانية    أولا وأخيرا .. رأس العام بلا مخ ؟    شارع القناص .. فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي انفصام فنّي على القياس ..حسين عامر للصوفيات وحسين العفريت للأعراس    الضاوي الميداني: قرار غير مدروس    كرة اليد: هزم الترجي الرياضي جزائيا في مباراة "الدربي" ضد النادي الافريقي    فيليب موريس إنترناشونال تطلق جهاز IQOS ILUMA i في تونس دعماً للانتقال نحو مستقبل خالٍ من الدخان    الليلة: الحرارة تتراوح بين 6 و23 درجة    يتميّز بسرعة الانتشار والعدوى/ رياض دغفوس يحذر من المتحور "k" ويدعو..    أنشطة متنوعة خلال الدورة الأولى من تظاهرة "مهرجان الحكاية" بالمركب الثقافي بسيدي علي بن عون    التمديد في المعرض الفني المقام بالمعلم التاريخي "دار الباي" بسوسة الى غاية منتصف جانفي 2026    بداية من اليوم..دخول فترة الليالي البيض..    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز    مع Moulin d'Or : قصّ ولصّق وشارك...1000 كادو يستناك!    نانسي عجرم ووائل كفوري ونجوى كرم يحضروا سهرية رأس السنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإصلاح التربوي لسنة 1991 بين النصّ الرسمي والنّصّ الغائب (4): ما أُسقط من الحساب بين السيّد الهادي خليل وزير التربية الأسبق والأستاذ حمادي بن جاء بالله
نشر في الشروق يوم 05 - 05 - 2011

بالقلم :الحبيب عيّاد. (أستاذ باحث. كلية الآداب، منّوبة)
رابعا- الهوية: بين الوطنية والدستورية.
1- الخلاف في الإجبارية بين مشروع القانون والقانون كان خلافا في تحديد السن الأقصى لا في النّصّ على المبدإ ذاته. أمّا الخلاف في الهوية بين النّصّين فإنما كان في التنصيص عليها أصلا. ولعلّ مسألة الهوية، انطلاقا ممّا يذكره السيد الهادي خليل عندما سمّي «تعمّدا واضحا للسكوت» عن المبادئ الثلاثة، هي التي تجد من المداولات أقوى التأييد لما أشار إليه من الإغفال.
لنبين أوّلا أنّ الفصل الأوّل الحالي من قانون 91 يتضمن في بابه الأوّل بعنوان «المبادئ الأساسية»، فصلا أوّل يتكون من جملة أولى: «يهدف النظام التربوي- في إطار الهوية الوطنية التونسية والانتماء الحضاري العربي الإسلامي- إلى تحقيق الغايات التالية.»، وبعد ذلك تفصيل للغايات في 13 فقرة.
هذه الجملة الأولى اعتبرت كالديباجة العامة للقانون كلّه. لكنّ الذي يبدو أنّ هذه الديباجة وراءها قصّة يمكننا أن نحيط علما ببعضها من خلال مداخلة الدكتور حمودة بن سلامة، عضو مجلس النواب، في الجلسة العامة ليوم 24 جويلية التي كان فيها من قوله:«إنني استبشرت عندما قرأت أن لجنة التربية اقترحت ديباجة جديدة وصيغة جديدة للفصل الأوّل (...) استبشرت عندما علمت- وقد حضرت شخصيا بعض اجتماعات هذه اللجنة- أنّ اللجنة قدّمت مقترحا في صياغة ديباجة للفصل الأوّل كمظلة تنصّ على أنّ هذا العمل الإصلاحي التربوي ينصهر ويندرج في إطار الانتماء الحضاري العربي الإسلامي لبلادنا.» ويضيف«أسجل بكل إيجابية أن السيد الوزير قبل وأدرج هذا الاقتراح لهذه الصياغة والديباجة لهذا الفصل بعد أن تم السهو على ذلك من قبل الوزارة، ولم تجب على الاقتراح في الأجوبة الكتابية.» ( المداولات، ص. 2320 )
2- ما هو مهمّ على صعيد الكشف التاريخي من قول الدكتور حمودة بن سلامة في أمر الهوية هو الإشارة إلى أنّ الديباجة كانت جديدة، وأنها من اقتراح اللجنة، وأن الوزارة وافقت عليها بعد أن كان منها «سهو». ولكنّ الكلام في اقتراح اللجنة ذاتها، ما قبل منه وما لم يقبل، يقتضي بعض التدقيق، إذ يوقفنا محضر المداولات على المعطيات التالية:
- في جلسة يومي 2-3 جويلية، تضمّن تقرير اللجنة البرلمانية في باب «التنقيحات والإضافات المقترحة» اقتراحين ينصّان على الهوية. - الأوّل نفهمه من طلبها أن تكون البداية في الفصل على هذا النحو:«الفصل الأوّل: تهدف رسالة النظام التربوي في كلّ مرحلة وفي إطار الهوية العربية الإسلامية التي أقرّها الدستور، إلى تحقيق الغايات التالية».
