لليوم الخامس على التوالي يتواصل اعتصام أعوان الشركة التعاونية للزراعات الكبرى احتجاجا على الظروف المادية والمعنوية التي يعملون فيها رافعين شعارات تضمنت جملة من المطالب «المشروعة» المتمثلة أساسا في صرف أجرتي شهر أفريل وماي الخاصة بهم وصرفهم تسبقة مالية لجمع الصابة الى جانب مطالبتهم بإرجاع زملائهم الموقوفين عن العمل مطالبين سلطة الاشراف بالتعجيل في الأخذ بعين الاعتبار للوضعية الاجتماعية والاقتصادية للمؤسسة. وأكد السيد مهدي بن ناجي المدير التجاري للمؤسسة في حديثه ل«الشروق» على ضرورة ديمومة المؤسسة نظرا الى دورها الهام في النهوض بالاقتصاد الوطني خاصة أنها تتعامل مع ما يقارب 8000 فلاح وتجمع 1/3 الصابة باعتبارها من أعرق المؤسسات التي تتدخل في قطاع الحبوب وتشغل 350 عونا قارا و500 عون غير مرسم الى جانب عدد هام من العمال العرضيين وطالب السيد مهدي بضرورة صرف أجور الموظفين الخاصة بشهر أفريل وماي وبتعيين مدير عام جديد. وأضاف ان المركز الوطني للدراسات الفلاحية قام بدراسات منذ سنة 1997 للنهوض بالمؤسسة وإيجاد حلول جذرية ونهائية لها الا أن هذه الدراسات لم تطبق مما زاد في تعميق الأزمة. وقال المدير التجاري للمؤسسة: «لا يفصلنا اليوم سوى 3 أيام عن موسم جمع الصابة ولهذا نحن نناشد كلا من وزارة الفلاحة ووزارة المالية بايجاد الحلول النهائية للنهوض بالشركة في هذا الظرف الحساس الذي تمر به تونس خاصة أن حجم الديون المتخلدة بذمة الشركة تفاقمت بشكل كبير خاصة منها الفوائض. تجاوزات وفساد ممنهج من جانبه أوضح السيد فؤاد سكيمة المنسق الجهوي بولايتي الكاف وسليانة والموقوف حاليا عن العمل بسبب كشفه للتجاوزات الحاصلة داخل الشركة على حد قوله إن الشركة التعاضدية تمر بأزمة مالية حادة نتيجة الفساد المالي والاداري الذي عرفته طيلة فترة النظام البائد وهو ما انعكس سلبا على الوضعية الاجتماعية والاقتصادية للمؤسسة. وأضاف أن هذا الفساد كان ممنهجا لاضعاف المؤسسة ونهب مواردها لتسهيل حلها وخصخصتها واضعافها كان نتيجة اضعاف أنشطتها والسبب في ذلك هو كافة المسؤولين الذين تداولوا على الشركة التي بإمكانها وبفضل مجهودات كافة العاملين بها أن تتجاوز الأزمة في فترة زمنية وجيزة لو وجدت ارادة حقيقية لدى سلطة الاشراف للاصغاء الى مشاكل الموظفين والى اقتراحاتهم باعتبارهم المؤهلين لتشخيص مشاكل المؤسسة مؤكدا أن الفكر الاستبدادي الذي غرسه «بن علي» ونماه لا يزال قائما وراسخا في عقلية المسؤول التونسي». وتساءل عن سبب الصمت الرهيب «لسلطة الاشراف عن الفساد المالي والاداري «الموثق» الذي مازال متواصلا داخل المؤسسة من طرف مجلس الادارة الحالي وطالب السيد فؤاد بضرورة مراجعة القانون الأساسي النموذجي للشركة الذي لم يتغير منذ احداثها في الستينات خاصة أن أعضاء مجلس الادارة المنتخبين اثر الجلسة العامة هم فلاحون وليست لهم دراية بالتصرف الاداري وهو ما خلق التضاد في القرارات. تطهير أما السيد نبيل جبنوني كاتب عام النقابة بمنوبة فقد قال: «لم نلمس بعد ثورة 14 جانفي أي تغيير على مستوى رؤية سلطة الاشراف لدور المؤسسة الرائد اجتماعيا واقتصاديا وإنما هي بصدد تنفيذ نفس برنامج العهد السابق نحو اضعاف المؤسسة وعدم المحافظة على مواطن الشغل بها وهو ما يتنافى مع مبادئ الثورة» مضيفا أن الحكومة الانتقالية والحكومة المنتظرة وتوازيا مع احداث مواطن شغل جديدة لابد من المحافظة على مواطن الشغل الحالية وذلك بدعم المؤسسات الوطنية التي كانت ضحية فساد «بن علي» الذي طال كافة المؤسسات الوطنية. وطالب السيد الجبنوني من السلطة أن تحترم تعهداتها بالتطهير المالي خاصة بعد انهاء مرحلة التطهير الاجتماعي التي تسببت في تسريح عدد يفوق 400 عامل قائلا: «لن نفك الاعتصام الى حين تلبية مطالبنا المشروعة». كما أبدى السيد عبد الكريم العرفاوي مدير الوسائل العامة بالشركة استياءه من ممارسات الاستبداد والقمع الحاصلة داخل المؤسسة من قبل كبار المسؤولين بها قائلا: «لقد قدمنا الكثير وسهرنا على حماية ممتلكات المؤسسة بشتى الطرق والوسائل ومع ذلك مازالت المظالم تلاحقنا بحيث أنه يقع ايقاف كل من حاول كشف تجاوزاتهم وفسادهم» وأضاف «كل ما أؤكده هو أن مجالس الادارة التي تعاقبت على ادارة المؤسسة لا ترغب في النزهاء والشرفاء وتعمل على تكريس مبدإ المغالطة والانتقام من كل من يعرقل سير فسادهم». وأجمع كافة المتظاهرين الذين اصروا على مواصلة اعتصامهم أن ثورة 14 جانفي هي سلاح لمحاربة الفساد وقطع دابره الى الأبد ولابد للمؤسسة من مواصلة نشاطها رغم كل الأزمات.