تمرّ التعاضدية المركزية للزراعات الكبرى (الشركة التعاونية المركزية للخدمات الفلاحية في شكلها الحالي) بأزمة خانقة منذ أواسط التسعينات وصلت مؤخرا إلى اوجها حين أقدم الاعوان والاطارات على الدخول في سلسلة من الاضرابات والاعتصامات بعد ان استنفذوا كل أساليب التفاوض مع مجلس الادارة خاصة مع استقالة المدير العام للشركة التعاونية منذ 19 جانفي 2011 الذي ساهم في تزايد المشاكل واستشراء حالة من الفوضى داخل الشركة لم ينجح مجلس الادارة في تجاوزها. ❊ الطرف النقابي يوضّح: وقد أكّد لنا أعوان النقابية الاساسية للشركة التعاونية للخدمات الفلاحية »الزراعات الكبرى« وأعضاء النيابة النقابية بمنوبة الذين اتصلنا بهم لاستجلاء الامر ان ازمة التعاضدية ليست وليدة ما بعد 14 جانفي 2011 أو نتيجة للمطلبية العمالية وانّما هي محصلة سنوات من سوء التسيير والفساد الاداري وأكّدوا ان الهيكلة العامة لقطاع الحبوب وطرق التسيير بالشركة التعاونية قد ساهمت بشكل اساسي في الوضعية التي آلت اليها وارجعوا اهمّ نقاط الضعف الى ازدواجيّة التسيير للشركة والمتمثلة في وجود مجلس إدارة يمثل الفلاحين المساهمين وإدارة عامة تمثّل سلطة الاشراف وهو ما ادّى الى تضارب في المصالح أضرّ بمردودية الشركة وقدرتها على اتباع مخطط للتنمية واضح الاهداف والخطوات وقد زاد سوء التصرّف والمحاباة الوضع تأزما لم تنفع معه عمليات التطهير الاجتماعي التي شملت تسريح ما يفوق 400 عامل والتي اقدم عليها مجلس الادارة منذ سنة 2005 معتقد أنّها الحل الناجح للخروج من الازمة غير ان الاوضاع المالية الاجتماعية لم تزدد الاّ تدهورا اصبحت معه الشركة التعاضدية غير قادرة على الايفاء بالتزاماتها تجاه المزودين وعن سداد متحقات الاعوان ومعاليم انخراطهم في الصناديق الاجتماعية. ❊ مجالس الادارة في خدمة المنخرطين تقوم التعاضدية المركزية للزراعات الكبرى (التعاونية) على الخدمات بالدرجة الاولى حيث تقوم بتقديم الخدمات الضرورية لنشاط منخرطيها وهم مطالبون في المقابل بالمساهمة في الاكتتاب في رأس مال الشركة غير ان مساهمات المنخرطين في رأس مال الشركة بقيت محدودة الى ابعد الحلول في مقابل تمتع هؤلاء المنخرطين بقروض موسمية تقدّر بآلاف الدنانير متمثلة في الانتفاع البذور والاسمدة وغيرها من المواد الضرورية يضاف الى ذلك تمتعهم بتسهيلات في الدفع وآجال مريحة ترتبط عادة بموسم الحصاد مع العلم بان كل هذه الامتيازات لم تمنع العديد منهم من التهرب من الخلاص بشتى الوسائل مما اثقل كاهل الشركة بمبالغ طائلة فاقت 11 مليون دينا من القروض المشكوك في خلاصها. وهكذا نلاحظ ان مجالس الادارة التعاقبة على الشركة ساهمت في تكريس مصلحة المنخرطين على حساب التفكير في ديمومة الشركة والحفاظ على توازناتها المالية. كما شقت الشركة التعاضدية لسنوات طويلة صراعات خفيّة ومعلنة ساهمت في تعكير الاجواء العامة بالشركة. ❊ صلاحيات مطلقة وامتيازات كبيرة الصلاحيات المطلقة الممنوحة لمجلس الادارة في اتخاذ القرارات الجوهرية المتعلقة بحاضر ومستقبل الشركة رافقتها عديد الامتيازات التي يتمتع بها اعضاء مجلس الادارة والتي تثقل كاهل ميزانية الشركة ومنها منح الحضور في اجتماعات مجالس الاداة التي فاقت 100 ألف دينار منذ سنة 2005. كما تمتع الرؤساء المتعاقبون على مجالس الادارة بامتيازات النقل والهاتف على حساب الشركة وصلت