ماذا لو استغنينا هذه السنة عن المهرجانات الصيفية؟ سؤال أطرحه، ليس رغبة في إلغاء المهرجانات الصيفية أو دعوة للقطع مع هذا التقليد الثقافي القديم، أو محاولة لاستبيان اراء الناس حول إلغاء هذه التظاهرات أو إبقائها وإنما لغاية النقاش والحوار وبحث إمكانية تقديم تصورات جديدة وبدائل لمثل هذه التظاهرات التي يعود تاريخها إلى بداية تأسيس الدولة التونسية على مستوى المؤسسات الثقافية. وإذا كانت وزارة الثقافة والمحافظة على التراث قد خيّرت عدم إلغاء المهرجانات الصيفية بالنسبة لهذا العام، وبالتالي عدم الاستغناء عنها فإن التصور الذي رسمته، ولو ظرفيا لهذه التظاهرات بالنسبة للصائفة الحالية يبدو جديرا ومختلفا يقطع مع السياسة الثقافية للنظام السابق، وفي هذا التصور كما يبدو دعوة صريحة إلى تحديث هذه التظاهرات والبحث عن بدائل لها تكون ذات جدوى ونجاعة. وتواجه المهرجانات الصيفية منذ سنوات طويلة وخصوصا في العشرية الأخيرة قبل سقوط النظام السابق انتقادات حادة بسبب غرقها في الفوضى والابتذال وتحولها إلى سوق للسماسرة واللصوص همهم الوحيد الإثراء بكل الطرق الشرعية وغير الشرعية أما الإبداع فقد نزل مستواه إلى أسفل الدرك بسبب تسلل أشباه المبدعين إلى السوق وسيطرتهم عليها بحجة «التنوع» فما كان من المبدعين الحقيقيين إلا أن هجروا هذه التظاهرات الموسمية مكتفين بالمواعيد القليلة التي ينام فيها «الصراصير» وكان من نتائج هذه السياسة المهرجانية أن فسدت الإدارة الثقافية ذاتها بعد أن تحول مسؤولوها إلى سماسرة يبيعون ويشترون الفن والفنانين. وأمام نجاح هذه التجارة تناسلت المهرجانات وكاد عددها يتجاوز عدد أيام السنة. إن المطلوب اليوم هو مراجعة هذه المهرجانات والتقليص من عددها أو إلغاؤها نهائيا واستبدالها بأشكال احتفالية أخرى تكون غير مرتبطة بموسم أو مناسبة أو حتى فضاء أو مسرح فالظروف التي نشأت فيها المهرجانات الصيفية ليس هذا الظرف كما أن الدوافع التي بعثت لأجلها تجاوزها التاريخ ولم يعد مجدية في هذا العصر لقد ولى زمن الثقافة الاشتراكية وثقافة الدولة بمفهومها القديم.