ثمّ ما الذي يريده التونسيون؟ هل قام التونسيون بثورة للحرية أم قاموا بثورة إسلامية؟ لم يتنفس التونسي الحرية بعد وها هو يتحدث عن إمكانية صعود الأحزاب الإسلامية التي تسوق منتوجها تحت ازدواجية الخطاب رافعة راية الديمقراطية والحرية وتستخدم المرأة التي لطالما مثلت مصدر قوة المجتمع التونسي وحققت توازنه ونجاحه لتحولها إلى نقطة ضعف وتقدم هذه الأحزاب الرجوع الى تعدد الزوجات كحل للمشاكل الأخلاقية ومدخل معسول لتطبيق الشريعة الإسلامية وقطع يد السارق كأنموذج للعدالة الاجتماعية والزكاة كحل للفقر بعد الإبقاء على المرأة في البيت كحل لمشاكل التشغيل الشبابية خاصة ان حضور المرأة بكثرة في الوظيفة العمومية وهكذا يكتمل هدم كل المؤسسات البورقيبية ومقومات الجمهورية وتضمحل الهوية التونسية لتذوب وسط الهوية العربية العادية. ولكن التونسي لا يريد قطع يد السارق وانما انتفض على النظام الجائر مناديا بالحرمة الجسدية ولا يريد تعدد الزوجات بعد ان ارتقى من منطق الشهوات إلى منطق المسؤولية فهو لا يريد ثمانية أو تسعة أبناء بل ابنين او ثلاثة يحسن تربيتهم وتعليمهم وحضور المرأة في المجتمع يثريه و يحافظ على اتزانه ويتقدم به إلى الأمام وليس بقاؤها في المنزل حل للتشغيل لأنه حين تطبيق الشريعة تكون الدولة قد أفلست فلا مؤسسات عمومية ولا إدارات رجالية ولا شهريات بعد هروب رؤوس الأموال كما فسرنا أعلاه ولا تعول على السعودية لتعطيك نفطها وأموالها. عجيب كيف تتحدث الأحزاب الإسلامية في زمن القوى الاقتصادية عن التخلي عن نصف اليد العاملة وعن الكفاءات والقدرات بدعوى أنها أنثوية ولم تفهم ان قوة الشعوب ووزنها تكمن في القوة الاقتصادية كالصين التي أصبحت موجودة عالميا منذ وجودها اقتصاديا وليس عن طريق الديانة البوذية في حين أنّ اثيوبيا والصومال والسودان الإسلامية لا وجود لها خاصة السودان الإسلامية التي لم تربح من السياسة المتطرفة إلا الانقسام بعد أن خسرت الحرب الإرهابية والإعلامية. وأين الحرية مع الإسلاميين فنظرتهم للعالم تقتصر علي الحلال والحرام وأين الثقافة فلا رقصا ولا مسرحا ولا موسيقيا غربية ولا دكتورا ولا دكتورة فكل شيء مؤنث ومذكر ولا مكان للكفاءات؟ لا! لقد ولى زمن الإسلاميين بعد ان فشلت أنظمتهم في جميع البلدان العربية لقد مل العالم التطرف والإرهاب ورفضه دون رجعة ويتهيأ لدخول حقبة زمنية جديدة. إنّ شعوبنا مشتاقة إلى الحرية مشتاقة إلى الفكر إلى النقاش والجدال إلى التفهم والحقوق وضمان الحقوق قبل الواجبات لأنه لا واجب تحت الظلم. شعوبنا مشتاقة إلى حلول جدية إلى حلول جذرية إلى حلول ذكية وليس إلى الرجعية شعوبنا مشتاقة إلى أنظمة ديمقراطية توفر الفرص والحظوظ لجميع الأفراد وتعتني بالأفراد لان الفرد مهم ونجاح المجتمع مرتبط بنجاح أفراده. في النهاية نستنتج أن تونس الإسلامية لا وجود لها الا في بعض الأذهان وان صعود الإسلاميين في تونس سيكون كالحكم بالإعدام وعلى التونسيين تحمل المسؤولية وإيجاد السبل لبناء تونس الديمقراطية وإنارة باقي الأنظمة العربية حتى لا نسقط في ثورة خمينية وحتى تقترن صورة الإسلام بالحرية في ظل الديمقراطية وتتجدد صورته بالاعتدال والوسطية في العالم بعيدا عن الأحزاب الدينية. سيحدد الشعب التونسي مصيره ومصير المغرب العربي وشمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط شمالا وجنوبا وتوازن القوى في العالم ومصير العالم العربي ومصير السنة المهدد والمذهب المالكي ومصير دين العلم والعمل والتسامح ومصير حلم دولة الحريات العربية في تونس. ٭ بقلم: الدكتورة آسيا عبد الله