المبادرة الّتي أنجزها ممثلون لسبعة أحزاب سياسية في سيدي بوزيد من حيث التقائهم جميعا على أرضية مشتركة تسعى إلى خدمة الثورة وانجاح مسارها في الجهة عبر تعميق روح المشاورات وتغذية «الإحساس الجمعي» برهانات المرحلة وحاجيات الجهة ، مبادرة تستحقّ أكثر من تنويه وأكثر من تقدير بل أكثر من إجلال. في الوقت الّذي نرى فيه قيادات حزبيّة مركزية بالعاصمة تتناوش وتتسابب وتترامى بالتهم ومنها الخطير جدّا أتى الدرس من أبناء سيدي بوزيد ، من يسارييهم وإسلامييهم وقومييهم وبعثييهم لتشييد صورة فريدة ونادرة لم يعرف المشهد السياسي في تونس منذ فترة طويلة مثيلا لها. أمّا ، لماذا سيدي بوزيد بالذات؟ أنا شخصيّا أرجّح أنّ أبناء سيدي بوزيد ما يزالون يستحضرون صورة الشهيد محمّد البوعزيزي الّذي أطلق شرارة الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق ونظامه ، ولذا فهم وكأنّهم يستبقون الأحداث ، فيطفئون نيران الحقد والكراهية والتشتّت ويتجمّعون بعيدا عن مزالق السياسة والإيديولوجيا والفئويات الضيّقة ويقدّمون مشهدا فيه الكثير من الثراء والإضافة والتميّز. ما أقدم عليه ممثلو حركة النهضة والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وحركة البعث وحركة «الوطنيون الديمقراطيون» وحركة الشعب وحزب العمال الشيوعي التونسي والحزب الديمقراطي التقدمي ، حركة سياسية رائدة مفتوحة على أبعاد غاية في الوفاق والانسجام ،وهو نموذج لما يجب أن يكون عليه عمل أحزابنا المتنافرة المتنابزة كالديكة صباحا مساء بسبب أو دونه. ولكن أخشى ما أخشاه من ردّة فعل القيادات المركزيّة وبعض رموز تلك الأحزاب المشاركة في «ملتقى الأحزاب في سيدي بوزيد»، أخشى ما أخشاه أن يُفسد البعض من أولئك فرحة هؤلاء وفرحتنا أيضا فيعمدون إلى وأد هذا الوليد بما له من تطلعات وبما حمله من دروس سياسية بالغة الأهميّة والاستشراف...لا تخيّبوا ظنّنا يا «زعماء».