بقلم : الدكتور توفيق أبو زيد اليوم أكملنا انتصارنا واتمم الله علينا نعمته بميلاد حكومة من رحم العدم ومن غير مخاض. السيوف مسلولة والأصابع على الزناد والصليل وصدى الرصاص يتناهى إلى مسامعنا جزء منه ابتهاجا واخر لحسم موقعة ومرتد أو ضال. تمخضت الحكومة وليست في ظل حكومة سابقة كما هو معهود في الدنيا ولأول مرة في التاريخ. خرجت من وسط شعب مسلح وعائد إلى توه من القتال. خرجت حكومة وكل الأسلحة الثقيلة منها والخفيفة تجوب الشوارع. بلاد من يزور مدنها ويمشي شوارعها يحسبها الصومال بل حراسها مدججين بأسلحة أعتى من ما ملكت الصومال، ولكن شتان بين السلاحين والشعبين. اليوم سبب آخر للابتهاج العظيم لأنه لم يحتكم إلى هذا السلاح احد بل جميعنا نُقبّل هذا السلاح الذي نال شرف التحرير، وتأكدنا أن ليبيا ليست الصومال ولا العراق ولن تكون إلا ليبيا. في ليبيا الوليد معافى وسينمو ومعه الآمال. خرجت حكومة من رحم شعب يضبط بنفسه ويترقب في آن واحد ويداوي جرحاه ويكفكف الدموع ويمسح الحزن عن الأيتام. شعب ورث تركة فاسدة نتنة، شعب بلا ضابط إلا التطلع إلى العلا والشوق إلى الحرية وحكومة تولد فيختتم ثورته ويثبت الله أجره. اليوم ولادة الحكومة يشبه يوم دك باب العزيزية ويوم حررت ليبيا. بعد اليوم ننام نحن الشعب مبكرا ونصحو متى نشاء لان دورة الحياة تم ضبطها تلقائيا ولا خوف ولا هم يحزنون. خرجت الحكومة في غياب المراقبين الدوليين ليس مكابرة بل ومرحب بهم لتأكيد الشفافية ونضيف درسا جديدا أخر فنحن شعب ترك وحيدا عهودا وجله لم يعهد هذا الحدث. لأول مرة منذ نصف قرن ينبثق رئيس وزراء في بلادي وليس من تحت عباءة المقبور ولم يتبادل الأدوار مع حفنة مشبوهة جثمت على صدورنا دون إمكانية الخلاص إلا من يموت منهم. نحن عزمنا وتوكلنا ولا نعود إلى الوراء ولكن للتذكرة فرؤساء حكومات العهد المقبور مكررين ويأتون بهم من ودائعهم ومن مزبلة التاريخ لدور ما غير شريف ولملء جيوبهم وبطونهم وبطون ما ملكت إيمانهم التي لا تشبع ,ذلك ما يعقدون عليه العزم قبل البدء فيسبح في فلكها كل مفسد وضال يسبّحون ويحمدون مليك نعمتهم ويدعون له الخلود. يعبثون بأرزاقنا ويكفرون بنعم الله التي انعم الله بها علينا ولم يخشوا الله فينا ويتقوه فأعدناهم إلى المزبلة وبئس المصير وطوينا الصفحة وعاودنا الأمل والعيون إلى الامام. نعقد على رئيسنا آمالا في حجم الثورة التاريخية وآمالنا كبيرة على حجم مصائبنا التي امتدت عهودا ونبايعه ونتقدم الصفوف في الطليعة لانجاز المهام تواقين إلى العلا. قال مقاتل من الثوار وهو عائد إلى بيته والزغاريد تصدح في الشوارع قال «أنجزنا المهمة وحررنا البلد وجاء دور المدنيين المثقفين والخبراء والمتطلعين الآخرين للبناء» وصدق فيما قال. فالزمن تحرك بعدما توقف عقودا ومعه كانت العقول قد تكلست وتبلدت وننفض اليوم الغبار وننهض ونأتي بما فاتنا به الزمن. نبني بكلتا اليدين، يد تمتد إلى الأمام لنلحق وأخرى تعاود إلى الماضي لحمل أعبائه وتختصر الزمن. رئيس أظنه خرج من القاعدة العريضة ولم نسمع عنه وعلمنا بمؤهلاته المرموقة وهذا بشير جيد وبشرى لنا فهو ليس اسما متكررا كما عهدنا ولا مترهلا. رئيسنا ابننا البار حرمت منا ومن ليبيا سنين وحرمنا منك رغم أننا لا نعلمك ويكفينا انك حملت رايات المعرفة والعلم في أصقاع المعمورة فأضفت إلى ليبيا شرفا فكنت جنديا مجهولا ونسألك الصفح فثورتنا تأخرت طويلا. منعوك ومنعوا عنك الوصل فازددت عنادا وانطلقت وصرت منارة وجاء القدر لنتحرر جميعا وتصبح كل ليبيا لك منبرا ويعود الوصل. عقدنا معك العزم ولن نتأخر مرة ثانية لأننا أيضا هتفنا بدم الشهداء وسنفي بعهدنا لهم ولن نخذل ولن تخذل أنت الشهداء ولن نخذلك ما حفظت أنت العهد لهم وصنته. سابقا قالوا لنا ووعدونا بليبيا الغد ولن نكرر ما قاله السفهاء وليسوا منا ولن ننتظر فالغد لن يأتي أبدا ويبقى الغد دائما منتظرا فذلك ماعاد ينطلي علينا ولن نسمح به. كلنا أدوات هذا الوطن ونبنيه معا وليس منا من ينتظر. رئيسنا كلامنا واضح ولن نتأخر اذا دعوتنا فالحمل ليس سهلا والأمانة عظيمة ولن نقبل الفشل فالشهداء والجرحى حملونا على النصر ودونه لن نرتضي. سنعفو عنك ان اجتهدت فأخطأت إلا إذا أفسدت فلن نغفر ولن نصفح ولابد من دفع الثمن فمن يصفح نيابة عن الشهداء لك. الشهداء والجرحى عبدوا طريقنا وطريقك الى الحرية وما بخلوا وقبلنا نحن وانت القربان منهم وجميعا نعيش ونتنفس اليوم هذه الحرية ولن نتخلف ان وجب وننال الشرف مهما كان الثمن والشهداء والجرحى قد سبقونا في الدفع. رئيسنا الشهداء والجرحى مطلبهم وحقوقهم جلية ولا يخطئها احد والفساد قد أحرقت خيمته بعدما قبر الملك وصفحته طويت إلى الأبد. ثم جمعيات المجتمع المدني انبثق بعضها داخل ميادين القتال وشوكتها تقوى ولن تتراجع. تلك الجمعيات وغيرها كثيرة أنجزت المهمة في تحقيق النصر ومن بعده حملت الأمانة وستبقى يقظة وعيون ساهرة عليها ونظراتها ثاقبة على معوقات الثورة والحسم السلمي وستكون عونك ونصيرك فانصرها وستنصرك في الحق.