عبد المجيد الهواري شيخ تجاوز السبعين وضع كل ما لديه وزوجته من مدخرات لشراء منزل يؤويه وأهله ويقيه الحر والقر إلا أن سنة واحدة كانت كافية لتدخله في دوامة من القلق والخوف على مصير عقاره بعد ان هجمت المياه عليه وهددت اسسه ليدخل على امتداد سنتين في قضايا انتهت بغرم الضرر دون ان تحل اصل الاشكال. مسكن المتضرر بمنطقة سيدي بولبابة من معتمدية قابس الجنوبية أنجزته الشركة العقارية للبلاد التونسية أواسط السبعينيات وادخل عليه صاحبه بعض التعديلات عندما اشتراه سنة 2005 ليكون مستقر عائلته الصغيرة. بعد سنة واحدة ظهرت آثار الرطوبة على الجدران فتصدعت وظهرت شقوق متفاوتة الطول فتحرك صاحب المنزل لمعرفة اسباب المشكل واتى بخبراء بناء عاينوا الاضرار وبينوا ان السبب يعود الى عطب أصاب قنوات الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه خلال سنة 2006 جعلت المياه تتسرب الى المنزل وقضت المحكمة بعد اكثر من سنتين بتغريم الشركة بمبلغ يتجاوز 7 آلاف دينار لتعويض صاحب المنزل للقيام بالإصلاحات اللازمة لإزالة الاضرار ومنع تدهور أسس العقار. لم ينفع الشفط اثناء قيام المتضرر بالاشغال لحماية منزله من اثار تسرب المياه برزت مشكلة اخرى تعود الى بئر رواغ (puits perdu) انجزته الشركة الوطنية العقارية للبلاد التونسية عند بنائها للحي السكني بسيدي بولبابة خلال فترة اواسط السبعينيات ليكون مجمعا للمياه المستعملة ومياه الامطار. هذه البئر الواقعة بفضاء بلدي عمومي مهمل ملاصق لمنزل المتضرر من الجهة الغربية تجمعت بها المياه المتسربة من عطب قنوات «الصوناد» ومياه الامطار الموسمية لوجودها بمنخفض ومنحدر جعلها مصبا طبيعيا وموطنا للرطوبة و«النشع» وعندما قام الديوان الوطني للتطهير سنة 1983 بمد شبكة التطهير على كامل الحي تم الاستغناء عن هذه البئر او القنوات المرتبطة بها دون ردمها فبقيت مصبا للمياه ومجلبة للحشرات وزادت في تدهور حالة العقار. وكان المتضرر قد اتصل بديوان التطهير اكثر من مرة وقاموا بشفط المياه المتراكمة الا أنها سرعان ما تعود الى ما كانت عليه وهو ما جعل عددا من خبراء ومهندسي البناء يؤكدون ضرورة الاسراع بازالة وتنظيف بقايا البئر الرواغ والقنوات القديمة المرتبطة به وردمها بأتربة وإحداث جدار من الخرسانة المسلحة على كامل الجهة القريبة من البئر لمنع تسرب المياه. «من جهات مجهولة» هذا الحل لا يراه بولبابة بنونو المدير الجهوي للتطهير جذريا لحل المشكل من اساسه فهذه المياه تتسرب من جهات مجهولة لتتجمع في هذه البئر وقد اثبتت التحاليل انها مياه نظيفة غير مستعملة ومع ذلك سعى ديوان التطهير من ناحيته الى المساهمة في ايجاد حل فقاموا بمساعدة فنيين بكسر اساسات البئر وتنظيفها بصورة كلية لكن مياها نظيفة سرعان ما تتراكم بها من جديد لذلك تم الاتفاق مع مختلف الاطراف من ولاية وبلدية وشركة استغلال المياه للمساهمة في معرفة مصدر هذه المياه قبل ردم البئر لان الوضع سيكون أكثر كارثيا عندما لا تجد هذه التسربات مكانا معلوما تتدفق اليه. ويؤكد بولبابة بنونو انه من الناحية العملية والقانونية فلا مسؤولية لديوان التطهير عن هذه المياه مادامت التحاليل اثبتت انها نظيفة وليست مستعملة ومع ذلك فالديوان مستعد للمساهمة في جهود ايجاد حل تتكفل به الولاية والبلدية بالاساس لمعرفة منبع هذه العيون بالاستعانة بخبراء في الميدان وبخبراء الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه لان الوضع الذي تعيشه هذه المباني خطير ويهدد حياة متساكنيها وهو نفس المشكل الذي تعانيه منطقة عين سلام بوجود تسربات لعيونها في اماكن مختلفة. الاشكال في العين واكدت المصالح المختصة في الولاية من ناحيتها انها قامت صحبة البلدية و«الصوناد» وديوان التطهير بتاريخ 11 ماي الفارط بمعاينة المنزل من الداخل والخارج ومعاينة البئر الرواغ المغمور بالمياه وتم الاتفاق على ضرورة تنظيفه من قبل الصوناد بتاريخ اليوم الموالي للمعاينة وشفط مياهه من قبل ديوان التطهير قبل غلقه وردمه من طرف البلدية ووجهت لجميع الاطراف مراسلات للتعاون في ما بينها. البلدية وعلى لسان رئيس النيابة الخصوصية منجي الحويوي اكدت انها تحولت على عين المكان صحبة فريق مكون من ممثلين عن الولاية و«الصوناد» وديوان التطهير وتبين لها ان الاشكال محصور بين الطرفين الاخيرين لان اصل الاشكال في العين الجارية التي تنز مياهها بصفة دائمة وفي صورة معاينة ومعرفة منبعها فان البلدية ستساهم من ناحيتها بردم الحفرة ولكنها مبدئيا ليست لديها مسؤولية في التسربات المائية. الاشكال لازال مفتوحا ينتظر حلا جوهريا يساعد عبد المجيد وعائلته على الاقامة بمنزلهم دون خشية ان يتداعى للسقوط مهددا حياتهم في كل لحظة.