الأولى من نوعها: إمضاء اتفاقية تعاون في مجالي السياحة والصناعات التقليدية بين تونس ومدغشقر    مدير عام ديوان السياحة ل«الشروق»: تونس تستعيد مكانتها في السياحة العالمية    تثير تساؤلات لدى الفلاّح.. أي تأثير لأمطار ماي على صابة الحبوب؟    فرض سياسة «فرّق تسد»..اليمن ينجح في الفصل بين أمريكا وإسرائيل    بلاغ هام من وزارة التربية لهؤلاء التلاميذ..#خبر_عاجل    بالمناسبة.. مهرجان قرطاج بلا مدير!    في المهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج.. إشادة بالعمل السعودي "التذكر ذخيرة الإنسان الاخيرة "    المنستير: الدورة 12 لمهرجان "خيمة سيدى سالم " تحت شعار "التراث والفن انسجام يروي حضارتنا " يومي 17 و18 ماي    بلاغ من ادارة مهرجان صفاقس الدّولي حول الترشح للمشاركة في فعاليات الدورة 45    تصنيف المنتخبات في قرعة كأس افريقيا لكرة السلة    الرائد الرسمي.. صدور أمر رئاسي يضبط التنظيم الإداري والمالي للمجلس الأعلى للتربية والتعليم    القصرين: اكتشاف موقع أثري جديد بمنطقة جبل السلوم يعود للفترة الرومانية    جلسة عمل حول مراجعة وتحيين كراسات شروط فتح مؤسسات الطفولة الخاصة    المعهد الوطني للرصد الجوي في اضراب يومي 14 و 15 ماي 2025    الكاف: الأمطار الأخيرة تتسبب في تصدع في الطريق والحائط المحاذي إلى معلم القصبة الحسينية بمدينة الكاف    انطلاق تظاهرة "ربيع ايام مسرحية" بسيدي بوزيد    صفاقس : قبلة محترفي سرقة الاضاحي …فهل سيلجأ اقليم الامن الى البوّابات ؟    وزارة العدل تدعو الخبراء العدلين إلى الإسراع بإيداع ملفاتهم قبل انتهاء آجال الترسيم    توقف مفاجئ في ''إكس'' يربك المستخدمين حول العالم    اللجنة الاستشارية لبرنامج التأهيل الصناعي تصادق على 3 ملفات لمؤسسات صناعية باستثمارات بقيمة 55 مليون دينار    بنزرت: جلسة عمل للنظر في آخر التحضيرات الجهوية والمحلية للامتحانات الوطنية    وزير التجارة وجامعة الجلود والأحذية يتفقان على تكوين لجان لتدارس أوضاع القطاع والإصلاحات الممكنة    الكاف: أنشطة ثقافية وفكرية واقتصادية في الدورة 35 لمهرجان "ميو"    الأيام الفرنسية التونسية للأشعة تناقش أيام 8 و9 و10 ماي بتونس تطور التصوير الطبي وتحديات قطاع الأشعة    إنتبه لها.. 7 علامات لارتفاع ضغط الدم    مجلس نواب الشعب ينعى الفقيد النائب نبيه ثابت    قرمبالية: انتشال جثة شاب عشريني من قنال مجردة    عاجل/ زيارة الغريبة: هذا موعدها وستقتصر على هذه الفئة من اليهود    قضية قتل المحامية ''منجية'': قاضي التحقيق يستمع لشقيقها وشقيقتها    إنخفاض بنسبة 3% في عجز الميزان التجاري الطاقي موفى شهر مارس 2025    عاجل/ وفاة هذا النائب بالبرلمان..    ترامب يقترح خفض الرسوم الجمركية على الصين إلى 80%    الإحتياطي من العملة الصعبة يغطّي 99 يوم توريد..    الرابطة الأولى (الجولة 29 ): إثارة في صراع اللقب وغموض يكتنف معركة البقاء    بمشاركة أطباء مختصين من تونس والجزائر.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوطني ال27 للطب الباطني بالحمامات    فداء توجه نداءً عاجلاً لذوي شهداء وجرحى الثورة    باكستان: إسقاط "77 مسيرة" هندية    كرة اليد: أفضل حارسة في افريقيا مي جمعية تلتحق بجمعية الساحل    من أغنى رجل في العالم إلى أكبر متبرّع: بيل غيتس سيتبرع ب200 مليار دولار    طفل تونسي يذهل العالم: إياس معالي يحصد المرتبة الثانية في بطولة الحساب الذهني في تايوان    فاجعة في مدينة فاس المغربية: انهيار مبنى سكني يخلّف قتلى وجرحى    هام/ موعد أول رحلة للحجيج الى البقاع المقدسة..وهذه آخر الاستعدادات..    تراوحت بين العامين و 6 سنوات: أحكام سجنيّة ضد مسؤولين ب ''الكنام''    ثلاثة لاعبين مغاربة في نهائيات المسابقات الأوروبية هذا الموسم    bacweb.tn: موقع لا غنى عنه لكل تلميذ يستعد للباك!    النوم 4 ساعات فقط قد يجعلك أكبر ب4 سنوات!    نهائي كأس الطائرة في رادس: أسعار التذاكر ونقاط البيع    بطولة مصر : فخر الدن بن يوسف هداف لكن فريقه المصري البورسعيدي يتعثر امام الاهلي برباعية    عاجل/ حماس تعلن الاشتباك مع جنود اسرائليين..واسرائيل تكشف عن مقتل جنديين..    عاجل/ خلال اشرافه على مجلس وزاري: رئيس الدولة يسدي تعليماته بالحسم نهائيا في هذه الملفات..