رمى المفكّر محمّد الطالبي بنفسه في صدارة الأحداث «السياسيّة» هذه الأيام بامتياز، وبعيدا عن ما أثارته مقولاته الأخيرة حول النبي وزوجته وأصحابه والّتي يرى فيها الكثيرون تعدّيا على المقدّسات ومسّا بالشعائر وروح الدين والتديّن ، فإنّ هذه المقولات الّتي سعت إلى تأويلات للنص القرآني ومصادر التشريع عموما بحالة انفتاحيّة مُدهشة جدّا وضعت الطالبي في خطإ منهجي وعلمي «غير سليم» عندما أصبح الرجل وكأنّه رمز للحرية والعقلانية والحكمة ونسي ما حبّرهُ في كتابه «ليطمئن قلبي» عندما كفّر الأستاذ عبد المجيد الشرفي ومجموعة من أساتذة وأستاذات الجامعة التونسيّة، ذلك الكتاب الذي اعتبره البعض ردّة فكرية وأخلاقية ومنهجية بأتم معنى الكلمة حيث اخترع مصطلحا إقصائيا عزز به معجم التكفير والتفسيق والتبديع وهو «الانسلاخسلاميين» ليدعم مصادرة الأفكار والحق في المعتقد وحرية النقد والتأويل ، بل ذهب فيه – مثلما توصّل إلى ذلك الباحث سامي براهم- إلى حدّ التعبير عن موقف حدي عقائدي من المختلف الديني من خلال قراءة دينيّة مذهبية للمسيحية لا تختلف عن ثقافة الملل والنحل في المدونة الوسيطة . الطالبي «متهوم» علميّا بأنّه مرّ إلى طور تفكيري جديد دون أن يقدم نقدا ذاتيا على نزعته التكفيرية التي أثرت في كثير من شباب الجامعة من ذوي الحماس الديني العاطفي، فهل يعتبرُ الطالبي نفسه اليوم من فئة «الانسلاخسلاميين» أم أين يضع نفسهُ؟ ..و«التهمة الأخطر» أنّ سياق جداله الفكري في المعتقد –بوعي وإرادة منه أو دونهما- موظّف بشكل فجّ في جدل إيديولوجي وسياسي يكاد يعصف بواقع التعايش والانسجام بين التونسيين والتونسيات.