هو ذا طبعي... أتجرع حزني في صمت، وتمضي بي أيام وأيام حتى أستوعب الصدمة ولعل في ذلك حكمة... فعذرا يا صديقي عن هذا التأخير فلست الأول ولن تكون الأخير ممن هز فراقه كياني وتركني أرتجف كالعصفور الصغير... اليوم وقد مرت أيام على فراقك صار الخطب أعظم والحزن أعمق فلا تلمني إن لم أبكك كما ينبغي أن يبكيك حبيب، ولكني استجرت برب مجيب دعوته أن يكون منك نعم القريب وأن يكون لك في الجنة نصيب تدخلها بلا نصب وتخلد فيها مع الخالدين. لا تلمني فلا العبرات ولا العبارات كانت قادرة على العبور بي إلى ضفة ما بعد الحزن... أتصدّقني يا محمد وأنت الصادق المصدّق كما عرفتك أنك مازلت حاضرا في كياني حضورا أحرجني وأبكاني... أتصدقني القول إن قلت إني لا أزال أفتح ملحق الرياضة فتمضي عيناي رغما عني متلهفة باحثة عن توقيع «محمد الهمامي»... أتصدّقني إن قلت إن عينيّ حينما وقعتا على ركن «بهدوء» استحضرت هدوءك ومضيت بلا تفكير باحثا عن توقيعك فما وجدت... فصارت مصيبتي أشدّ وقعا وما زادني ذلك إلا وجعا... طيفك ما زال يداهمني كلّما جلست أتصفح المواقع الإخبارية، وصوتك كما عهدته يسألني ببراءة الأطفال «العالم راكح»؟ ومازال طيفك يجول في المكتب وصوتك الحيي «يذبحني» بتواضعه ووطنيته سائلا عن تونس المستقبل... «آش رصات... وقتاش الانتخابات؟» ...ليتك تمهلت قليلا حتى أحتضنك وأودعك وداعا يليق بك أيها الهمام المقدام... ليتك لم ترحل يا صديقي... ليتك ما اخترت طريقك... وما ضللت طريقي.