هي المرة الثالثة التي يتولى فيها السيد محمد الناصر المحامي وصاحب شهادة الدكتوراه في القانون الاجتماعي حقيبة الشؤون الاجتماعية...إذ تولى الرجل مهمة تسيير وزارة الشؤون الاجتماعية عام 1974 قبل أن يغادرها مستقيلا عام 1977 ثم عاد لتسلم مهامه على رأس الوزارة عام 1979 قبل ان يغادرها مجددا عام 1985 ثم يعود اليها مرة ثالثة صلب حكومة محمد الغنوشي الثانية نهاية شهر جانفي الماضي. لأجل هذا كله يقول السيد محمد الناصر انه الأكثر قربا للفقراء والمحتاجين وانه حين يدلي بأرقام ومؤشرات تخص «حرفاء» وزارته كما أسماهم فهو لا يتجنى على أحد ولا يود التشكيك في مهنية أحد...بل انه فقط تحدث عن أشخاص مقربين منه ويعرفهم بشكل دقيق. «الشروق» التقت السيد محمد الناصر في مكتبه صباح أمس فكان الحوار التالي: ٭ أثارت نسبة الفقر التي أعلنتموها أمام أعضاء الهيئة العليا للإصلاح السياسي والمقدرة بحوالي ربع سكان تونس بدل 3 فاصل 8 وهي النسبة الرسمية المعلنة في عهد الرئيس المخلوع ردود أفعال مختلفة أبرزها حالة التململ في صفوف خبراء الإحصاء وتذمراتهم من التشكيك في مهنيتهم ماهو ردكم؟ لم أقصد التشكيك في الاحصاءات حين أعلنت عن تلك النسبة ولم تكن غايتي التشكيك بل انني قصدت التذكير بانه لدينا ما نفعل فنحن لا نتحدث عن الارقام لمجرد الارقام والمسألة لا تتعلق بمحاسبة او تشكيك لأننا جميعنا يعلم أن النظام السياسي السابق استخدم الوضع الاجتماعي لخدمة صورة معينة بقطع النظر عن الواقع. ٭ ما هي المؤشرات التي اعتمدتموها لتحديد هذه النسبة الجديدة والمقدرة ب 24 فاصل 7؟ هي ليست مؤشرات بقدر ماهي حجج ملموسة في ايدينا فوزارة الشؤون الاجتماعية هي القبلة الاولى للفقراء والمحتاجين نحن نعرفهم وانا شخصيا اعرفهم وعشت بينهم...يقول ذلك بعينين دامعتين وبعد صمت قصير يضيف وهو يعيد الكأس المنتصف ماء الى الطاولة قبالته «لدينا خبراؤنا في الوزارة ولدينا أجهزة تعمل على ملفات الفقر ولاحتساب تلك النسبة اعتمدنا عدد الأفراد المنتفعين ببطاقات العلاج المجانية وبمنح المساعدة الاجتماعية وعدد المنتفعين ببطاقات العلاج ذات التعريفة المنخفضة وكذلك أصحاب الجرايات الضعيفة واستنادا الى ذلك توصلنا الى النسبة المعلنة». كما قال الوزير ان منهجية الاحصاء تختلف بين المؤسسات فالبنك الدولي لديه مقياس معين والاتحاد الاوروبي لديه مقياس مغاير وبرنامج الاممالمتحدة للتنمية لديه مقياس آخر مؤكدا أن تغيير منهجية الاحصاء يفضي في النهاية الى احصاءات مغايرة وشدد الوزير على القول انه لم يقصد التشكيك في مهنية المعهد الوطني للاحصاء. ٭ عرضت تونس على المشاركين في قمة مجموعة الثمانية برنامجها الاجتماعي والاقتصادي والمقدرة كلفته الجملية ب25 مليار دولار اي حوالي 35 مليارا من مليماتنا هل من تفاصيل حول محاور هذا البرنامج خاصة الجزء المتعلق منه بالجانب الاجتماعي؟ هناك نقاط أساسية نعمل عليها وفي مقدمتها التشغيل لأنه في مقدمة المطالب ولأجله قامت الثورة واذا تحدثنا اليوم عن تحقيق أهداف الثورة فاننا نتحدث عن التشغيل فاليوم يعاني حوالي 70 في المئة من الشباب دون سن 30 من البطالة وعلينا ان نعمل على اعادة الامل اليهم وهذا يتطلب وضع حلول هيكلية لطمأنتهم على المستقبل وليس حلولا حينية وعاجلة. ٭ أي دور لوزارتكم في اعادة الأمل لهؤلاء؟ العمل الاجتماعي ليس خاصا بوزارة معينة بل هو موضوع حكومي يشترك فيه الجميع فالتزامنا جماعي وما يجب الاتفاق حوله الآن هو التوصل الى حل وفاقي يشخص بطريقة موضوعية ما يطرح على الساحة ويوجد له الحلول من اجل مجتمع جديد تتساوى فيه الحظوظ...