في سياق المبادرات الهادفة لتحقيق حالة وفاقيّة جديدة بين مختلف الفاعلين السياسيي، أمضى أمس عدد من الشخصيات الوطنيّة المستقلّة نصّ بيان اعتبروه مدخلا لتجاوز الأوضاع الحاليّة في البلاد والسير بها نحو أفق للمصالحة العامة والشاملة، ومن أبرز من أمضى على هذا البيان الّذي حصلت «الشروق» على نسخة منه السادة مصطفى الفيلالي وحمودة بن سلامة وعبد الفتاح مورو وصلاح الدين الجورشي، في ما يلي النص الكامل للبيان بما فيه من مقترحات علما وأنّ إمضاء على هذه الوثيقة يبقى مفتوحا أمام كلّ الراغبين في ذلك مثلما أشار الى ذلك أصحابه: لقد تفاقمت في الأسابيع الأخيرة ظواهر انخرام الأمن بالعديد من جهات الوطن، وساء التصرف في نعمة الحرية، وكاد الاطمئنان أن يفقد في الأنفس. وشهدت مؤشرات التنمية الاقتصاديّة تراجعا خطيرا، وانجرّ عنه اختلال التوازنات الكبرى. تضافر هذه السلبيات كلها يشكل نذير خطر يدعو القوى الوطنية الواعية الى المبادرة باجراءات عاجلة لانقاذ الوطن من ويلات الفتنة، ولصيانة الأمن من الانخرام، و لاعادة الاطمئنان للأنفس وترجيح الثقة في سداد مقاصد الثورة. هذا الاصلاح المتأكد يتطلب التعجيل بعودة الشرعية وتوفير شروط تمكين حكومة انقاذ وطني من القدرات الواجبة، ومن بيئة مساعدة على تركيز الجهد الجماعي لمجابهة أعراض الأزمة. كما يقتضي الواجب من الأحزاب السياسية وسائر القوى الوطنية الالتزام بعلوية المصلحة العامة على الحسابات الانتخابية. ويحتم على مختلف القوى المنتجة الانقطاع لواجب العمل وبذل الجهد الكفيل باصلاح الأوضاع الاقتصادية، الضامنة لتواصل سوق الشغل في كنف شرعية ممارسة الحقوق النقابية والمهنية. ولنجاح هذا المسعى الانقاذي، يجب العمل أيضا على اقامة بيئة مساعدة على تحقيق مصالحة عامة، قوامها جبهة وحدة وطنية، لا يكون فيها الاختلاف المشروع في الرأي ذريعة لتفرق الكلمة أو «للتنابز بالألقاب»، ولا تكون المنافسة النزيهة في الاتجاهات السياسية مركبة للفتنة ومدعاة للارتداد عن مقاصد الثورة. للمساهمة في توفير هذه البيئة المؤاتية، نتوجه بهذا البيان لاقتراح التوصيات التالية : 1 التمسك بتاريخ 23 أكتوبر 2011، موعدا لانتخابات المجلس التأسيسي، مع اعتباره موعدا نهائيا لا يحق لأحد تجاوزه لأي سبب كان. 2 ارجاء البت في القرارات الحاسمة، من جانب الهيئات الاستشارية الى انتخاب المجلس التأسيسي المخول لذلك شرعا، واعتبار أن ما يصدر عن هذه الهيئات المؤقتة لا يلزم الشعب ولا يرتهن المستقبل ويبقى رهين الحالة الاستثنائية ما قبل الانتخابات القادمة. 3 الاقرار بأن الترشّح لعضويّة المجلس الوطني التأسيسي حق مشروع لكلّ مواطن ومواطنة ولا شرعية للاقصاء من هذا الحق الا بقرار من القضاء، باستثناء قلّة تقلّدت مسؤوليات عليا في الحكومة والتجمّع خلال السنوات العشر الماضية. 4 التأكيد مجددا بأن مقومات الهوية العربيّة الاسلاميّة للبلاد التونسية من دين ولغة وتراث وحضارة قضية محسومة، لا تحتمل الجدل ولا تدعو للمراجعة. 5 المطالبة بتعزيز تركيبة الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات لضمان تمثيل أهمّ التيّارات الفكريّة وشفافية العمليّة الانتخابيّة وأن تسند مهمة رئاسة لجانها الجهوية الى أسمى قاض في الدائرة الانتخابية وأن يعهد للمحكمة الادارية مهمّة الفصل في النزاعات والطعون المتعلقة بالانتخابات مع اخضاع الانتخابات الى مراقبة دوليّة وأمميّة بالاضافة الى مراقبة المجتمع المدني وتشريك عدول الاشهاد والتنفيذ. 6 السعي نحو اخراج البلاد من أجواء الفترة المؤقتة المهيمنة على الحياة العامة وعلى أجهزة الدولة، وذلك عن طريق اقرار روزنامة مضبوطة لمواعيد الانتخابات الرئاسية والتشريعية، في أعقاب تاريخ انتخابات المجلس التأسيسي، وانتصاب الأجهزة الدائمة للدولة في أجل أقصاه 25 جويلية 2012. 7 التعبير عن انشغالنا لغياب التوازن في تعامل وسائل الاعلام السمعية والمرئية مع مختلف الأطراف السياسية والفكرية، ونطالبها بملازمة الحياد عن كل أشكال الاقصاء والتوظيف والانتقاء، واعتماد الانارة عوض الاثارة».