وزارة الصحة تُوضح بخصوص التعهد بحالة طبية أثارت تفاعلات وتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي..#خبر_عاجل    عاجل: ما تشربوش من''عين أحمد'' و''عين أم ثعلب'' في تالة!    829 كم في 7 ثوان!.. صاعقة برق خارقة تحطم الأرقام القياسية    خطر تيك توك؟ البرلمان المصري يهدد بالحظر!    عاجل: قرار قضائي يوقف ترحيل آلاف المهاجرين من أمريكا    عارف بلخيرية رئيسا للجامعة التونسية للرقبي لفترة نيابية جديدة    ضيوف تونس: رشيد بارادي (الجزائر): حبّ تونس لا يحصى ولا يعد    الوحدات الأردني يفسخ عقد قيس اليعقوبي    كلمة ورواية: كلمة «مرتي» ما معناها ؟ وماذا يُقصد بها ؟    حماس تكذّب المبعوث الأمريكي: لن نتنازل عن السلاح    معاينة فنية لهضبة سيدي بوسعيد    في نابل والحمامات... مؤشرات إيجابية والسياحة تنتعش    مونديال الاصاغر للكرة الطائرة : ثلاثة لصفر جديدة أمام مصر والمرتبة 22 عالميا    درجات حرارة تفوق المعدلات    اليوم الدخول مجاني الى المتاحف    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    غازي العيادي ضمن فعاليات مهرجان الحمامات الدولي: ولادة جديدة بعد مسيرة حافلة    تململ وغضب ودعوات للمقاطعة.. 70 دينارا لحم «العلوش» والمواطن «ضحيّة»!    أستراليا تمنع يوتيوب للأطفال: وداعًا للخوارزميات الخطرة؟    لرصد الجوي يُصدر تحييناً لخريطة اليقظة: 12 ولاية في الخانة الصفراء بسبب تقلبات الطقس    الكاف: شبهات اختراق بطاقات التوجيه الجامعي ل 12 طالبا بالجهة ووزارة التعليم العالي تتعهد بفتح تحقيق في الغرض (نائب بالبرلمان)    مباريات ودية: انتصارات لكل من النادي الصفاقسي، النجم الساحلي والاتحاد المنستيري    إيقاف ياسين تشيوكو الحارس الشخصي لميسي ومنعه من دخول الملاعب    مع الشروق :الاعتراف... نصر أكتوبر الجديد    العواصف الرعدية والبَرَدْ جايين الليلة في المناطق هذي، حضّر روحك!    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    قبلي: يوم تكويني بعنوان "أمراض الكبد والجهاز الهضمي ...الوقاية والعلاج"    بورصة تونس تحتل المرتبة الرابعة ضمن قائمة اداء الاسواق العربية خلال الربع الثاني من 2025    قرطاج يشتعل الليلة بصوت نانسي: 7 سنوات من الغياب تنتهي    عاجل: سوبر الأحد..الترجي بغيابات مؤثرة والملعب التونسي يسترجع عناصره    تنبيه هام: تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق..#خبر_عاجل    عاجل/ شبهات اختراق وتلاعب بمعطيات شخصية لناجحين في البكالوريا..نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه الجامعي تتدخل..    عاجل/ الحماية المدنية تُحذر من اضطراب البحر حتى وإن كان الطقس مشمساً..    شراو تذاكر ومالقاوش بلايصهم! شنوّة صار في باب عليوة؟    عاجل/ وزارة الفلاحة توجه نداء هام لمُجمّعي الحبوب وتقدّم جُملة من التوصيات للفلاحين..    زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    بالأرقام: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية في عدد من الولايات..    الأحداث السياسية في تونس في أسبوع (من 27 جويلية إلى 2 أوت 2025)    نقابة الصحفيين : مقاطع الفيديو المتعلقة بجماهير المهرجانات والمتداولة ليست لصحفيين محترفين ويجب احترام أخلاقيات المهنة    الإدارة العامة للأداءات تنشر الأجندة الجبائية لشهر أوت 2025..    تحذير: استعمال ماء الجافيل على الأبيض يدمّرو... والحل؟ بسيط وموجود في دارك    وزير التعليم العالي يتدخل وينصف التلميذ محمد العبيدي في توجيهه الجامعي    "تاف تونس " تعلن عن تركيب عدة اجهزة كومولوس لانتاج المياه الصالحة للشرب داخل مطار النفيضة- الحمامات الدولي    اتحاد الشغل يؤكد على ضرورة استئناف التفاوض مع سلطات الإشراف حول الزيادة في القطاع الخاص    أحمد الجوادي في نهائي 1500 متر: سباحة تونس تواصل التألق في بطولة العالم    وفاة جيني سيلي: صوت الكانتري الأميركي يخفت عن عمر 85 عامًا    كيفاش أظافرك تنبهك لمشاكل في القلب والدورة الدموية؟    الفنان "الشامي" يحقق نجاحا جماهريا باهرا ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي.    جثمان متحلل بالشقة.. الشرطة تكشف لغز اختفاء عم الفنانة أنغام    شنية حكاية ''زكرة بريك'' اللي خوّفت جدودنا؟    الرضاعة الطبيعية: 82% من الرضّع في تونس محرومون منها، يحذّر وزارة الصحة    بطاطا ولا طماطم؟ الحقيقة إلّي حيّرت العلماء    سهرة قائدي الأوركسترا لشادي القرفي على ركح قرطاج: لقاء عالمي في حضرة الموسيقى    تحذير للتونسيين : برشا عمليات قرصنة ... ردّ بالك من التصاور والروابط المشبوهة    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    هل يمكن لمن قام بالحج أن يؤدي عمرة في نفس السنة؟    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على هامش محاكمة «المخلوع»: المحاكمة العادلة.. ما هي.. وما شروطها.. وكيف تتحقّق ؟
نشر في الشروق يوم 24 - 06 - 2011

يرى كل المتابعين ورجال القانون ان جل المحاكمات في ظل النظام السابق اتسمت بالخروقات خاصة في ما تعلق بالقضايا السياسية حيث كان القضاء يخضع لأوامر الدولة ورغباتها.
أما اليوم وفي ظل المطالبة الشعبية باستقلال القضاء بات من المؤكد الحرص على فرض محاكمة عادلة تكفل للمتهم جميع الضمانات مهما كانت صفته ومهما كانت الجريمة المحاكم من أجلها.
ولا حديث هذه الايام سوى عن المحاكمة العادلة خاصة ان الشعب التونسي تنتظره العديد من المحاكمات التي ستشمل الرئيس السابق وأفراد عائلته والمقربين منه، فما هي الضمانات الكفيلة بالمحاكمة العادلة؟ وهل يستحق رموز الفساد في تونس المحاسبة في كنف محاكمة عادلة؟
«الشروق» طرقت هذا الموضوع وطرحت هذه الأسئلة على رجال القانون من قضاة ومحامين ورصدت آراء بعض المواطنين للوقوف على أهمية المحاكمة العادلة ودورها في تكريس استقلالية القضاء.
لا يمكن الحديث عن محاكمة عادلة الا في ظل وجود قضاء مستقل لا يخضع لتدخل الدولة. لأنه عندما تنعدم استقلالية القضاء تنعدم شرعيته.
وفي هذا السياق أوضحت الاستاذة لطيفة الحباشي نائب رئيس جمعية المحامين الشبان ان استقلال القضاء معيار جوهري للمحاكمة العادلة فإلى جانب توفر مناخ عام وايجابي يجب ان يتمتع القاضي بأوفر الضمانات المادية والمعنوية وبالخصوص ان يطمئن على مستقبله واستقراره ولذلك فإن المجلس الأعلى للقضاء يكتسب أهمية بالغة لما له من دور في توفير تلك الضمانات. وأضافت ان وضعه تحت رئاسة رئيس الجمهورية يشكل خرقا لمبدإ التفريق بين السلط ومسّا من استقلالية السلطة القضائية.
كما أن عدم انتخاب جزء هام من أعضائه لا يوفّر الاطمئنان للقاضي حتى يقوم بدوره تحت سلطة الضمير والقانون. ويساندها في الرأي الاستاذ محمد النوري المحامي لدى التعقيب ورئيس جمعية حرية وانصاف حيث اعتبر استقلال القضاء وعدم خضوع المحكمة لأي ضغط شرطا أساسيا لضمان محاكمة عادلة ورأى أنه كلما تدخلت السلطة التنفيذية في القضاء كلما كانت الاحكام مبنية على أوامر.
ضمانات المحاكمة العادلة
ضمانات المحاكمة العادلة تبدأ منذ لحظة ايقاف الشخص في مركز الشرطة وصولا الى صدور الحكم عليه وهنا يمكن الحديث عن مدى احترام الدولة لحق السجين او المتهم في محاكمة عادلة.
