علّمتنا الثورة ان صوت الحقّ يعلو على أصوات المدافع والقنابل والرصاص وأن كل أسلحة العالم لا يمكن ان تُخمد أصوات المظلومين، المضطهدين، المحتجّين في الشوارع أو تُلجم أفواه الشّرفاء أو تكسر إرادة المعتقلين في السّجون... علّمتنا الثورة أن الطغاة المستبدّين لا يستمدّون القوة الا من استكانة الشعوب وأن هؤلاء الحمقى قد يعجّلون بنهاياتهم ويحفرون قبورهم حين يبالغون في الاضطهاد والاستعباد والاذلال طمعا في البقاء وربّما في الخلود... علّمتنا الثورة ان عصمة الحكّام وهم وأن قوتهم سراب يختفي حين ننهض ونرفع الرؤوس عاليا.. علّمتنا الثورة آن لا أحد يرى صاحب السلطة عظيما إلا اذا انحنى له وركع أو جلس على ركبتيه وسجد... علّمتنا الثورة أن الصمت خيانة عظمى وأن الهتاف بحياة الطغاة جريمة ضد الانسانية وضد الشعب وان تأليه الرؤساء والمسؤولين ذنب كبير... علّمتنا الثورة أن الشعب يحتفظ بحق الرد ولو بعد عقود وسنين وأن ردّه يكون بحجم استبداد الساسة والحكام وبنفس قدر القمع والتنكيل والتعذيب الذي لحق به... علّمتنا الثورة أن قطرة واحدة من دماء الشهداء تكفي لتطهير الأرض لأكملها من نجاسة أقدام السفهاء... علّمتنا الثورة أن صوت الرصاص المخترق لجسد الشهيد ينزع الخوف عن نفوس ملايين المظلومين ويفتح آلاف الحناجر المغلقة والأبواب الموصدة. علّمنا الشهداء في بلدي كيف نواجه الموت مبتسمين ونفتح الصدور للرصاص وكيف تهون الحياة ونطلب الموت فداءً لحبّة رمل من تراب الوطن... علّمنا الثّوار والأحرار أن الحرية أغلى ما يوجد في الدنيا وأن التمرد على سلطة الطغاة شرف عظيم وأن استرداد الكرامة المسلوبة قدر لا مفرّ منه وأن التاريخ المشرّف لا يُكتب الا بدم الشّهداء.