والثاني نفهمه من طلبها أن يكون تحرير الفقرة الأولى من الغايات على هذا النحو:» تمكين الناشئة منذ حداثة عهدها بالحياة مما يجب أن تتعلمه حتى يترسّخ لديها الوعي بالهوية العربية الإسلامية والذاتية الوطنية التونسية وينمو لديها الحسّ المدني والشعور بالانتماء الحضاري وطنيا ومغاربيا وعربيا وإسلاميا ويتدعم عندها التفتّح على الحداثة والحضارة الإنسانية.» (المداولات، ص. 2284 )
- في تقرير الوازرة الكتابي المرفق بمحضر المداولات نرى جيّدا أن الوزارة سكتت تماما عن المقترحين اللذين ينصّان على الهوية. فلا جواب كان على الديباجة المقترحة، ولا جواب كان على اقتراح تعديل الفقرة الأولى على نحو يتمّ فيه التنصيص على «الهوية العربية الإسلامية»، وعلى «الذاتية الوطنية التونسية».
- في جلسة الاستماع إلى الوزير يوم 11 جويلية سجّلت اللجنة «السهو» وأعادت السؤال في الموضوع:«تتساءل اللجنة عن سهو الوزارة عن ذكر الاقتراح المتمثل في إعادة صياغة ديباجة الفصل الأوّل. وهي تطلب من جديد موقف الوزارة من الديباجة المقترحة.» ( المداولات، ص. 2287 )
- في اليوم نفسه يشير التقرير إلى أن الرأي استقر بعد نقاش على صيغة. أما النقاش فأشار فيه الوزير إلى أنه «ليس لأحد اليوم وقد تبينت اختياراتنا وتجسمت في واقعنا أن يساوم على تلك الاختيارات، أو أن يشكك في صدق توجّهنا العربي الإسلامي.» وإلى أن «مسألة الهوية حساسة وهامة، وتوجهنا العربي الإسلامي لا يقبل المزايدة» ( المداولات، ص. 2288). وأما الصيغة التي أقرت فكانت ما تضمنه النّصّ الحالي: «الهوية الوطنية التونسية والانتماء الحضاري العربي الإسلامي». والحاصل من هذه العبارة، مع اعتبار حذف الإحالة على الدستور، هو تجاوز ثنائية التعريف للهوية في التحديد بين « الهوية العربية الإسلامية» من جهة و الذاتية التونسية» من جهة ثانية، وضبط لصيغة تأليفية تتأسس على تحويل في المنظور لا فقط بالنسبة إلى الدستور بل كذلك باعتبار التعريف انطلاقا من الميثاق الوطني نفسه.
3- فضلا عن النقاش في الديباجة كان نقاش في قضية التعريب ذات الصلة بالهوية من جهة وباعتبار العربية على الصعيد الوطني من جهة ثانية. ومن الواضح أنّ خلافا كان بين اللجنة والوزارة في التّصوّر العام وفي التفاصيل، والمفهوم أنّ الفصل 4 الحالي الذي ينصّ على «تمكين المتعلمين من إتقان اللغة العربية...» هو الاقتراح الذي أصرّت الوزارة على التمسّك به دون تبديل مع تجنّب استعمال لفظ «التعريب». وخلافا لذلك دعت اللجنة إلى اعتبار التعريب خيارا وطنيا وطالبت بالنّصّ على «خطّة لتحقيق هذا الخيار الوطني في جميع مراحل التعليم وموادّه...». (المداولات، ص. 2284 ) كما عارضت اللجنة مذهب الوزارة في إقرار تدريس اللغة الفرنسية انطلاقا من السنة الثالثة من التعليم الأساسي، وطالبت ب«إعادة النظر في مكانة اللغة الفرنسية وإرجاء تدريسها إلى المرحلة الثانية من المدرسة الأساسية» ( المداولات، ص. 2288)
4- بقي أن نصحّح مهمّا: المشروع حظي بمصادقة مجلس النواب بالإجماع عند التصويت عليه جملة وتفصيلا. ولم تكن سابقة في المجلس بأن صوّت 23 نائبا ضدّ المشروع. والصحيح أنّ 23 نائبا وافقوا في الجلسة العامة على طلب كتابي للنائب الشيخ عبد الرحمان خليف في أن يضاف إلى الفقرة الرابعة من النّصّ، في آخرها، عبارة:« ومن الإلمام إلماما كافيا بمبادئ العلوم الإسلامية ليتمكنوا من الاطلاع على ما ساهمت به أمتنا من تنوير للفكر البشري وبناء الحضارة الإنسانية.» والصّحيح أنّ الفصل الأوّل، عند التصويت، كانت عليه فقط 5 اعتراضات و4 احتفاظات. ( المداولات، ص. 2336- 2340)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.