هذا ما أكدت عليه القاضية ليلى بحرية مستشارة بمحكمة الاستئناف بتونس.
وتواصل محدثتنا قولها انه لكل متهم مهما كانت صفته ومهما كانت التهمة الموجهة اليه الحق في محاكمة عادلة.
ويعتبر هذا الحق من حقوق الانسان الأساسية وأحد مبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان وتم تبنيه من طرف عدة معاهدات من بينها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية خاصة المادة 14 منه.
وفي نفس السياق أضاف القاضي حامد المزوغي قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس ان ضمانات المحاكمة العادلة تبدأ منذ انطلاق الابحاث الاستقرائية التي يتولى قاضي التحقيق عادة القيام بها باعتبارها محكمة استقرائية تبحث عن قرائن الإدانة كما يبحث قاضي التحقيق عن قرائن البراءة.
وفي هذه المرحلة خص المشرّع التونسي اجراءات التحقيق ب64 فصلا ابتداء من الفصل 47 الى الفصل 111 وقد تضمنت هذه الفصول الاجراءات الأساسية التي يجب ان يعتمدها قاضي التحقيق أثناء قيامه بالأبحاث بداية من سماع المتضررين والشهود واستنطاق المتهمين واجراء المكافحات اللازمة وعمليات التفتيش والحجز والاذن بإجراء الاختبارات الى غاية انتهاء الابحاث ثم تحرير قرار ختم البحث وهذه الاجراءات تعتبر من النظام العام لابد من احترامها وعدم مخالفتها والا اعتبرت باطلة على حد قوله.
وهذه المراحل تتطلب متسعا من الوقت لما تتسم به الأبحاث من عمق ودقة وتمحيص كما يتوجب فسح المجال للمتهم للدفاع عن نفسه بجميع الوسائل المتاحة له، اذ للمتهم الحق في الاستعانة بمحام.
وفي هذه النقطة تضيف المحامية لطيفة الحباشي: «إنه وفي جميع مراحل الاجراءات الجزائية للمتهم الحق في اختيار محام أي في كل المراحل قبل وبعد المحاكمة وفي جميع الأطوار سواء الابتدائي أو الاستئنافي أو التعقيب». وقد أجمع القضاة والمحامون على جملة الضمانات التي يجب أن تتوفر حتى تكون المحاكمة عادلة وتتمثل خاصة في الحق في الاتصال بالعالم الخارجي، أي أن للشخص ومنذ لحظة إيقافه الحقّ في تلقّي زيارة عائلته ومحاميه كما أنه على السلطة التي أوقفته أن تبلغ أسرته بأمر إيقافه ومكانه. وله الحق أيضا في الاطلاع على سبب الايقاف أي التهمة الموجهة إليه بالاضافة الى الحق في عدم التعرض للإيقاف التعسّفي أو ما يعبّر عنه بالمباغتة والمداهمة وهنا استدلّ محدثنا بالمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أنه «لكل فرد الحق في الحرية والأمان على شخصه ولا يجوز اعتقاله تعسّفا ولا حرمانه من حريته إلا لأسباب ينصّ عليها القانون وطبقا للإجراءات المضمنة به».
التعذيب
يعتبر الحق في عدم التعرض للتعذيب من أهم ضمانات المحاكمة العادلة فمن حق الشخص الموقوف أن يتمتع بأوضاع انسانية أثناء مدة الايقاف «فلا يجوز اخضاع أحد للتعذيب ولا المعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية» حسب المادة 5 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان كما لا يجوز اعتماد التصريحات المنتزعة تحت التعذيب.
وهنا توضح القاضية ليلى بحرية أنه من حق الشخص الموقوف أن يلتزم الصمت ويمنع إرغامه على الاعتراف بالذنب.
محكمة مختصة ومحايدة
يرى الخبراء أن المحكمة المختصة شرط هام وأساسي لضمان محاكمة عادلة حتى يضمن حق الأمان لكل مواطن الذي تقع إحالته على القضاء لمؤاخذته من أجل جرم ما.
وقد أكد الأستاذ عبد الرؤوف العيادي المحامي والناشط الحقوقي ان مثول المتهم أمام محكمة مختصة ومحايدة يضمن سيرا عاديا للقضية ولا يكون محل مظلمة وتعسّف.
