كم شهيدا فقدنا لتصبح ثورة تونس من أنجح وأهمّ الثورات في العالم وكم تونسيا فقد جزءا من بدنه ليعود المنفي من منفاه بعد ربع قرن الى مسقط رأسه وكم أمّا بكت حزنا على فراق ابنها الشهيد ليخرج المساجين السياسيون من الزنزانة وكم عائلة فقدت عائلها الوحيد بعد استشهاده في ثورة الياسمين كما يحلو للبعض تسميتها وآخر أسئلتنا كم من حزب بعث وآخر بعث من جديد بفضل دماء الشهداء لجميع المعنيين نقول يجب التفكير في هؤلاء. والمحامية لمياء فرحاني هيّ واحدة من الذين قرّروا مساعدة عائلات الشهداء والمصابين اعترافا منها بجميل كل الذين استشهدوا وأصيبوا برصاص الغدر وهي أيضا أخت الشهيد أنيس فرحاني. «الشروق» تحدثت إليها واطلعت على مشاغل الجمعية وأهدافها والصعوبات المحتملة فاستهلت حديثها بأنّ «جمعية أوفياء» هي جمعية عائلات الشهداء ومصابي الثورة ومن أهدافها العناية بعائلات الشهداء ماديّا ومعنويّا واجتماعيّا والاحاطة بمصابي الثورة صحيّا ومعنويّا وماديّا. وتهدف كذلك الى تقديم الخدمات الاجتماعية لعائلات الشهداء ومصابي الثورة والاهتمام بملفاتهم القانونية وكذلك احياء ذكرى الشهداء بالذكرى الوطنية كشكل من أشكال حماية مكاسب الثورة. وتمّ بعث الجمعية بداية الشهر الحالي، ومنذ ذلك التاريخ قالت: «انطلقنا في عملية الاتصال بالشهداء والمصابين وعائلاتهم مع حصر العائلات بالجمهورية التونسية». وأضافت أنّ العملية ليست بالسهلة خاصة أنه لا بدّ من التثبت من الملفات المعروضة علينا لأن منهم من يتصل بنا على خلفية أنّه مصاب جرّاء الثورة ومنهم من اتصل بنا لأن منزله احترق أيام الثورة ويطالب بالتعويض. وأوضحت أنّ الجمعية تهتم فقط بالمساعدة الطبية والمادية والاجتماعية لمن تضرّر فعلا حين مشاركته في ثورة 14 جانفي. وقالت: «الجمعية تتوفر كذلك على أطباء يهتمّون بالأضرار الجسدية بإعادة علاجها إن لزم الأمر وتتوفر أيضا على قضاة ومحامين للاهتمام بالجوانب القانونية وكذلك مثقفين وإعلاميين للحديث عن الشهداء وتوثيق ما قاموا به لفائدة تونس». وذكرت أن الجمعية سوف تقوم بعملية جرد للشهداء والمصابين وتحديد القائمة النهائية والاتصال بهم وتناولهم حالة بحالة. وأشارت إلى أنه وردت على الجمعية حالات عديدة خاصة من المصابين الذين وجدوا أنفسهم بعد خمسة أشهر في حاجة الى العلاج من جديد كإعادة اجراء العملية الجراحية التي كانت تتمّ في ظروف غير عادية أيام الثورة سواء من حيث التجهيزات أو من حيث وضعية المستشفى واستشهدت بأحد المصابين الذي قال «انه خضع الى عملية جراحية في مطبخ المستشفى». معالجة الملفات وأفادت رئيسة الجمعية أنّ المصابين وشهداء الثورة في حاجة الى التكريم الدائم والمتواصل والاعتراف بالجميل لتونس الجميلة وقالت: «نحن كجمعية نعمل على هذا وأهدافنا نبيلة ولكن امكاناتنا قليلة جدّا مقارنة بحجم المسؤولية وهذا يجعلنا نخاطب كل الهياكل المعنية عبر صحيفة «الشروق» لنقول لهم كلكم منخرطون في جمعية أوفياء ومطالبون بالمساهمة في الاحاطة بهم وردّ الجميل إليهم. وأكدت أنه توجد ملفات ذات أولوية قصوى يجب التفكير في معالجتها كالمصابين الذين يحتاجون الى عمليات جراحية استعجالية والعائلات التي فقدت عائلها الوحيد ولم يعد لها مصدر رزق. وأفادت أنّ الجمعية في هذه الحالة تحتاج الى مساعدة الحكومة بدرجة أولى ولذلك أطلب لقاء بالسيد الباجي قائد السبسي الوزير الأول قصد اطلاعه على أهداف الجمعية وبرامج عملها وخاصة مساهمتها في معاضدة مجهود الحكومة في هذا المجال. ودعت في نفس السياق جميع الوزارات بدون استثناء الى مساعدة الجمعية على معالجة الحالات الوافدة عليها خاصة وزارات الصحة والنقل والشؤون الاجتماعية. وذكرت على سبيل المثال أنّ عديد المصابين في حاجة الى العلاج وآخرين في حاجة الى التنقل من جهات داخلية الى العاصمة وآخرين يتحدثون عن التعويضات. وبخصوص ملف التعويضات قالت «تمّ منح المصابين مبلغا قدره ثلاثة آلاف دينار وهذا الأخير لا يكفي للعلاج المكلف في أغلب الأحيان فيما حصلت عائلة الشهيد على 20 ألف دينار، فهل يمكن تعويضه بأيّ مبلغ»؟ وذكرت أنّ أحد المصابين يشتري أدوية باهظة الثمن لتسكين الآلام وهو عاطل عن العمل بسبب الاصابة وتساءلت كيف يمكن أن يغطي المبلغ مصاريفه الخاصة ومصاريف العلاج. وأضافت أن طفلا عمره 16 سنة فقد عينه وفقد السنة الدراسية ومنذ اصابته وهو تحت المراقبة والعلاج والتعويض 3 آلاف دينار فقط. نداء وختمت الأستاذة لمياء حديثها معنا وهي الأكثر إدراكا بآلام أهالي الشهداء لأن أخيها أحدهم بتوجيه نداء الى المجتمع المدني والأحزاب والحكومة بمساعدة الجمعية على مساعدة أهالي الشهداء والمصابين. واعتبرت أنّ جميع من تعنيهم تونس مدينون لهؤلاء وكل طرف انتفع من قريب أو من بعيد وهم مطالبون بإحياء ذكراهم كلما شعروا بحلاوة الثورة التي ما كانت لتكون لولا دماء الشهداء.