106 مشاركين في الدورة الجديدة... والجائزة الأولى نالها البشير اللقاني وعبد الحفيظ صويدْ اختتمت صباح الاحد الماضي فعاليات دورة عبد الحميد بنعلجية للمهرجان الوطني للشعر الغنائي بالمدينة الجديدة بحضور السلط الجهوية والمحلية بولاية بن عروس.. وشهد حفل الاختتام الذي تابعه جمهور غفير من الشعراء والمثقفين في الجزء الاول منه محاضرة قيمة تحدث خلالها الفنان محمد القرفي عن واقع الاغنية التونسية ومستقبلها فلاحظ في البداية ان ازمة الابداع قديمة جديدة وان التقدم في الابداع لم يتحقق في مصر مثلا الا عندما نزع الملحن المصري العباءة المحلية وسبر اغوار التأليف الجدي بحثا عن الابتكار والانتشار عبر شخصيته الذاتية التي صارت بعد ذلك جماعية وترك التميز الفلكلوري لاصحابه وفي مجالاته المحدودة. وبيّن المحاضر ان هذا «الاكتساح» المصري للساحة الابداعية العربية دفع بالعديد من المفكرين والشعراء والمهتمين بشؤون الموسيقى يتجادلون حول هذا التطور السريع ووجوب القيام بنفس الشيء في تونس. وحسب الاستاذ محمد القرفي فان عناصر عدة في تونس كانت وراء هذا التحرك نحو التطور: سيطرة اليهود والرعاع على القطاع الموسيقي فنيا وتجاريا لاعتبارات دينية. تفشي الغناء الهابط. انعقاد مؤتمر الموسيقى العربية الاول بالقاهرة عام 1932 والذي شهد اهتماما واضحا بالموسيقى المشرقية والتركية لما بينهما من تقارب واضح على حساب موسيقى المغرب العربي رغم نجاحها جماهيريا. سفر مؤسس الرشيدية مصطفى سفر الى مدينة قسنطينة الجزائرية عام 1934 واكتشافه المطربية التي كانت اول جمعية فنية جزائرية تعنى بالموسيقى والرقص والمسرح وقد تأكد ان الموسيقى في حواضرنا تعاني من عدة نقائص رغم عراقتها وحسن ذوق اهلها. انتشار الوعي الوطني لدى النخب المفكرة والاحساس بضرورة تخليص المجتمع من ادران الماضي. بروز طبقة مثقفة من العلماء والشعراء امثال الفاضل بن عاشور والشابي والطاهر الحداد وعبد الرزاق كرباكة وفي وقت لاحق جماعة تحت السور عملت ان تجذب وراءها فناني العصر مثل علي الرياحي والهادي الجويني وغيرهما كثير. هذه الاسباب والكلام للمحاضر احدثت حركة فكرية من اهم نتائجها تأسيس اول جميعة تعنى بالموسيقى التونسية جمعا وتصنيفا وانتاجا: هي فرقة الرشيدية ولاحظ المحاضر انه رغم اجتهادها لكي يكون الغناء محليا بعيدا عن الشرق الا ان كبار الملحنين المتميزين بطابعهم الخاص كانوا تحت وطأة النجاح المصري كالهادي الجويني بموشحاته وادواره وعلي الرياحي باغانيه وقصائده الشرقية النزعة ورضا القلعي الذي تشبّع بالحان فريد الاطرش الشعبية فجاءت كثير من ألحانه منسوجة على منواله وكذلك خميس الترنان الذي ظل وفيا للقصائد الشرقية الكلاسيكية مثلما يظهر ذلك في اغنية «ربي عطاني كل شيء بكمالو» التي تذكرنا مساراتها اللحنية كما اشار الى ذلك المحاضر بقصيد عبده الحامولي «وحقك انت المنى والطلب». وتحدث المحاضر عن الوضع الموسيقي بتونس خلال فترة الاستقلال التي شهدت تأسيس فرقتي