وأضاف أنه وفي عدة حالات في ظلّ النظام السابق وقع احالة بعض المتهمين في قضايا سياسية على المحكمة العسكرية دون أن تكون تلك المحكمة مختصة في الدعوى وعلى سبيل المثال قضية أحد الشبان الذي أصدر بعض الأخبار عن الحج بالغريبة وحمل قصائد شعرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقعت إحالته على المحكمة العسكرية واعتبروه ارهابيا».
وتطرّق الأستاذ العيادي الي محكمة أمن الدولة واعتبرها فاقدة لعنصر الحياد باعتبارها تضمّ عضوين من مجلس النواب.
إذن فانعدام حياد القاضي يفقده حتما نزاهته وبالتالي تغيب المحاكمة العادلة وتهضم حقوق المتهم.
ومن جانب آخر أشارت القاضية ليلى بحرية الى ضرورة مثول المتهم أمام محكمة مستقلة ونزيهة وهو ما يفترض أن يكون القضاء مستقلا طبق المعايير الدولية ويفترض دستورا يقرّ بالفصل بين السلطات ويكرّس لجملة المعايير الدولية لاستقلال القضاء، كما أن استقلالية المحكمة التي توفّر ظروف المحاكمة العادلة يجب أن يكون فيها توزيع الدعاوى على الدوائر وعلى قضاة التحقيق بصفة موضوعية.
ويبقى شرط علنية المحاكمة شرطا رئيسيا لكي تكون المحاكمة عادلة أي انه يجب أن يسمح للجمهور أو الاعلام أو المنظمات الحقوقية حضور المحاكمات إلا في حالات نادرة عندما يخشى على النظام العام من الفوضى.
وبخصوص هذا الشرط اعتبر الأستاذ عبد الرؤوف العيادي أن تكثيف الحضور الأمني أي البوليس السياسي يجعل العلانية صورية، خاصة في القضايا السياسية التي كانت تطرح في آخر الجلسة حتى تكون سرية ويمنع المحامون من الترافع واستدل في هذا السياق بقضية سليمان وما شهدته من جدل كبير.
من جانبه تطرّق القاضي حامد المزوغي الى حق المتهم في الدفاع وعلى المحكمة أن تحرص على تسخير محامي إذا كان المتهم عاجزا عن اختيار محام على حسابه الخاص وحتى في صورة عدم حضور المتهم أمام المحكمة جاز للمحكمة أن تأذن بالمرافعة ثم تصدر حكما غيابيا وذلك عملا بالفصل 141 من مجلة الاجراءات الجزائية وعلى المحكمة أيضا أن توفر مدة زمنية معقولة للمحامي لإعداد وسائل الدفاع.
قرينة البراءة
شرط آخر يضمن محاكمة عادلة هو قرينة البراءة حيث أقرّ الأستاذ محمد النوري أن المتهم بريء الى أن تثبت إدانته من طرف محكمة مستقلة وهي مبدأ أساسي في العدالة الجنائية. وقد كرّست المواثيق الدولية قرينة البراءة ونصّت على أن كل شخص متهم يعتبر بريئا الى أن تثبت إدانته قانونا وفق محاكمة عادلة وبحكم قضائي صادر من محكمة مختصة.
محاكمات رموز
نظام بن علي
تباينت آراء رجال القانون وآراء المواطنين حول تمتع رموز الفساد الذين تسبّبوا في نهب ثروات الشعب التونسي وأجرموا في حقه بمحاكمة عادلة.
فلئن أكد رجال القانون على ضرورة أنّ تتمّ هذه المحاكمات طبق القانون وفي اطار الشفافية والعلنيّة وتحترم فيها حقوق الدفاع والاجراءات القانونية التي يجب أن تتبعها كل محاكمة عادلة بعيدا عن كل تشفي أو انتقام.
كما لا يعالج الخطأ بمثله كما صرّح بذلك الأستاذ عبد الرؤوف العيادي. فإنّ الشق الثاني طالب بمحاكمة شعبية لكل من يثبت تورطه مع النظام السابق على غرار أفراد عائلة الطرابلسي.
السيدة مريم العايب ربة بيت قالت إنّ المحاكمة الشعبية هي التي سترضي الشعب التونسي وتعيد له كرامته مضيفة أنه لا يجوز أن يقبل أي محام الدفاع لأنهم لا يستحقون ذلك على حدّ قولها.
وساندها في موقفها السيد عمار المليتي عامل يومي مضيفا «يجب تسليط أقصى العقوبات على بن علي وأتباعه، بل يجب تعذيبهم في شارع الحبيب بورقيبة مثلما تمّ تعذيب السياسيين ولن يشفي غليلنا سوى المحاكمة الشعبية».
