منذ زمن حين كنا نراهم يمدحون ويناشدون ويبتزون ويتسلقون كنا نتمتم «... التاريخ لا يرحم وسيقول كلمته يوما» حين كنا نراهم يرفلون فرحا في حضرة السادة الوالي والمعتمد وممثل الحزب المنحل ويفتتحون مجالسهم بمدح سيدهم الأكبر والثناء عليه كنا نكرر «التاريخ...» لكن يبدو أننا كنا نحسن الظن بالتاريخ ونهمل قدرة هؤلاء الكبيرة على التموقع والتمسح على الأعتاب... فهم ثعالب ماكرة وسنراهم في الصفوف الأولى مهما كان الأمر... فهم مستعدون لاطالة لحاهم وتحجيب زوجاتهم وارتداء الزي الطويل إذا فازت النهضة وهم مستعدون لرفع المناجل وارتداء الزي العمالي إذا فاز حزب العمال وهم مستعدون لفتح خزائن التاريخ وإعادة صور الزعيم بورقيبة الى غرفهم ودكاكينهم وجرائدهم إذا فاز ورثاؤه... يستعد هؤلاء لكل شيء وحتى ولو كان «زعبع» مثلما يقول جميل الدخلاوي... ... يا عجبي لم يخجل بعض الذين كانوا يمجدون زعبع وزوجته وانقلبوا ثوارا... لعين هو التاريخ إذن لقد تواطأ مع بعض مثقفي زعبع مثلما تواطأ مع ساسته... لم يخرس هؤلاء الذين مازالت كتبهم ونصوصهم وقصائدهم وأغانيهم في مدح زعبع ويومه وزوجته... تكلم يا تاريخ... لا تتواطأ أكثر... عليك أن تعيد الفقاقيع التي انفتحت من المديح والمال الثقافي العام إلى حجمها... قد يزعم الكثير من هؤلاء أن ما فعلوه سلفا كان تحت الضغط وتحت الطلب ولكن ليست هذه إلا حيلة فهم كانوا يتسابقون حول الوصول الى دوائر التكريم والتنفذ طواعية... آه أيها التاريخ... أنت أيضا خذلتنا...