في الانتخابات، الديمقراطية عسل، والشفافية عسل، والوضوح عسل، والنزاهة عسل، ما في ذاك شكّ، عسل وفيه شفاء لا للنّاس فقط، وإنما للوطن أولا وأخيرا. والعسل يجمعه النحل الذي تعرف كل نحلة فيه واجبها ومهامها وليست اليعاصيب (الفرززّو)، ولكن كثيرين هم من نصبوا اليوم أنفسهم صنّاع العسل في ربيع تونس، وانتحلوا صفة النحل، وتمرّغوا عبثا في رحيق أزهار الثورة وهم لا يملكون من النحل إلا اللّدغ والطنين تماما كاليعاصيب ولا خير في من يترقّب العسل من وراء اليعصوب ومع ذلك لا أحد منا ينفي على هذه الجماعة أنهم «كثروا من العسل» فعلا الى حدّ أن الديمقراطية والوضوح والنزاهة والشفافية أصبحت جميعها «تتلبط» في الأفواه بالكلام المعسول جدا جدا جدا، ولا غرابة أن زادوا لكلامهم المعسول عسلا وكثروا من العسل حتى يفي بالحاجة لأن يطول للأغلبية الصامتة نومها في العسل، وهي في رحيق «الدّفْلَى» والحنضل تغوص وتغرق. سألت أحد مربّي النحل لأنه أدرى مني ومنك بأمر النحل والعسل عما تعنيه له بعض التواريخ ومنها 25 جويلية و16 أكتوبر؟ قال إن الأول هو من أهم أيام موسم جني العسل من الأجباح، والثاني هو من أهم أيام تفريخ النحل وهجرة «الفرخ» من الأجباح. قلت وأيهما أحبّ إليك؟ قال «جبح في الكف ولا عشر يطيرو» قلت إذن أنت تخير 25 جويلية على 16 أكتوبر؟ قال كلاهما واحد عندي من حيث النعمة والفائدة. وكلاهما يستوجب الدقة واليقظة والفطنة في التعامل معه. قلت وإذا غاب كل هذا؟ قال يأكل فرخ النحل العسل ويطير الى حيث لا ندري. ويفرغ الجبْح. وينعدم الرّبح، ويسود القبح ويبقى الصندوق فارغا خاويا من أسقط المتاع لا يصلح إلا للاقتراع، قلت وكيف يبقى المربّي قال «منّو لرّبّي» «منّو لربّي» «منّو لربّي».