وعلى خلاف ما ذهب إليه هؤلاء وهم عينة من أفراد الشعب التونسي الذي نادى بالمحاكمة الشعبية منذ 14 جانفي اعتبر القاضي حامد المزوغي «ان هذه المحاكم التي لا تتوفر فيها أيّة ضمانة للمحاكمة العادلة لا تليق بدولة القانون والمؤسسات وأن الثورات الشعبية التي اختارت أن تكون المحاكم شعبية أساسا لمحاكمة رموز الفساد المشبوه فيهم.
أدى ذلك الأمر الى حدوث تجاوزات خطيرة في حق بعض المظلومين والأبرياء الذين اتهموا باطلا دون أن يقع التحرّي في التهم الموجهة إليهم ومن هنا كان لا بدّ من اللجوء إلى المحاكم المختصة والعادية التي تتوفر فيها الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة».
وأضاف الأستاذ العيادي أن المحاكمة العادلة أساسية في بناء المواطنة وأداة رئيسية لبناء نظام ديمقراطي.
آلية المراقبة
والمقصود هنا هو السماح للمنظمات الدولية بمراقبة المحاكمات وذلك لرصد أجواء سير تلك المحاكمات وبالتالي يجب أن تتوفر لها جميع التسهيلات لحضور جلسات المحاكمة. كما يجب أن يكون المراقب معنيا بكل ما ينشر من أخبار صحفية وله الحق في مقابلة هيئة الدفاع والهيئة القضائية التي ستنظر في ملف القضية.
وخلال حضور المراقب بالجلسة يتأكد من أنه هل تمّ السماح للصحافة المحلية والعالمية بنقل أنباء المحاكمة الجنائية بحرية ودون معوّقات؟ هل الجهاز القضائي كان متحرّرا بالكامل من تدخل السلطة التنفيذية؟
هل انطوت الأحكام على تفسير للقانون؟ هل كان المحامي حرّا أثناء مرافعته؟
وإذا تمكن المراقب من تدوين كل ذلك فيمكن الحدّ من تسلط الدولة ومن تحرير المحاكمات خاصة السياسية منها التي عرفت بانتهاكها للقوانين وخضوعها إلى رغبة الدولة.
إذن تبقى المحاكمة العادلة ضمانة أساسية لقضاء مستقل وتوفير ظروفها يستوجب اصلاح جذري للمنظومة القضائية فثورة 14 جانفي قامت من أجل حقوق الانسان وهذا يستوجب فتح الملفات ومحاسبة كل من تورط في فساد مالي أو قضائي مع توفير كل الضمانات القانونية حتى يسترجع الشعب ثقته في القضاء.
ولكن يجب على الرأي العام أن يفهم أن حسن تطبيق القانون ضمانة أساسية لحقوقه أولا وحتى لا يفلت المتهم من العقاب أو الطعن في الاجراءات.
إيمان بن عزيزة
المحاكمة العادلة.. ما هي.. وما شروطها.. وكيف تتحقّق ؟
على هامش
محاكمة «المخلوع»:
تونس (الشروق) :
يرى كل المتابعين ورجال القانون ان جل المحاكمات في ظل النظام السابق اتسمت بالخروقات خاصة في ما تعلق بالقضايا السياسية حيث كان القضاء يخضع لأوامر الدولة ورغباتها.
أما اليوم وفي ظل المطالبة الشعبية باستقلال القضاء بات من المؤكد الحرص على فرض محاكمة عادلة تكفل للمتهم جميع الضمانات مهما كانت صفته ومهما كانت الجريمة المحاكم من أجلها.
ولا حديث هذه الايام سوى عن المحاكمة العادلة خاصة ان الشعب التونسي تنتظره العديد من المحاكمات التي ستشمل الرئيس السابق وأفراد عائلته والمقربين منه، فما هي الضمانات الكفيلة بالمحاكمة العادلة؟ وهل يستحق رموز الفساد في تونس المحاسبة في كنف محاكمة عادلة؟
«الشروق» طرقت هذا الموضوع وطرحت هذه الأسئلة على رجال القانون من قضاة ومحامين ورصدت آراء بعض المواطنين للوقوف على أهمية المحاكمة العادلة ودورها في تكريس استقلالية القضاء.
لا يمكن الحديث عن محاكمة عادلة الا في ظل وجود قضاء مستقل لا يخضع لتدخل الدولة. لأنه عندما تنعدم استقلالية القضاء تنعدم شرعيته.
