الكبير الذي لا يستطيع الصوم، أو لا يستطيع اتمام كل يوم، لهرمه وضعفه، ولكن معه عقله وتمييزه، ولكن يشق عليه الصيام، ولهذا أفتى ابن عباس وغيره من الصحابة رضي الله عنهم: «أنه يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا، ولا قضاء عليه اقامة للاطعام مقام الصيام رحمة من الله وتخفيفا». قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: «وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين» (البقرة، الاية 184). «نزلت في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يطيقان الصيام، أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا» أي ولا قضاء عليهما وثبت في الصحيح، «أن انس ابن مالك رضي الله عنه لما كبر وضعف عن الصيام، أفطر واطعم ثلاثين مسكينا». أما اذا كان ا لكبير قد فقد التمييز، وحصل منه التخريف والهذيان، فهذا لا يجب عليه صيام ولا اطعام، لسقوط التكليف عنه بزوال تمييزه وتخريفه، فأشبه بالصبي قبل التمييز. فإن التكليف مرتبط بالعقل، فإذا اخذ ما وهب سقط ما وجب. وأما اذا كان يميز احيانا، ريخرف احيانا، فإنه يجب عليه الصوم، أو الاطعام في حالة تمييزه، دون حال تخريفه، والصلاة ايضا كذلك. إمام معيّن السؤال: بعض الناس ممن يحبّ الخير والتقرّب الى الله يذهب بعيدا او قريبا للصلاة في ليالي شهر رمضان المبارك خلف امام معين، بحجة خشوع هذا الامام وقراءته الجيدة، فهل هذا الفعل مشروع؟ الجواب : من المشاهد أن القلب يخشع ويخضع عند سماع القرآن من القارئ الذي يتقن القراءة، ويتغنّى بالقرآن، ويجيد التلاوة، ويكون حسن الصوت، يظهر من قراءته أنه يخاف الله تعالى فإذا وجد الانسان الخشوع، وحضور القلب خلف الامام الذي يكون كذلك، فله ان يُصلي خلفه، ولو أن يأتي إليه من مكان بعيد أو قريب، ليحصل له الاستفادة والاخبات في صلاته، وليتأثر بهذه القراءة التي رغب في سماعها، وأحضرها لبّه، وخشع لها، فينصرف وقد ازداد ايمانا واطمأن الى كلام الله تعالى وأحبّه، فيحمله ذلك على أن يألف القراءة ويكثر منها، ويتدبّر كتاب الله، ويقرؤه للاستفادة، ويحرص على تطبيقه والعلم به، ويتلوه حق تلاوته، ويحاول تحسين صوته بالقرآن. وقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ص: «ليس منّا من لم يتغنّ بالقرآن» وفي الصحيحين عنه، قال: قال رسول الله ص: «ما أذن الله لشيء كما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به». وعن البراء رضي الله عنه أن النبي ص قال: «حسّنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا». فمن هذه الأدلة يباح اختيار الامام الذي يجيد القرآن، ويكون حسن الصوت به والترتيل،وإذا كان بعيدا فالذهاب اليه اكثر أجرا، لما يكتب من الخطوات والذهاب والمجيء.