بقلم: علي المكشر (معروف بعلي الشابي) بنقردان يا ربوعا شامخة يا قلعة يقظة في صحرائنا اليافعة. بنقردان أنت فيافي نائية تضرب لنا اليوم أروع مثل في الجود والكرم والعزّة والأنفة وصدق المشاعر. بنقردان تلك اللؤلؤة الناصعة، بنقردان النخوة والشهامة التي كان لي شرف شرب لبن نوقها والتي تغذيت لخمس سنوات كاملة من محاصيل أرضها وبحرها (البيبان) بنقردان العزّة والكرامة التي فتحت لي ذراعيها في الستينات من القرن الماضي وأنا ابن الساحل التونسي فعلمتني معنى الشهامة معنى الصدق والأمانة وغرست في أعماقي أصول التآخي والتسامح وأشعرتني بالدفء العائلي وأنا بعيد مئات الكلمترات عن عائلتي. بنقردان تتجلى اليوم كأروع ما يكون حضنا دافئا لمئات الآلاف من اللاجئين الهاربين من جور الجبابرة وحماقة المتجبّرين وغطرسة أزلام جاهليةالقرن الواحد والعشرين. فلا فرق عند أشاوس بنقردان بين تونسي أو ليبي أو مصري أو صيني أو بنڤغالي أو ياباني والقائمة تطول، ما أروعك يا بنقردان وما أرحب صدرك العطر. فالأحضان والبيوت لأبرار وأحرار بنقردان مفتوحة للكل مكرّمين معزّزين لأن في بنقردان ومن ورائها في تونس عامة شعبا أبيا آمن بالانسان وشبابا عتيدا عظيما تربّى على خطى السلف الصالح ففجّر ثورة أعادت للانسان كرامته. أكان هذا الانسان تونسيا بالدرجة الأولى أو في رقعة ما من أصقاع أرض اللّه الواسعة. في بنقردان عرفت شخصيا للشهامة معنى وللمحبة دربا وللتآخي ينابيع لا تنضب. لقد أكدت يا مدينتي الغالية يا مدينتي الفاضلة يا زهرة المدائن، أكدت للعالم بأسره أنّ ثورة شعب تونس الفذ هي فعلا ثورة حرية وكرامة، لا للتونسيين فحسب بل لكل شعوب المعمورة المقهورة، الشيء الذي حدا بأحد مسؤولي وكالة غوث اللاجئين بالاقرار بأنه لم يعش طيلة حياته المهنية التي فاقت الثلاثين سنة مشهدا تضامنيا في هذه الروعة ولم يعرف طيلة حياته شعبا أعظم من شعب تونس الخضراء. لقد نحتم يا أحرار بنقردان يا أسود بنقردان ومن حولكم سكان جلال والشهبانية والطوي والصويح والزكرة والشوشة والشيبو (راس جدير) وغيرها. يا أبناء بالطيب والعتري شواط واللافي ونفخة وجنيفان والصلموك وبن نايل والكوني والكبيّر و... و... لقد نحتم كلكم لبنة ناصعة صلبة في هيكل ثورة الحب ثورة العزّة والكرامة والحرية. فإليكم مني جمعيا ألف قبلة وألف تحيّة لأنكم آمنتم بأن القناعة كنز لا يفنى وبأن الانسانية يمّ لا يدخله إلاّ الطاهرون من أمثالكم.