وفي هذا السياق أوضحت الاستاذة لطيفة الحباشي نائب رئيس جمعية المحامين الشبان ان استقلال القضاء معيار جوهري للمحاكمة العادلة فإلى جانب توفر مناخ عام وايجابي يجب ان يتمتع القاضي بأوفر الضمانات المادية والمعنوية وبالخصوص ان يطمئن على مستقبله واستقراره ولذلك فإن المجلس الأعلى للقضاء يكتسب أهمية بالغة لما له من دور في توفير تلك الضمانات. وأضافت ان وضعه تحت رئاسة رئيس الجمهورية يشكل خرقا لمبدإ التفريق بين السلط ومسّا من استقلالية السلطة القضائية.
كما أن عدم انتخاب جزء هام من أعضائه لا يوفّر الاطمئنان للقاضي حتى يقوم بدوره تحت سلطة الضمير والقانون. ويساندها في الرأي الاستاذ محمد النوري المحامي لدى التعقيب ورئيس جمعية حرية وانصاف حيث اعتبر استقلال القضاء وعدم خضوع المحكمة لأي ضغط شرطا أساسيا لضمان محاكمة عادلة ورأى أنه كلما تدخلت السلطة التنفيذية في القضاء كلما كانت الاحكام مبنية على أوامر.
ضمانات المحاكمة العادلة
ضمانات المحاكمة العادلة تبدأ منذ لحظة ايقاف الشخص في مركز الشرطة وصولا الى صدور الحكم عليه وهنا يمكن الحديث عن مدى احترام الدولة لحق السجين او المتهم في محاكمة عادلة.
هذا ما أكدت عليه القاضية ليلى بحرية مستشارة بمحكمة الاستئناف بتونس.
وتواصل محدثتنا قولها انه لكل متهم مهما كانت صفته ومهما كانت التهمة الموجهة اليه الحق في محاكمة عادلة.
ويعتبر هذا الحق من حقوق الانسان الأساسية وأحد مبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان وتم تبنيه من طرف عدة معاهدات من بينها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية خاصة المادة 14 منه.
وفي نفس السياق أضاف القاضي حامد المزوغي قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس ان ضمانات المحاكمة العادلة تبدأ منذ انطلاق الابحاث الاستقرائية التي يتولى قاضي التحقيق عادة القيام بها باعتبارها محكمة استقرائية تبحث عن قرائن الإدانة كما يبحث قاضي التحقيق عن قرائن البراءة.
وفي هذه المرحلة خص المشرّع التونسي اجراءات التحقيق ب64 فصلا ابتداء من الفصل 47 الى الفصل 111 وقد تضمنت هذه الفصول الاجراءات الأساسية التي يجب ان يعتمدها قاضي التحقيق أثناء قيامه بالأبحاث بداية من سماع المتضررين والشهود واستنطاق المتهمين واجراء المكافحات اللازمة وعمليات التفتيش والحجز والاذن بإجراء الاختبارات الى غاية انتهاء الابحاث ثم تحرير قرار ختم البحث وهذه الاجراءات تعتبر من النظام العام لابد من احترامها وعدم مخالفتها والا اعتبرت باطلة على حد قوله.
وهذه المراحل تتطلب متسعا من الوقت لما تتسم به الأبحاث من عمق ودقة وتمحيص كما يتوجب فسح المجال للمتهم للدفاع عن نفسه بجميع الوسائل المتاحة له، اذ للمتهم الحق في الاستعانة بمحام.
وفي هذه النقطة تضيف المحامية لطيفة الحباشي: «إنه وفي جميع مراحل الاجراءات الجزائية للمتهم الحق في اختيار محام أي في كل المراحل قبل وبعد المحاكمة وفي جميع الأطوار سواء الابتدائي أو الاستئنافي أو التعقيب». وقد أجمع القضاة والمحامون على جملة الضمانات التي يجب أن تتوفر حتى تكون المحاكمة عادلة وتتمثل خاصة في الحق في الاتصال بالعالم الخارجي، أي أن للشخص ومنذ لحظة إيقافه الحقّ في تلقّي زيارة عائلته ومحاميه كما أنه على السلطة التي أوقفته أن تبلغ أسرته بأمر إيقافه ومكانه. وله الحق أيضا في الاطلاع على سبب الايقاف أي التهمة الموجهة إليه بالاضافة الى الحق في عدم التعرض للإيقاف التعسّفي أو ما يعبّر عنه بالمباغتة والمداهمة وهنا استدلّ محدثنا بالمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أنه «لكل فرد الحق في الحرية والأمان على شخصه ولا يجوز اعتقاله تعسّفا ولا حرمانه من حريته إلا لأسباب ينصّ عليها القانون وطبقا للإجراءات المضمنة به».
