18 منهم اعوان واطارات سجون.. التمديد في الايقاف التحفظي للمتهمين في قضية فرار مساجين اره.ابيين    كرة اليد.. تحديد موعد مباراتي نصف نهائي كأس تونس    بطاقتا إيداع بالسجن في حق رئيس جامعة السباحة السابق ومدير عام وكالة مكافحة المنشطات    المعهد الوطني للاستهلاك: 5 بالمائة من الإنفاق الشهري للأسر يُوَجّه إلى أطعمة يقع هدرها    وزارة الصحة تنتدب 3000 خطة جديدة خلال السداسي الثاني من 2024    صفاقس : ايقاف المنحرف الذي قام بطعن تلميذ امام اعداديّة الافران    طقس الليلة.. امطار متفرقة ورعدية بعدد من الجهات    جراحة التجميل في تونس تستقطب سنويا أكثر من 30 ألف زائر أجنبي    ضمن تصنيف الجامعات العالمية..جامعة تونس المنار تحتل المرتبة 948 عالميا والأولى وطنيا    مجلس وزاري مضّيق للنظر في قانون تنظيم الجمعيات    سعيّد: "أكثر من 2700 شهادة مدلّسة.. ومن دلّسها يتظاهر اليوم بالعفّة"    العثور على جثتي راعيين : الاذن بإيقاف شخصين من دول إفريقيا جنوب الصحراء    حجز أكثر من 4 ألاف لتر من الزيت المدعّم وأطنان من السميد والفارينة بمخزن في هذه الجهة    ''قطاع التأمين: ''ندعم قانون المسؤولية الطبية.. فلا بد من تأطير قانوني    جراحة التجميل في تونس تستقطب سنويا أكثر من 30 ألف زائر أجنبي    واقعة حجب العلم الوطني بمسبح رادس.. فتح بحث تحقيقي ضد 9 أشخاص    في أكبر محاولة لتهريب الذهب في تاريخ ليبيا: السجن ضد مسؤولين كبار    بنزرت: ضبط ومتابعة الاستعدادات المستوجبة لإنجاح موسم الحصاد    سوسة: سائق سيارة تاكسي يعتدي بالفاحشة على قاصر    سليانة: تقدم عملية مسح المسالك الفلاحية بنسبة 16 بالمائة    إتحاد تطاوين: سيف غزال مدربا جديدا للفريق    البنك التونسي ينفذ استراتيجيته وينتقل الى السرعة القصوى في المردودية    كأس تونس: برنامج النقل التلفزي لمواجهات الدور ثمن النهائي    سيدي بوزيد: توقّعات بارتفاع صابة الحبوب بالجهة مقارنة بالموسم الماضي    المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات: الشركة التونسية للبنك تدعم مقاربة الدولة للأمن الغذائي الشامل    من هو وزير الدفاع الجديد المقرب من فلاديمير بوتين؟    عاجل : الكشف عن وفاق اجرامي يساعد الأجانب دخول البلاد بطرق غير قانونية    الديوانة التونسية تضرب بعصا من حديد : حجز مليارات في 5 ولايات    الكرم: القبض على افريقي من جنوب الصحراء يدعو إلى اعتناق المسيحية..وهذه التفاصيل..    تفاصيل جديدة بخصوص الكشف عن شكبة إجرامية دولية للاتجار بالمخدرات..#خبر_عاجل    ليلة ثالثة من الأضواء القطبية مع استمرار عاصفة شمسية تاريخية    مغني الراب سنفارا يكشف الستار : ما وراء تراجع الراب التونسي عالميا    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    5 جامعات تونسية تقتحم تصنيفا عالميا    مسؤولة بالستاغ : فاتورة الكهرباء مدعمة بنسبة 60 بالمئة    إيران تعلن عن مفاوضات لتحسين العلاقات مع مصر    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    رئيسة لجنة الشباب و الرياضة : ''لم تحترم الوزارة اللآجال التي حددتها وكالة مكافحة المنشطات ''    نائبة بالبرلمان : '' سيقع قريبا الكشف عن الذراع الإعلامي الضالع في ملف التآمر..''    راس الجدير: ضبط 8 أفارقة بصدد التسلل إلى تونس بمساعدة شخص ليبي..    بطولة ايطاليا: تعادل جوفنتوس مع ساليرنيتانا وخسارة روما أمام أتلانتا    عاجل/ بعد الاحتفاظ به: هذا ما كشفه محامي الاعلامي مراد الزغيدي..    بين الإلغاء والتأجيل ... هذه الأسباب الحقيقة وراء عدم تنظيم «24 ساعة مسرح دون انقطاع»    المالوف التونسي في قلب باريس    نتنياهو: نناقش "نفي قادة حماس.."    مصر: انهيار عقار مأهول بالسكان في الإسكندرية وإنقاذ 9 أشخاص    دربي العاصمة 1 جوان : كل ما تريد أن تعريفه عن التذاكر    أرسنال يستعيد صدارة البطولة الإنقليزية بفوزه على مانشستر يونايتد    دراسة تربط الوزن الزائد لدى الأطفال بالهاتف والتلفزيون..كيف؟    مئات الحرائق بغابات كندا.. وإجلاء آلاف السكان    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    مدنين: نشيد الارض احميني ولا تؤذيني تظاهرة بيئية تحسيسية جمعت بين متعة الفرجة وبلاغة الرسالة    سيدي بوزيد: تظاهرات متنوعة في إطار الدورة 32 من الأيام الوطنية للمطالعة والمعلومات    سيدي بوزيد.. اختتام الدورة الثالثة لمهرجان الابداعات التلمذية والتراث بالوسط المدرسي    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس بين خطي التغريب والتغييب
نشر في الشروق يوم 11 - 07 - 2011


بقلم: البشير الضاوي (مثقف مستقل)
لا شك أن لزلزال الثورة التونسية تداعيات وهزات ارتدادية ستتواصل فترة من الزمان و استمرارها متصل بنضج نخبنا وفهمهم لمتطلبات اللحظة التاريخية وبتفاعل شعبنا مع المرحلة. ومن الآثار الأولية لهذه الهزات الارتدادية لزلزال 14جانفي بروز خطيين ثقافيين لهما مدلولات سياسية ومضامين اجتماعية بعيدة عن حصيلة شعبنا التاريخية ومخياله الجماعي وهذان الخطان يبدو للملاحظ غير المتفحص أنهما متوازيان ولكن في الواقع بينهما كثير من التقاطعات رغم اختلاف مرجعيتهما ووجود الواحد يستدعي وظيفيا إيجاد الأخر.