هناك مشاكل حينية ومشاكل أخرى يمكن تأجيلها لكن الأساس هو الوفاق فمن المكاسب المتحققة للتونسي هو الاحساس بان تونس لنا جميعا وانه بامكانها ان تكون أفضل فبعد 14 جانفي برزت القيادات السياسية والقيادات الفكرية والمدنية الناشطة صلب المنظمات والجمعيات كلها مجتمعة حول خيارات سياسية واحدة هي بناء دولة ديمقراطية وضمان الحرية والمطلوب هو التوصل الى وفاق وطني يفتح المجال للنظر الجماعي في المشاكل الاجتماعية على ضوء معطيات تونسية تونسية وأخرى حول تونس في تفاعلها مع محيطها. وأضاف السيد محمد الناصر أن «حالة اللاوفاق ستخلق فراغا على مستوى الشرعية واضعاف كل السلط سواء في الادارة أو غيرها وهو ما أفضل تسميته شخصيا بالتفكك المرجعي والفراغ يتجسم في المطلبية وفي الانفلات الأمني واستخدام العنف والضغط للحصول على الحق لذلك لابد من الوفاق الوطني لاعطاء قوة تعوض هذا التذبذب والخوف الذي يعيشه التونسيون اليوم...لا بد من هذا التوافق مع الابقاء على الاختلاف في الرؤى». ٭ ماذا أعددتم كخطة لتسهيل ممارسة المعوقين خاصة منهم الصم والمكفوفين لحقهم الانتخابي؟ راسلنا الهيئة العليا للاصلاح السياسي قصد تسهيل مشاركة المعوقين في التصويت في الانتخابات المقبلة وما يجب التاكيد عليه هو أن تونس تحترم حقوق معوقيها الاساسية ومنها حقهم في التصويت في الانتخابات. ٭ عمليا ماذا أعددتم لهؤلاء لتسهيل ممارستهم لهذا الحق؟ لدينا حوالي 44 بالمئة من المعوقين عضويا وهم من مستخدمي الكراسي المتحركة هؤلاء سيتم تهيئة ممرات خاصة بهم في مراكز الاقتراع كما ستكون مساحة الخلوة المخصصة للتصويت قادرة على استقبال كرسي المعوق مع ترك مساحة ممكنة له للاستدارة داخلها...وفي ما يتعلق بالصم لا مشكل في التصويت لديهم اذ هم قادرون على القراءة أما بالنسبة إلى المكفوفين سنعمل على توفير أوراق تصويت مكتوبة على طريقة لوي براي كما سنعمل على الاستئناس بتجارب الدول في هذا المجال. وأكد السيد محمد الناصر ان سؤال «الشروق» حول هذه الاجراءات العملية سيتم تضمينه لرسالة جديدة سيتم ارسالها إلى الهيئة العليا للاصلاح السياسي للنظر في ما يمكن اتخاذه من تسهيلات لتمتيع المعوق من حقه الانتخابي. ٭ هل من اجراءات قانونية جديدة لتشغيل المعوقين؟ على مستوى القانون ليس هناك أي جديد بعد 14 جانفي...لدينا قانون يضمن ضرورة تخصيص القطاع العام والخاص لنسبة 1 بالمئة من الانتدابات للمعوقين وهوقانون يعود الى بداية الثمانينات. ٭ كيف هو الوضع المالي الحالي للصناديق الاجتماعية وهل هي فعلا على عتبة الافلاس؟ عبء الجرايات أصبح أقوى من المداخيل خاصة ان نظامنا الاجتماعي مبني على المساهمات...ومنذ أسبوعين اضطررنا الى زيادة مساهمة الدولة ب1 بالمئة كما أعفينا موظفي الدولة وأعوانها من دفع المساهمة الاضافية والمقدرة ب0.5 بالمئة نظرا للوضع الاقتصادي الراهن...ثم ان التوازن المالي للصناديق وجب طرحه على بساط البحث والمهم ليس التوازن المالي بل اعادة التصور في كيفية توسيع مظلة الضمان الاجتماعي لتغطية الحاجيات الأساسية للمواطنين. كما أكد الوزير ان وضعية الصناديق من المواضيع الواجب طرحها في أقرب وقت بمساهمة الاحزاب والمنظمات فهو موضوع اليوم والمستقبل وذلك لا يتم الا ببناء وفاق وطني يتم على ضوئه اعداد تصور جديد للصناديق وعرضه على المجلس التأسيسي ثم على الحكومة القادمة لذلك لابد من الوفاق الوطني من أجل االخروج من حالة الترقب والخوف نحو الاطمئنان على حد قوله.