التعذيب
يعتبر الحق في عدم التعرض للتعذيب من أهم ضمانات المحاكمة العادلة فمن حق الشخص الموقوف أن يتمتع بأوضاع انسانية أثناء مدة الايقاف «فلا يجوز اخضاع أحد للتعذيب ولا المعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية» حسب المادة 5 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان كما لا يجوز اعتماد التصريحات المنتزعة تحت التعذيب.
وهنا توضح القاضية ليلى بحرية أنه من حق الشخص الموقوف أن يلتزم الصمت ويمنع إرغامه على الاعتراف بالذنب.
محكمة مختصة ومحايدة
يرى الخبراء أن المحكمة المختصة شرط هام وأساسي لضمان محاكمة عادلة حتى يضمن حق الأمان لكل مواطن الذي تقع إحالته على القضاء لمؤاخذته من أجل جرم ما.
وقد أكد الأستاذ عبد الرؤوف العيادي المحامي والناشط الحقوقي ان مثول المتهم أمام محكمة مختصة ومحايدة يضمن سيرا عاديا للقضية ولا يكون محل مظلمة وتعسّف.
وأضاف أنه وفي عدة حالات في ظلّ النظام السابق وقع احالة بعض المتهمين في قضايا سياسية على المحكمة العسكرية دون أن تكون تلك المحكمة مختصة في الدعوى وعلى سبيل المثال قضية أحد الشبان الذي أصدر بعض الأخبار عن الحج بالغريبة وحمل قصائد شعرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقعت إحالته على المحكمة العسكرية واعتبروه ارهابيا».
وتطرّق الأستاذ العيادي الي محكمة أمن الدولة واعتبرها فاقدة لعنصر الحياد باعتبارها تضمّ عضوين من مجلس النواب.
إذن فانعدام حياد القاضي يفقده حتما نزاهته وبالتالي تغيب المحاكمة العادلة وتهضم حقوق المتهم.
ومن جانب آخر أشارت القاضية ليلى بحرية الى ضرورة مثول المتهم أمام محكمة مستقلة ونزيهة وهو ما يفترض أن يكون القضاء مستقلا طبق المعايير الدولية ويفترض دستورا يقرّ بالفصل بين السلطات ويكرّس لجملة المعايير الدولية لاستقلال القضاء، كما أن استقلالية المحكمة التي توفّر ظروف المحاكمة العادلة يجب أن يكون فيها توزيع الدعاوى على الدوائر وعلى قضاة التحقيق بصفة موضوعية.
ويبقى شرط علنية المحاكمة شرطا رئيسيا لكي تكون المحاكمة عادلة أي انه يجب أن يسمح للجمهور أو الاعلام أو المنظمات الحقوقية حضور المحاكمات إلا في حالات نادرة عندما يخشى على النظام العام من الفوضى.
وبخصوص هذا الشرط اعتبر الأستاذ عبد الرؤوف العيادي أن تكثيف الحضور الأمني أي البوليس السياسي يجعل العلانية صورية، خاصة في القضايا السياسية التي كانت تطرح في آخر الجلسة حتى تكون سرية ويمنع المحامون من الترافع واستدل في هذا السياق بقضية سليمان وما شهدته من جدل كبير.
من جانبه تطرّق القاضي حامد المزوغي الى حق المتهم في الدفاع وعلى المحكمة أن تحرص على تسخير محامي إذا كان المتهم عاجزا عن اختيار محام على حسابه الخاص وحتى في صورة عدم حضور المتهم أمام المحكمة جاز للمحكمة أن تأذن بالمرافعة ثم تصدر حكما غيابيا وذلك عملا بالفصل 141 من مجلة الاجراءات الجزائية وعلى المحكمة أيضا أن توفر مدة زمنية معقولة للمحامي لإعداد وسائل الدفاع.
قرينة البراءة
شرط آخر يضمن محاكمة عادلة هو قرينة البراءة حيث أقرّ الأستاذ محمد النوري أن المتهم بريء الى أن تثبت إدانته من طرف محكمة مستقلة وهي مبدأ أساسي في العدالة الجنائية. وقد كرّست المواثيق الدولية قرينة البراءة ونصّت على أن كل شخص متهم يعتبر بريئا الى أن تثبت إدانته قانونا وفق محاكمة عادلة وبحكم قضائي صادر من محكمة مختصة.
