تكبّد ديوان الطيران المدني والمطارات خلال السنوات الأخيرة خسائر ناهزت المليارات (دون اعتبار الأشهر الستة الأخيرة من 2010) كان من المفروض أن تدخل حساباته.. تونس «الشروق» أزاح تقرير دائرة المحاسبات الصادر مؤخرا النقاب عن فظاعة التجاوزات التي كانت تحصل بديوان الطيران المدني والمطارات بعد أن حوّله المقربون من الرئيس السابق وأصهاره الى «بقرة حلوب» يشفطون منه الأموال عن طريق لزمات الخدمات بمختلف المطارات التي كانت لا تسند إلا إليهم... ومن هذه الخدمات نذكر استغلال الفضاءات الاشهارية المقاهي والمطاعم والأسواق الحرّة والقاعات الشرفية ومآوى السيارات والتموين واستغلال فضاءات البنوك وكراء السيارات.. «30٪ فقط» في موفى 2009، بلغت مستحقات الديوان لدى مختلف المستلزمين ما لا يقل عن 22 مليارا من المليمات... ولم يبذل الديوان، حسب تقرير دائرة المحاسبات اي جهد لاستخلاصها، ربما خوفا من ردود أفعال أقارب وأصهار بن علي، المنتفعين بهذه اللزمات وأكيد ان نسبة هذه المستحقات قد ارتفعت في 2010 ولم يقع استخلاصها الى الآن. وبصفة عامة كشفت الفحوصات التي أجرتها دائرة المحاسبات ان مداخيل اللزمات لم تتعدّ 30٪ من جملة مداخيل الديوان رغم انه كان من المفروض ان تتجاوز ال 50٪. أرزاق خاصة كشف تقرير دائرة المحاسبات أن اللجنة المكلفة بلزمات الديوان لم تكن تفتح باب المنافسة أمام كل الراغبين في الفوز باللزمة... فقد كانت خدمات المطارات عبارة عن كعكة حلويات يتقاسمها أفراد عائلة وأصهار بن علي حسب أهوائهم دون السماح لغيرهم بالمشاركة فيها وبعد الفوز باللزمة بطريقة مشبوهة يعمد المستغل الى إدخال تغييرات على الاتفاقات المبرمة دون أن يحرك أحد ساكنا وكأنهم يتصرفون في أرزاقهم الخاصة كأن يقع مثلا توسيع النشاط والترفيع في المساحات المستغلة والتمديد في مدة الاستغلال والتخفيض في المعاليم وعدم العمل بالزيادة السنوية المفروضة. فمثلا وقع توسيع رقعة المساحات الاشهارية المستغلة في مطاري تونسقرطاج وجربة من 108 أمتار مربعة الى 474 مترا مربعا دون زيادة اي مليم في قيمة الصفقة بل بالعكس وقع تمكين المستلزم من تخفيض على المعلوم ب 50٪ الى موفى 2015!! كما وقع تمكين المستلزم الخاص بأحد مقاهي مطار تونسقرطاج ومستلزم حمل أمتعة المسافرين ومستلزم السوق الحرة من تخفيض في المعاليم ناهز 59٪ لكل منهم.. كل هذا اضافة الى امتيازات أخرى منحت لمستلزم القاعة الشرفية بالمطار ومستلزم المأوى.. تجهيزات وأعوان ما يثير الاستغراب هو أن ديوان الطيران المدني والمطارات وضع على ذمة المستلزمين تجهيزاته الخاصة وأعوانه، من ذلك مثلا ان كلفة التجهيزات التي لم يحصل الديوان على مليم واحد مقابل استغلالها بلغت 473 ألف دينار.. كما أن الديوان كان يتحمل سنويا 830 ألف دينار بعنوان أجور أعوان واصل تشغيلهم في حين كان من المفروض ان يشغلهم ويدفع أجورهم صاحب لزمة خدمات الشحن عند التوريد في محطة البضائع... علما أن هذا المستلزم كان يوظف على حرفائه معاليم مشطة (ضعف المعاليم العادية المتفق عليها) دون ان يقدر اي كان على الاحتجاج. اعتراف في ردّها على تقرير دائرة المحاسبات اعترفت وزارة النقل والتجهيز بوجود عدة تجاوزات في مجال اللزمات بديوان الطيران المدني والمطارات وذلك بسبب عدم التزام المتعاقدين بتعهدّاتهم» وفي هذا اعتراف ضمني بأن هؤلاء المستلزمين كانوا فعلا أقوى من الجميع.. واليوم وبعد ان أزيح كابوس هؤلاء الذين أجرموا في حق الدولة والشعب ونهبوا الأموال على طريقة السرّاق و«الباندية» فإنه على الحكومة (وزارة النقل) وعلى مختلف أجهزة الدولة أن تستوعب الدرس وأن لا تفسح المجال أمام مثل هذه التجاوزات.