مشروع الديسة الفلاحي ببوشمة جاء ليقدم حلولا تشغيلية الا انه وبعد مضي اكثر من 10 سنوات خاب أمل الفلاحين الشبان وذهبت مجهوداتهم سدى حين تأكدوا من عدم صلوحية الارض. «الشروق» التقت الهادي بالصادق وعلي المسعودي ليتحدثا عما يعانيانه من اشكاليات جعلت بعضهم يغرق في الديون. ينطلق محدثانا من تحديد منطقة «الديسة» التي تمتد من بوشمة الى حدود وادي دمنة وتمسح 160 هكتارا وهي اراض تابعة للملك العمومي تم تقسيمها سنة 1999 على 20 فلاحا للتشجيع على تكوين منطقة سقوية ثالثة وتوفير مواطن شغل لعدد من الشباب. وحسب الهادي بالصادق وعلي المسعودي فقد انطلق المشروع من بدايته بوعود ورطت الفلاحين الشبان واوصلتهم الى طريق اللاعودة فبعد دورة تكوينية انطلقت يوم 8 فيفري 1999 ودامت 6 اشهر وعدوهم خلالها بمنحة تكوين ومنحة تشجيعية لمدة سنتين في شكل اجرة حظيرة (120 دينارا شهريا ) تساعدهم على العمل وهو ما لم يحصل لاسباب ظلت مجهولة الى اليوم. وتم تزويد كل فلاح ب 100 شجرة زيتون ووعدوهم ب 15 بقرة ولكنهم لم يمكنوهم الا من 5 بقرات من الصنف الثالث لا تنتج الا 20 لترا في اليوم كما وعدوهم ايضا ب 10 رؤوس غنم من نوع «ادمن» ولم يحصلوا عليها ووفروا لهم اصطبلا تكلف على الفلاح ضعف ما تم تقديره في دراسة المشروع وآلة حلب وقرض ب 9 آلاف دينار لمد شبكة القنوات البلاستيكية للري ووعدوهم الى جانب ذلك بتعبيد كافة الطرقات المؤدية الى المقسمات وهو ما لم يحدث اطلاقا واكتفت السلط المسؤولة بجهر هذه المسالك الفلاحية فقط ووعدوهم ايضا بمساكن ريفية مساحتها لا تتجاوز 50 مترا مربعا وتزويدهم بالمياه الصالحة للشراب للاستقرار بهذه المنطقة البعيدة والموحشة ولكن الوعود لم تتحقق على ارض الواقع. مغالطات خطيرة اما اخطر مغالطة وقع فيها الشباب المنتصب على حد تعبيرهما فتتمثل في تاكيد السلط المسؤولة بان دراسة اجريت على التربة واثبتت صلوحيتها لكل انواع الزراعات والاشجار والخضر وهو ما فنده الواقع بعد اكثر من 10 سنوات فالاشجار وان نبتت ونمت فانها لم تثمر يوما بما جعل اغلب الفلاحين يتوجهون الى المنتوجات العلفية لسببين اولهما لتحملها العطش لفترة طويلة وثانيها لتوفير اعلاف لماشيتهم الا ان هذا الخيار عاد بالوبال على الفلاح فماتت ابقار اغلب الفلاحين وقد يعود السبب على حد قولهما الى المياه المعالجة للري. المياه المعالجة هي المغالطة الثانية التي وقع فيها فلاحو «الديسة» فهذه المياه غير معالجة بطريقة سليمة ويظهر ذلك في لونها القريب من السواد و الروائح الكريهة المنبعثة منها وهو ما يؤثر ولا شك على الغراسات والمزروعات ومن بينها المنتوجات العلفية في حين كانت التاكيدات عند انطلاق المشروع بان هذه المياه يمكن ان تساعد على انتاج الخضروات ايضا الا ان ما ورد على لسان مختار الجلالي وزير الفلاحة والبيئة اوائل شهر جوان في تحجيره ري الخضروات بالمياه المعالجة يؤكد بصورة قاطعة على المغالطة التي راح ضحيتها اكثر من 20 فلاحا من «الديسة». دورة مائية كل 19 يوما مشكلة المياه ايضا كانت حاضرة بقوة لدى فلاحي «الديسة» فبالإضافة الى النوعية السيئة للمياه المعالجة فان تدفق المياه ضعيف ولا تدوم الدورة المائية الا ثلاثة ايام بعد 19 يوما لا تكفي لري نصف الاراضي وقد وعدوهم ايضا مع بداية انطلاق المشروع بتوفير المياه الصالحة للشراب وهو ما لم يتحقق كغيره من الوعود بما جعل الفلاح يأتي كل يومين بخزان ماء لشربه ولشرب ابقاره (الخزان ب 25 دينارا) قبل ان يتم بناء موزع جماعي خلف السجن المدني (بعد 4 سنوات من انطلاق مشروع الديسة) حدث فيه تسرب مائي بلغت كلفته 3500 دينار عجزوا عن دفعها فتم قطع المياه عن هذا المجمع ليعودوا الى التزود بالخزانات المائية المكلفة.