صبيحة أمس السبت، كنا شهودا على حادثة غريبة وتدعو إلى الحيرة في شارع جون جوريس بالعاصمة: عشرات التلاميذ الصغار يحيطون بعوني أمن ويطلقون تهديدات بالعنف، ويحدثون فوضى مخيفة تجعلنا نتساءل عن حقيقة ما آل إليه أمر المدارس بعد الثورة. فوضى تلاميذ الإعدادية بدأت من الساعة الثامنة، بالتدافع والجمهرة في الطريق العام أمام باب المدرسة ممّا عطل حركة المرور. وعند الساعة العاشرة صباحا، ظهر بعض «التلاميذ» الذين تتراوح سنّهم بين العاشرة والرابعة عشرة يطلقون الشماريخ ومواد مفرقعة في الطريق العام، وكان أحدهم يمسك أحد هذه الشماريخ يلوح به مهددا والنار تندفع منه بطريقة أدخلت الرعب على المارة وأصحاب السيارات الذين فضل كثيرون منهم تغيير وجهتهم على الوقوع ضحية «لعب الصغار». كان طبيعيا أن تثير أصوات الفرقعة والنار انتباه أعوان الأمن، فحضر عونان على دراجة نارية وحاولا حجز تلك الشماريخ مع دعوتهم إلى فض التجمهر من الطريق العام، غير أن هؤلاء التلاميذ رفضوا الانصياع وأحاطوا بطريقة مهددة بعوني الأمن وأغلقوا أمامهما الطريق، وظهرت عليهم علامات عدوانية وشيكة. اكتفى عونا الأمن بحجز شمروخ وحيد ومستهلك، لكن هؤلاء التلاميذ عادوا بعد ذلك إلى ما هو أخطر: أغلقوا نهج غاريبلدي مرارا أمام السيارات وأطلقوا الشماريخ مرارا بطريقة تهدد بإضرام النار في الممتلكات، ولكم أن تتصوروا ما يمكن أن يفعله مراهق في سنّ الثانية عشرة يلوح بشهاب من نار بين السيارات والمارة وهو يجري ويصرخ في الطريق العام. نحب أن نذكر السادة القراء أن الأمر يتعلق بتلاميذ صغار، يفترض أن لهم أولياء أمر يحكمونهم، ويفترض أن هؤلاء الأولياء يشتكون من انتشار الفوضى والانفلات الأمني وتضاعف مخاطر الفضاء العام، ويفترض أيضا أن يبدأ هؤلاء بأبنائهم الذين أصبحوا يمثلون خطرا على هذا الفضاء العام، وإلا فأي معنى للثورة المباركة التي نستنزفها بالحديث عنها في كل لحظة ونعجز عن السيطرة على أبنائنا الأطفال.