الاذاعة الأولى والثانية وفرقة اذاعة صفاقس التي تميزت بنوع من الغناء المتأثر بالقوالب الفلكلورية الجهوية. وخلص بعد ذلك الى اوائل السبعينات التي عرفت اتجاها تحديثيا من خلال اوركسترا 71 للموسيقى العربية وقد كان لهذه الفرقة الفضل حسب تأكيده في كسر الطوق الذي فرضته واستكشاف مجالات جديدة في الكتابة الموسيقية وفي تقنيات التسجيل وقد وجدت هذه الفرقة تواصلا فيما بعد من خلال فرقة مدينة تونس للموسيقى العربية وقد كان لهذه الفرقة الفضل حسب تأكيده في كسر الطوق الذي فرضته واستكشاف مجالات جديدة في الكتابة الموسيقية وفي تقنيات التسجيل وقد وجدت هذه الفرقة تواصلا فيما بعد من خلال فرقة مدينة تونس للموسيقى العربية التي أسست لمسرح غنائي حديث وابرزت اصواتا لعبت دورا هاما سواء في الانشاد المسرحي أو في اداء القصائد والاغاني الجادة كثامر عبد الجواد وفاطمة بن عرفة. وبعد توقفه عند تجربة الفرقة الوطنية للموسيقى تحدث عن ظاهرة المزود التي اكتسحت الانتاج الغنائي ملاحظا في هذا الاتجاه ان صالح المهدي هو الذي كان وراء نقل المزود من اطاره الاصلي الى الاستعمال العام حين قدم في اواخر الخمسينات اغنيتين على انغام المزودنقلهما من التراث الطرقي (يا سيد الاسياد يا رايس الرياسي).. واليوم اصبح المزود متنفسا سهلا واستثمارا مؤكدا. كيف ننهض بالابداع الموسيقي؟ وتوقف الفنان محمد القرفي في الجزء الاخير من هذه المحاضرة عند حلول لا بد من توفرها حتى يستعيد الابداع الموسيقي رونقه والتي لخصها في النقاط التالية: ضرورة الفصل بين الهواية والاحتراف. الاعتناء بالتعليم الموسيقي بصفة جدية وضرورة الاستفادة من تجارب الآخرين دون مركبات حتى لا يكون لدينا ملحنون انصاف متعلمين يريدون ان يكونروا عنوة متعددي الصفات مؤلفين وملحنين ومطربين وموزعين. منح المبدع حرية الابتكار وان لا نقيده بالقوالب الجاهزة او النماذج الفلكلورية بدعوى التميز المحلي على اعتبار ان التميز هو الابتكار ولا شيء سوى الابتكار. البشير اللقاني وعبد الحفيظ صويد وتم اثر النقاش الاعلان على جوائز الدورة السادسة للمهرجان الوطني للشعر الغنائي التي شهدت مشاركة 106 شعراء والتي جاءت على النحو التالي: الجائزة الاولى مناصفة: البشيز اللقاني: (حب الحياة) عبد الحفيظ صويد (صرح الهوى) الجائزة الثانية مناصفة: عمر هلال (حبّها) الشاذلي القرواشي موشح يا هيام الروح الجائزة الثالثة: مناصفة: جابر المطيري (انا موجود) الزين الرابحي (شمس بلادي) علما وان لجنة تحكيم تركبت من حسونة قسومة وأحمد عامز وعبد الرحمان الكبلوطي والفنانة سلاف وقد دعت في تقريرها الشعراء الى مزيد تنويع الاغراض الشعرية وضرورة الخروج من القوالب المعروفة والدعوة الى ضرورة العناية بهذا المهرجان ودعمه. وشهد الحفل الختامي للمهرجان في جانب آخر تكريم الشاعر الراحل المنصف بوسمرة وقدمت الطفلة اميمة قلالة بصوتها قصيد لوالدها الشاعر الكفيف المنصف قلالة عنوانها (تونس) تفاعل معها الحضور بشكل كبير.