مبالغ كبيرة جدا عجزت الشركة في بعض الاحيان عن خلاصها نقدا ممّا اضطر المؤسسة لخلاصها بواسطة »كمبيالة« مؤجلة الدفع. ❊ غياب المحاسبة يؤكد النقابيون الذين اتصلنا بهم انه رغم سوء تصرّف بعض المديرين العامين واستغلالهم الفاحش لنفوذهم كتعمدهم تعطيل عملية استخلاص الديون المتخلدة بذمة الفلاحين او التصرّف في معاليم الكراء لخزانات جبل الجلود ومنوبة دون اثباتات في التقارير المالية التي تعرض في جلسات مجلس الادارة فانه لم تتم اي محاسبة او تقارير في الغرض لسلطَتَيْ الاشراف للتحقيق في مآل هذه التصرفات ويذكرون كمثال على ذلك بعض ملفات الفساد وسوء التصرّف المتعلقة بشركتي »العزيزية« و»الرحمانية« حيث قام المدير العام بالتوقيع على أمر بتحويل مبلغ 220 الف دينار لهذه الشركة بتاريخ 15 جانفي 2008 بعنوان صابة 2007 ثم قامت الشركة بوقف تعاملها مما تسبب في دين يناهز 155 الف دينار، كما أكدوا انّ الغموض يخيّم على ملف بيع شاحنات الشركة لفائدة الاعوان المسرَّحين لاسباب اقتصاديّة وكذلك ملف التطهير الاجتماعي وطرقة الموافقة عليه وتنفيذه. ❊ استقالات بمجلس الادارة: وفي خطوة قرأت على انّها اعتراف منها بفشل مجلس ادارة الشركة التعاونية المركزية للخدمات الفلاحية »الزراعات الكبرى« في حسن تسيير الشركة قدّم السيدان الشاذلي الارماني وحمدة مليكي استقالتهما من عضوية مجلس ادارة الشركة إلى رئيس مجلس الادارة في رسالة وجهت له بتاريخ 03 أفريل 2011. وهو ما يؤكد ما ذهب إليه النقابيون من ان الازمة التي تشهدها الشركة ليست وليدة مطلبية ما بعد ثورة 14 جانفي 2011. ❊ ملفات تنتظر التقصّي: كما أفادنا بعض الاطارات بالشركة التعاونية الى وجود ملفات اخرى تنتظر النظر فيها من قبل لجنة تقصي الحقائق مثل ملفات معمل سليانة، ضيعة الكريب، مطحنة الحنايا ومركز الكريب. وملف بناء جسر قبان بخزان جبل الجلود بكلفة 200 الف دينار وكلنه ظل معطبا، ملف بناء مخبر بخزان جبل الجلود بقيمة 50 ألف دينار ولم يقع استغلاله ملف كراء خزّان جبل الجلود ومنوبة بعقود مخالفة لمصلحة المؤسسة، اضافة الى البحث في قضية التوقيت المتعمد لبعض انشطة الشركة (الري، النقل) وتعطيل سير معامل العلف بالسحب العشوائي للسيولة. ❊ الوزارة تلتزم الصمت وأمام تأزم الوضع ونظرا للتجاوزات العديدة والمتراكمة بالشركة التعاضدية المركزية للخدمات الفلاحية وحرصا منهم على ديمومة المؤسسة لمالها من دور فعّال في مجال تجميع الحبوب والخدمات الفلاحية تقدّم الاعوان والاطارات والعمّال بالشركة بتوجيه عدّة مراسلات الى السيد وزير الفلاحة وكذلك الى السيد وزير المالية بقصد التدخل لايجاد حلول تخرج المؤسسة من مأزقها وتيعد الحقوق الى اصحابها حيث اقترحت الجامعة للفلاحة في برقية بتاريخ 7 مارس 2011 حل مجلس الادارة وتعيين لجنة تسيير وقتية طبقا للفصل 58 من النظام النموذجي الاساسي تتولى السهر على مصالح الاعوان وتسيير الشركة التعاونيّة، كما توجه نائب رئيس مجلس الإدارة بمكتوب إلى السيد وزير الفلاحة والموارد المائية بتاريخ 3 جوان 2011 أكد فيه على التصرفات الانفرادية لرئيس مجلس ادارة المؤسسة وتجاوزه لصلاحياته في التعيينات واعتماده المحاباة دون الملفات والى تغيّب كل من السادة رئيس مجلس الادارة والمدير العام والمدير العام المساعد عن المؤسسة منذ 10 ماي 2011 والاكتفاء بتسيير شؤون المؤسسة من المقاهي