هذان الخطان هما خطي التغريب والتغييب نعني بخط التغريب ذلك التيار الإجتثاثي الذي ينظر إلى تونس كأنها مقاطعة تعيش في المياه الدولية ولثقافتها وتاريخها كفتات لا طعم له ولا لون وبالتالي لشعبنا كشعب هجين يستلهم هويته من أخر مستعمريه ويقتبس قيمه من جلاديه وثقافته الأصلية وخاصة دينه يمثل عائقا إبستومولوجيا للتقدم وللحداثة وهي نفس مقولة ماكس فيبرالذي يعتبر الإسلام عائق لانتشار الرأسمالية وهي مقولة تعكس بوضوح المركزية الأوربية الاستعلائية التي تنكر الخصوصيات القومية والثقافية للشعوب.
أما ما نعني به خط التغيب هوذلك التيار الهلامي المتجاهل لتاريخ العرب والمسلمين والذي يريد فرض وصفة القرن الأول للهجرةعلى شعبنا وخاصة فترة الخلافة الراشدة وفترة عمر ابن عبدالعزيز وهي فترة لم تتجاوز 40 سنة كنمذوج وما بعدها جاهلية وحكم عضوض وهي فترة محكومة بظروفها التاريخية ويقرأ التاريخ بمقاييس فقهية نمطية وينظر للوقائع كما يتمناها لا كما وقعت فعليا وحججه تدحضها التجربة التاريخية للمسلمين حيث لم تتبلور الدولة وتركز دواوينها إلا مع الأمويين بقيادة معاوية إبن أبوسفيان حيث وصل حكم المسلمين في عهدهم من الأندلس إلى سور الصين فطارق ابن زياد وموسى ابن نصير وكبار القيادات التاريخية كانت قيادتهم أموية تسكن في قصور دمشق الفارهة.أما في عهد الدولةالعباسية فقد إنتشرالعلم وازدهرت الفلسفة والموسيقى والترجمة وكان المسلمون يقودون العالم حين كان الفلاسفة والموسيقيون منبوذين ينامون في المقابر في الغرب. وتعايش في الدولة الإسلامية المدنية كافة أتباع الأديان وكان بعضهم مستشارين في قصور الخلافة.
هذين الخطين يجهلان تاريخ بلادنا وحصيلة ثقافة شعبنا الذي رفض بكل كبرياء أي تطرف مهما كان نوعه فهذه التربة أطردت غلاة الشيعة وساد فيها فقه سني متسامح رعته منارة القيروان وصرح الزيتونةو بنفس الحدة رفض شعبنا الإلحاق والتذويب وتصدى للتجنيس والفرنسة وأنجبت هذه الأرض الطيبة ابن خلدون والشيخ بن عاشور ومحمد علي الحامي والشابي وحركة الشباب التونسي وغيرهم من الأعلام. تونس أول دولة إسلامية ألغت الرق وتكونت فيها أول نقابة في الوطن العربي وسنت أول دستورفي المنطقة متمثلا في عهد الأمان وتتونست العائلة المالكة التركية وألغت تعدد الزوجات وتكونت فيها أول رابطة لحقوق الإنسان واندلعت فيها أول ثورة دشنت الربيع العربي الحديث و هي محل إكبار وإجلال لم يستطع التنبؤ بها أساطين المخابرات ولا سدنة الفكر ومراكز البحث والاستشراف أرضا بهذا الثراء يظهر فيها تيار تغريبي يريد ربطنا بالمركز كأننا فاقدو الهوية وأخر تغيبي يتجاهل تعدد القراءات في حضارتنا ويحرم علينا الاجتهاد الذي مارسه أجداد أجدادنا ويظهر الدين الإسلامي السمح و كأنه يتعارض مع الحداثة ومع الديموقراطيةوهو نفس طرح شقيقه اللدود تيار التغريب وإن إختلفت المنطلقات فكلا التيارين يقولان بقصور شعبنا وعدم أهليته للإبداع ويريدان فرض طريقة الإتباع عليه.
نحن نتفهم سيسيولوجيا الظروف الحالية التي برز فيها كلا الخطين نتيجة الزلزال الذي هز بعض الترسبات الكامنة وبنفس القدر وإنطلاقا من إرث شعبنا الثقافي والديني والإجتماعي ومن نضج نخبنامن مختلف التيارات السياسية والفكرية لن يكتب لهذين التيارين الإستمرار.مع تمكينها من التعبير بصفة سلمية عن مواقفهما.
على التيار الوسطي من جميع الاتجاهات ومختلف المشارب أن يقوم بدوره التاريخي ثقافيا بنشر قيم التسامح والاختلاف وسياسيا ببناء جبهة وطنية عابرة للإديولوجيا والطبقات تمثل صورا يحمي مكتسبات المجتمع وتفتح افاقا رحبة المضامين الثورة المجيدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.