متابعة لقضية المناطق الزرقاء بصفاقس والقضية العدلية المتعلقة بعدد من المسؤولين. اتصلت «الشروق» بالأستاذ عبد الكريم العذاري الذي أفادنا بالتوضيحات التالية: تتوالى الأخبار حول البحث التحقيقي الذي أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بصفاقس بفتحه ضد كل من المنجي شوشان كاتب الدولة السابق لدى وزير الداخلية والمكلف بالشؤون الجهوية والجماعات العمومية المحلية ومحمد بن سالم والي صفاقس السابق الذي أحيل على التقاعد بتاريخ 26 فيفري 2011 وياسين السلامي الكاتب العام السابق ببلدية صفاقس ومن معهم من أجل مخالفة موظف عمومي للتراتيب المنطبقة على إدارة الصفقات بقصد تحقيق فائدة للغير وإلحاق الضرر بجماعة عمومية محلية والمشاركة في المنصوص عليها وعلى عقاب مرتكبها بالفصلين 96 و 32 من المجلة الجنائية لكن الملفت للانتباه أن كل هذه الأخبار وما يتبعها من تعاليق تصب في اتجاه واحد ألا وهو ثبوت إدانة المظنون فيهم والحال أن القضية لازالت منشورة أمام السيد قاضي التحقيق والأبحاث متواصلة في شأنها. إن قرينة البراءة التي يتمتع بها كل متهم إلى أن تثبت إدانته بحكم يصدر إثر محاكمة عادلة يمارس فيها الحق في الدفاع هي من أهم ركائز القانون الجزائي وبالتالي فإن كل الأخبار التي قد تنشر بطريقة مشوهة أو تميل في اتجاه المسّ من القرينة المذكورة وتجزم بإدانة الشخص قبل محاكمته أو حتى قبل توجيه التهمة إليه هي من قبيل محاولة التأثير على الرأي العام ومن هناك محاولة التأثير على السير الطبيعي للعدالة وعلى حقوق المظنون فيه. محمد بن سالم ليس في حاجة لخبر أو تعليق أو مقال صحفي يبرئه باعتباره قد أوكل أمره للعدالة وهي السلطة الوحيدة التي تملك هذا الحق والوحيدة القادرة على رد الاعتبار له فما معنى مثلا أن تصبح بطاقة الإيداع الصادرة ضده دليلا قاطعا على ادانته وأن يقال أن السيد قاضي التحقيق قد وقف على فظاعة التجاوزات بالأدلة وبالبراهين فأخذ القرار المناسب والحال أن بطاقة الإيداع قد شرعت أيضا قصد الحفاظ على سلامة سير البحث وكذلك لتلافي اقتراف جرائم جديدة سواء من المظنون فيه أو التي من الممكن أن ترتكب في حقه وتصبح بالتالي بطاقة الإيداع لا دليلا على الإدانة وإنما وسيلة للحماية وللسير الطبيعي للعدالة. إنه من حق بل من واجب كل مواطن وقف على خلل أو فساد في العهد البائد أن يعلم النيابة العمومية بذلك لكن عليه أيضا أن يحترم قرينة البراءة التي يتمتع بها المظنون فيه وأن لا يسعى للتأثير على الرأي العام بترويج أخبار لا أصل لها في الواقع فما المقصود مثلا حين يقال، على أعمدة إحدى الصحف أن صفقة المناطق الزرقاء بصفاقس قد أسندت لرجل أعمال معين رغم أن شركات أخرى قدمت عروضا أفضل والحال أنه لا وجود لأي عرض آخر من أصله وكل ما في الأمر أن شركتين تقدمتا بطلب التمديد في أجل قبول العروض وقد مارست بلدية صفاقس، وفي إطار القانون حقها في رفض التمديد رغبة منها في الإسراع بتنفيذ المشروع بعد أن مرت أكثر من عشر سنوات على أول دراسة أعدت في الغرض. لماذا يقال وينشر أن رجل الأعمال الذي فازت شركته بالصفقة قبل إلغائها قد تحصل وبسرعة البرق على تعويض قدره 3.5 ملايين دينار بعد أن تم التلاعب بالفواتير والحال أنه تم استبعاد كل الفواتير المشكوك في صحتها أو التي لم تستوف مقوماتها الشكلية، لقد تم تحديد قيمة التعويض بناء على تقرير اختبار أعده خبير مكلف من البلدية نفسها وتم عرض الأمر على المجلس البلدي الذي يضم 40 عضوا وصادق هذا المجلس باستثناء عضو واحد احتفظ بصوته على التعويض ومبلغه وهو مبلغ يمثل كل مصاريف التهيئة والأشغال والمعدات التي بذلتها الشركة الفائزة بالصفقة وأصبحت بموجب التعويض المذكور ملكا من أملاك البلدية وهو أمر ثابت بمداولات المجلس البلدي المنعقد بتاريخ 24 جوان 2010. إن التحفظ إزاء قضية لازالت منشورة أمام التحقيق ولا زالت الأبحاث جارية فيها هو أمر واجب ولن يسمح محمد بن سالم لأي كان بأن يعتدي على قرينة البراءة التي يتمتع بها قانونا لأن في الاعتداء على قرينة البراءة هذه تأليب للرأي العام من شأنه أن يؤثر سلبا على سير العدالة إنه وباستثناء القضاء فإن محمد بن سالم ليس في حاجة لمن يبرئ ساحته لكنه يرفض أيضا أن يدان من غير القضاء ودون وجه حق وأن يدوس بعضهم على حقوقه المشروعة ويشهر به ويؤلب عليه الرأي العام والحال أنه يعد ولهذه اللحظة بريئا مما هو منسوب إليه. ربما يمارس السيد قاضي التحقيق الذي خوله له الفصل 54 من مجلة المرافعات الجزائية ويتولى بنفسه أو بواسطة إجراء بحث عن شخصية المظنون فيه محمد بن سالم وعن حالته المادية والعائلية والاجتماعية وسيتبين عندها أنه تحصل على اجازة في الهندسة الفلاحية منذ سنة 1974 وباشر مهامه بوزارة الداخلية منذ سنة 1981 حين سمي معتمدا بمدينة زغوان ثم سمي خلال سنة 1996 واليا على تطاوين قبل أن ينتقل بنفس الخطة إلى مدنين ومنها إلى سيدي بوزيد ثم إلى باجة قبل أي يسمى واليا على صفاقس من سنة 2007 إلى تاريخ إحالته على التقاعد وأنه لم يترك إلا الأثر الطيب وأنه لا يملك إلا شقة اشتراها بواسطة قرض بنكي وأن له ابنا من حاملي الشهائد العليا عاطل عن العمل. لذا أليس من حق محمد بن سالم أن يرفع ورقة حمراء في وجه المشوشين على القضاء؟