وهو ما رأى فيه إخلالاً بواجباتهم وضرب لسمعة الشركة، غير ان كل هذه النداءات من قبل الجامعة العامة للفلاحةوالنقابة الاساسية والاعوان والاطارات لم تجد آذانا صاغية من قبل الوزير ممّا جعل الوضع يزداد تأزما. ❊ مجلس الإدارة يردّ بعد الصمت والتهرب من تحمل المسؤولية والغياب عن المؤسسة قرّر مجلس الادارة ان يعود بقوّة على اثر دخول العمال والاطارت في اعتصام بمقر العمل بداية من 3 أكتوبر 2011 وذلك من خلال استهداف اعضاء النقابة والنيابة الاساسية بكل من منوبة وجبل الجلود سليم الكسوري، طارق سلامة، نبيل جبنون وسامي الحفيظي، بقرار الايقاف عن العمل واحالتهم عل القضاء بتهمة اقتراف تجاوزات خطيرة تمثلت في منع مواصلة نشاط الخزانين (منوبة، جبل الجلود)، ومنع ديوان الحبوب من تزويد المطاحن بمادة الحبوب في حين يؤكد لنا النقابيون الذين وقع طردهم بأن دوافع هذا القرار المتخذ من طرف مجلس الادارة تعود إلى انهم قاموا برفع قضيّة لدى وكيل الجمهورية للاذن بفتح تحقيق حول الفساد المالي والتجاوزات داخل المؤسسة استنادا الى تقرير الهيئة العليا للرقابة المالية التابعة للوزارة الاولى، كما قام مجلس الادارة بحجب اجور عديد العمّال مما زاد الامر سوءا. ❊ قرار الفصل طبقا للقانون عدد 94 لسنة 2005 والمؤرخ في 18 أكتوبر 2005 والمتعلق بالشركات التعاونية للخدمات الفلاحية. وطبقا للامر 1390 لسنة 2007 المؤرخ في 11 جوان 2007 والمتعلق بالمصادقة على النظام الاساسي النموذجي للشركة التعاونية المركزية للخدمات الفلاحية. وطبقا للاّئحة عدد 06 من محضر الجلسة العامة العادية المنعقدة بتاريخ 29 اكتوبر 2011 بمقر الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري قررت الجلسة العامة للشركة التعاونية ما يلي: ❊ فصل الاعوان الآتي ذكرهم من مواصلة نشاطهم صلب الشركة التعاونية المركزية للخدمات الفلاحية الزراعات الكبرى ابتداء من تاريخ 29 اكتوبر 2011 تاريخ انعقاد الجلسة العامة العادية نبيل جبنوني طارق سلامة سليم القصوري سامي الحفيظي ❊ تكلف الادارة العامة باتخاذ الاجراءات الادارية اللازمة لتطبيق هذا القرار. ❊ إصرار على المطالب الطرف النقابي وبقيّة الاطارات والاعوان بالشركة أكّدوا لنا على مواصلتهم النضال من أجل الدفاع عن حقوقهم والدفاع عن ديمومة مؤسستهم ومحاسبة المتسببين في أزمتها المالية والاجتماعية وبأن قرارات الايقاف والمقاضاة لن ترهبهم كما يحملون سلطة الاشراف مسؤوليتها فيما قد ينجرّ اليه الوضع لملازمتها الصمت وعدم اتخاذها قرارات جريئة لمحاربة رموز الفساد بالشركة تدعو إلى ضرورة الاسراع بالتطهير المالي للشركة وذلك ب : محاسبة كل من ساهم في تردي الاوضاع المالية والاجتماعية بالشركة سواء مجالس الادارة او المديرين العامين والعمل على استرجاع اموال الشركة حتى نتمكن من تجاوز هذه الوضعية الدقيقة والمحافظة على دورها الاقتصادي وعلى مواطن شغل فيها. تعيين لجنة لتقصي الحقائق في كل التجاوزات الحاصلة من قِبَلِ الادارة العامة في سوء التصرّف من جهة واستغلال نفوذ مجالس الادارة من جهة اخرى. تطبيق الفصل 58 من النظام الاساسي للشركة لحل مجلس الادارة خاصة مع تجاوزه المدة القانونية المحدد بنسبة لتجديد ثلث اعضائه. مراجعة النظام الاساسي النموذجي للمنخرطين بالشركة التعاونية. اعادة النقابيين المطرودين الى عملهم صرف المستحقات المالية للاعوان.