محاكمات رموز
نظام بن علي
تباينت آراء رجال القانون وآراء المواطنين حول تمتع رموز الفساد الذين تسبّبوا في نهب ثروات الشعب التونسي وأجرموا في حقه بمحاكمة عادلة.
فلئن أكد رجال القانون على ضرورة أنّ تتمّ هذه المحاكمات طبق القانون وفي اطار الشفافية والعلنيّة وتحترم فيها حقوق الدفاع والاجراءات القانونية التي يجب أن تتبعها كل محاكمة عادلة بعيدا عن كل تشفي أو انتقام.
كما لا يعالج الخطأ بمثله كما صرّح بذلك الأستاذ عبد الرؤوف العيادي. فإنّ الشق الثاني طالب بمحاكمة شعبية لكل من يثبت تورطه مع النظام السابق على غرار أفراد عائلة الطرابلسي.
السيدة مريم العايب ربة بيت قالت إنّ المحاكمة الشعبية هي التي سترضي الشعب التونسي وتعيد له كرامته مضيفة أنه لا يجوز أن يقبل أي محام الدفاع لأنهم لا يستحقون ذلك على حدّ قولها.
وساندها في موقفها السيد عمار المليتي عامل يومي مضيفا «يجب تسليط أقصى العقوبات على بن علي وأتباعه، بل يجب تعذيبهم في شارع الحبيب بورقيبة مثلما تمّ تعذيب السياسيين ولن يشفي غليلنا سوى المحاكمة الشعبية».
وعلى خلاف ما ذهب إليه هؤلاء وهم عينة من أفراد الشعب التونسي الذي نادى بالمحاكمة الشعبية منذ 14 جانفي اعتبر القاضي حامد المزوغي «ان هذه المحاكم التي لا تتوفر فيها أيّة ضمانة للمحاكمة العادلة لا تليق بدولة القانون والمؤسسات وأن الثورات الشعبية التي اختارت أن تكون المحاكم شعبية أساسا لمحاكمة رموز الفساد المشبوه فيهم.
أدى ذلك الأمر الى حدوث تجاوزات خطيرة في حق بعض المظلومين والأبرياء الذين اتهموا باطلا دون أن يقع التحرّي في التهم الموجهة إليهم ومن هنا كان لا بدّ من اللجوء إلى المحاكم المختصة والعادية التي تتوفر فيها الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة».
وأضاف الأستاذ العيادي أن المحاكمة العادلة أساسية في بناء المواطنة وأداة رئيسية لبناء نظام ديمقراطي.
آلية المراقبة
والمقصود هنا هو السماح للمنظمات الدولية بمراقبة المحاكمات وذلك لرصد أجواء سير تلك المحاكمات وبالتالي يجب أن تتوفر لها جميع التسهيلات لحضور جلسات المحاكمة. كما يجب أن يكون المراقب معنيا بكل ما ينشر من أخبار صحفية وله الحق في مقابلة هيئة الدفاع والهيئة القضائية التي ستنظر في ملف القضية.
وخلال حضور المراقب بالجلسة يتأكد من أنه هل تمّ السماح للصحافة المحلية والعالمية بنقل أنباء المحاكمة الجنائية بحرية ودون معوّقات؟ هل الجهاز القضائي كان متحرّرا بالكامل من تدخل السلطة التنفيذية؟
هل انطوت الأحكام على تفسير للقانون؟ هل كان المحامي حرّا أثناء مرافعته؟
وإذا تمكن المراقب من تدوين كل ذلك فيمكن الحدّ من تسلط الدولة ومن تحرير المحاكمات خاصة السياسية منها التي عرفت بانتهاكها للقوانين وخضوعها إلى رغبة الدولة.
إذن تبقى المحاكمة العادلة ضمانة أساسية لقضاء مستقل وتوفير ظروفها يستوجب اصلاح جذري للمنظومة القضائية فثورة 14 جانفي قامت من أجل حقوق الانسان وهذا يستوجب فتح الملفات ومحاسبة كل من تورط في فساد مالي أو قضائي مع توفير كل الضمانات القانونية حتى يسترجع الشعب ثقته في القضاء.
ولكن يجب على الرأي العام أن يفهم أن حسن تطبيق القانون ضمانة أساسية لحقوقه أولا وحتى لا يفلت المتهم من العقاب أو الطعن في الاجراءات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.