لئن كان في الحسبان أن تنتظم هذا الأسبوع الدورة الحادية عشرة للمهرجان الوطني للشعر الغنائي بالمدينة الجديدة فإنه واستنادا الى كاتبه العام رضا العرفاوي فإنه تقرّر تأجيل الموعد الى سبتمبر القادم (الشروق 31 ماي) وحسب ما توفر لدينا من معلومات فإن أسباب التأجيل تعود بدرجة أولى الى الوضع الاستثنائي الذي تمرّ به البلاد بدرجة أولى ثم الغياب الواضح للدعم المادي لهذه التظاهرة التي تعتبر رافدا أساسيا في إثراء المدونة الغنائية من خلال إنتاجات شعرية يكون لها صداها لدى الملحنين والمطربين على حدّ السواء. لقد نجح المهرجان الوطني للشعر الغنائي بالمدينة الجديدة على امتداد دوراته العشر الماضية في تأثيث الساحة الغنائية بنصوص شعرية فيها جهد واجتهاد وتجديد على مستوى المضامين التي تلقفها ملحّنون وصاغوا لها الألحان المناسبة. لقد أمكن للمهرجان الوطني للشعر الغنائي أن يكشف ويكتشف أسماء أصبح لها حضورها في المدونة الغنائية التونسية بل مثّل هذا المهرجان فرصة لهؤلاء الشعراء لترسيخ علو كعبهم في هذه النوعية من الانتاجات الشعرية: جابر المطيري والشاذلي القرواشي والسيد السالك والبشير اللقاني وسالم الشعباني وحمادي زعبيط وغيرهم كثير. بنك شعري ؟ كان من أبرز أهداف المهرجان الوطني للشعر الغنائي بالمدينة الجديدة تأسيس «بنك شعري» يكون تحت تصرف المبدعين .. ولئن قطع هذا المشروع خطوات كبيرة على درب التأسيس فإن «المال الذي يعتبر قوام الأعمال» مثّل عائقا كبيرا على درب التكوين رغم الجهود المبذولة من السلط المحلية بالجهة ونعني هنا بدرجة أولى البلدية التي وجدت نفسها في مواجهة مصاريف غير قادرة على توفيرها حتى يحافظ المهرجان على خصوصيته التي انبنى عليها وتأسّس من أجلها. في الذاكرة على امتداد دوراته الماضية أمكن للمهرجان الوطني للشعر الغنائي بالمدينة الجديدة أن يربط جسور التواصل بين مختلف الأجيال الموسيقية من خلال التكريمات التي حظيت بها عديد الأسماء الفاعلة في الأغنية التونسية: حسونة قسومة وعبد الحميد بنعلجية ومحمد بوذينة ونعمة والهادي الجويني وصفية الشامية والزبير التركي ومحمد سعادة وحمادي بن عثمان.. والقائمة طويلة في هذا المجال. المال... ثم الما يبقى توفير الامكانات المادية أمرا حتميا وضروريا حتى يحافظ هذا المهرجان على اشعاعه ويواصل مسيرته الابداعية.. فالمهرجان أصبح مهدّدا اليوم أكثر من أي وقت بالاضمحلال والذوبان ما لم تتحرّك الدوائر المسؤولة لإنقاذ هذه التظاهرة، فناقوس الاندثار يدقّ.. فهل من منقذ؟