في هذه المرحلة المجنونة التي أصبح فيها كل أمر عصيا عن الفهم فلم أجد طريقا الى الفهم الا من خلال مسلك أمثالنا الشعبية لأن كل الطرق تعرضت الى القطع من طرف كتائب الضبابية والغموض احتجاجا على «عزوزة هازها واد وتقول العام صابة» عوض أن تقول العام حرية ووضوح وشفافية ونزاهة وديمقراطية وحتى أكون صادقا معكم. ومع نفسي تعاملت مع هذه الأمثال الشعبية بدون فضائح أي من باب «الحر من غمزة والبهيم من همزة» فسألتها عن مغزى لما أجاد به الساسة علينا من وفرة وكثرة أحزاب. فهمزتني بقولها «الكثرة وقلة البركة» فناديت زيديني حزبا زيديني يا أحلى نوبات جنوني. قالت «كثّر من العسل يمصاط» قلت وماذا تقولين عن أكثر من حزب انتصب في سوق السياسة «بالقص والضبوط» غمزتني وهي تهمس في أذني «عريان وفي صبعو خاتم» فلا الحياء أخذه بعيدا عن العيون، ولا هو باع الخاتم واشترى بثمنه خرقة قماش و«غطى روحه على الناس» قلت ولكنه يتخذ من التأشيرة غطاء قالت «اللي متغطي بمتاع الناس عريان». قلت وما رأيك في بعض الاحزاب التي لا نظر ولا نظرة لها وهي تنظّر تنظيرا تنهدت وقالت «خوذ العلم من روس الفكارن» قلت «فكّروني عنيك لأيامي اللي راحو» في الاعتصامات. وأردفت بالسؤال سائلا وما قولك في أكثر من حزب يندد بالفوضى وهو من مصادرها؟ همست في أذني «ينخص ويتقى بالبردعة» قلت أفصحي؟ أضافت «يشعّل النار ويقول الدخان منين؟» حتى إذا عمّ اللهب وعلا دخانه وانتشرت غازات زنزانة فحمه. ودوّخت القوم جمع الرماد وذره على العيون. فقلت يا عيني على أعيان البلد وما رأيك في تلك الاحزاب التي تقيم الدنيا ولا تقعدها الا على كف عفريت انتخاب المجلس التأسيسي.وأملت شروطها؟ قالت «شرط العازب عالهجالة» قلت لله درك وضّحي. قالت «عيطة وشهود على ذبيحة قنفود» بدعوى أنه من بقايا نظام الغاب قلت لم أفهم. قالت «حل الصرّة تلقى خيط» فرددت ما كانت جداتنا ترددنه كلما أنهين أحاجيهن على علي ولد السلطان و«راس الغول دابة دابة... وحجايتنا دخلت الغابة وإن شاء الله العام يجينا صابة» حتى وإن أضرب أعوان ديوان الحبوب.