تواصلت اشغال الندوة الدولية حول الخطاب الاعلامي والخطاب السياسي والتي نظمتها اذاعة المنستير وتميزت أشغال اليوم الثاني بالمداخلة الشيقة للدكتور يوسف الصديق والتي حملت عنوان «انعدام شكل الخطاب السياسي في الاعلام الشفوي والمكتوب» انطلق في تقديمه من قصة بكتاب الفيلسوف والمتصوّف جلال الدين الرومي جاء فيه أنه طلب من مجموعة من الرسامين رسم صور لعرضها على الملك وقسم الجدار الى نصفين. وانطلق الرسامون على الجهة اليسرى يرسمون أحلى الرسومات في حين بقى رسامو الجهة اليمنى يصقلون الحائط، ثم غطى كامل الجدار بالستار ولما رفع هذا الستار انعكست الرسومات على الجدار المصقول. وفي هذا دلالة على أن الاعلامي مطالب بنقل الاحداث كما هي وعليه ان تكون تغطيته صورة صادقة لما جرى. اعلام ضحل وتحدث الدكتور يوسف الصديق عن الاعلام ما قبل الثورة فقال انه اعلام يقضي ساعة كاملة في مناشدة ليلى بن علي الطرابلسي التي قالوا عنها إنها سيدة تونس الاولى لا يمكن ان يندرج مطلقا في باب أي نوع من الاعلام. لابد من الندية وحول مواصفات الاعلامي الناجح اكد الدكتور الصديق أن ذلك يتطلب وجود ندية بين المسؤول والاعلامي، وسرد حكايته مع الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة حيث أفاد بأنه طلب اجراء حوار صحفي معه، لكنه فوجئ بالرفض القاطع حتى توفرت له الفرصة عند زيارة بورقيبة الى الجزائر. وقال: لقد حضرت اجتماعا يشرف عليه الزعيم الراحل الذي سرد لنا جزءا من فترة كفاحه وابحاره الى الشرق انطلاقا من جزيرة قرقنة. وسمح للحاضرين بالحوار مع الزعيم وكنت من بينهم واشترطوا على أن لا أنظر اليه في عينيه وأن أبتسم ولا أضحك وأن لا ألقي أكثر من سؤال. ووجدت الفرصة سانحة واستفززت الزعيم الحبيب بورقيبة بقولي أنا لا أعرف شيئا عن هذا التاريخ. فقال لي أنت تونسي ولا تعرف تاريخ بورقيبة فقلت له نعم سيدي الرئيس فأنا وأمثالي لا نعرف هذا التاريخ ونريد ان نعرفه واقترح اجراء حوار معك، فوافق بورقيبة وأجريت الحوار نتيجة الجرأة وأكّدت بذلك لحاشيته ان الاعلامي التونسي لا يقل كفاءة عن زميله الاجنبي لأنهم قالوا لنا إن بورقيبة لا يجري حوارات صحفية الا مع الصحفيين الاجانب. إدارة العنوان وفلسفته الدكتور يوسف الصديق تحدث عن مواصفات العنوان بالصحف فقال ان العنوان الجذاب يجلب القراء وأشار الى عنوان صدر بجريدة Le Monde بعد اجتياح العراق للكويت جاء فيه «سارق بغداد Le voleur de Baghdad» وأثبت سبر الاراء أن الموضوع قرئ من الجميع. ضوضاء وعن بعض البرامج الاذاعية والتلفزية قال الدكتور الصديق انها لا تسمع ولا ترى بحكم ضوضاء المشاركين فيها. كما أن هناك بعض البرامج التي يستلطف فيها المنشط ضيفه فيكون الحوار سطحيا جدا وفاقدا لكل افادة. كما أشار الى ازدواجية اللغة في عدد من البرامج مما يجعل الذي يفهم لا يفقه ما يقال والعكس بالعكس. حلقة نقاش تدخل في النقاش عدد من الحاضرين وجلب الانظار أحد المتدخلين الذي لا ينتمي لقطاع الاعلام وطفق ينظر له قبل ان يتهجم على الاعلاميين بما أثار ردود فعل عرف الحاضرون كيف يطوقونها. كانت سباقة الاعلامي عامر بوعزة سرد حكاية خوصصة القطاع الاعلامي وأورد خبرا مفاده أنه ستصبح هناك مستشفيات للاغنياء وأخرى للفقراء وورد الخبر في حلقة مباشرة من اذاعة المنستير خلال سنة 1992، وكان رد فعل الحكومة اقالة المدير انذاك مؤكدا أن اذاعة المنستير كانت سباقة في الجرأة وقول الحقيقة. لكن عصا المراقب كانت دائما في الموعد.