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    مانشستر يونايتد وتوتنهام إلى نهائي الدوري الأوروبي لكرة القدم    نصائح فطور صحي ''للتوانسة'' الذين يعانون من الكوليسترول    الطلاق أمام عدل إشهاد يثير الجدل: النائب يوسف التومي يوضّح خلفيات المبادرة التشريعية    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة: واعرباه. وا إسلاماه. هل من مجيب؟!    ملف الأسبوع: مهلكة عظيمة: لا تتتبعوا عوراتِ المسلمينَ... عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ    وزارة الصحة: احمي سَمعِك قبل ما تندم... الصوت العالي ما يرحمش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيوننا الأخرى: أدب الصّيف
نشر في الشروق يوم 14 - 07 - 2011

تهرب من الشمس تطاردك بأشعتها الحارقة ،تلوذ بالأزقّة الملتوية ، تبحث فيها عن بعض ظلّ ،تتذكّر ماقاله العرب عن الصّيف الذي شبّهوه بحدّ السيف ، تستحضر صورة «البساط من الجمر» التي تواترت في كتبهم ،ومجاز« سلطان الحرّ» الذي تردّد في أشعارهم... تتساءل كيف كتب العرب ما كتبوا في أرض شبّهوها «بالتنّور المسجور» ؟...ألم يتحدّث طه حسين عن القيظ الذي لا يصهر الأبدان فحسب وإنّما يصهر العقول أيضا فيمنع النّاس من التفكير والرويّة.؟..ألم يقل، لا بدّ للكاتب أن يستأني ويتأمّل في غير جهد ولا مشقّة ،وألاّ يتعرّض لهذا العناء السريع الذي يتعرّض له حين يسلّط الجوّ عليه هذا الحرّ الشديد؟...أليست الكتابة تحتاج إلى شيء من الرّاحة والهدوء والقدرة على التفكير المطمئن..وتلك أشياء لا تستقيم مع القيظ الشديد المرهق؟
في الصّيف نحن نلغو أمّا في الشتاء فنحن نجدّ ...هكذا كان يردّد طه حسين مضيفا: وما الذي كان يمنعنا من اللغو أثناء الصّيف وفي الصّيف تهدأ الحياة، ويأخذها الكسل فتوشك أن تنام أو تسير على مهل يشبه الوقوف، وفي أناة تضيق بها النفوس...كلّ أسباب النشاط مؤجّلة إلى حين..
تمضي ، على غير هدى في الحواري الضيّقة، تستعيد عناوين الروايات التي قرأت والتي تدور أحداثها في الصيف، تتذكّر على وجه الخصوص رواية «الغريب» لألبير كامو، وهي الرواية التي صوّرت إقدام البطل الراوي مارسو على قتل رجل عربيّ في يوم قائظ شبيه بذلك اليوم الذي دفن فيه أمّه...لم يكتف الراوي بوصف الحرارة تحوّل الأرض إلى صفيحة من نار بل إنّه أطنب في صفحات عديدة من الرواية في وصف البحر يلهو فوق رماله مع حبيبته ماري...كانت هذه الرواية صيفيّة بامتياز...كل أحداثها ومشاهدها تحيل على هذا الفصل دون غيره من الفصول.أشاد جون بول سارتر بهذه الرواية قائلا: ما من عبارة غير مفيدة....عندما تغلق الكتاب تدرك أنّه لم يكن من الممكن أن يبدأ بصورة أخرى...أو ينتهي نهاية أخرى.
من القصص اليابانيّة التي قرأت بحبّ كبير قصّة عنوانها «زهرة الصيف» للكاتب ناميكي هارا. وهذه القصّة قد وصفت، بحسّ دراميّ لافت، تجربة اليابان المفجعة مع القنبلة الذرية... وهي التجربة التي لم يستطع الكاتب استيعابها وإدراك كنهها..لهذا اختار بعد أربع سنوات من كتابة هذا العمل الكبير الانتحار بعد أن أيقن أنّ سكينة الموت أرحم من كابوس الحياة.
تواصل سيرك محتميا بأسوار المدينة...تحاول، دون جدوى، تفادي أشعّة الشمس،تتذكّر حكمة الشّاعر العربيّ القديم الذي أراد أن يحبّب إلينا قيظ الصيف فذكّرنا بصقيع الشتاء متهما الإنسان بالجحود :يتمنّى المرءُ في الصيفِ شتاءً /فإذا جاءَ الشتا أنكرَهُ /فهوَ لايرضَى بحالٍ واحدٍ / قتلَ الإنسانُ ما أكفرَهُ /...تستدرك قائلا : إنّ الصيف في الأدب ليس دائما ضيفا ثقيلا بل ربّما كان في الكثير من الأعمال الأدبيّة رمز الطبيعة في بهجتها وتجدّدها. تقفز إلى الذاكرة غزليّة شكسبير الشهيرة: هل لي أن أقارنك بيوم من أيّام الصيف؟ هذه القصيدة التي تغنّى بها العشّاق في أنقلترا منذ زمن بعيد ،وقد جاء فيها: هلْ لي أنْ أقارنكِ بيوم من أيّام الصيف/لكنّك أكثر منه حسنا واعتدالا / فبراعم الصيف تهزّ براعم مايو بقوّة / ويوم الصيف في معظمه سريع الزوال /.
تتذكّر أيضا من القصص التي احتفت بالبحر قصّة إحسان عبد القدّوس «البنات والصيف» والتي فاق توزيعها، على ما يقول البعض، كلّ الروايات المصريّة المعروفة في ذلك الوقت... وقد قرأت أنّ بعض المثقّفين طالب بمنعها وقد استجابت الحكومة لذلك فسحبتها من الأسواق فما كان من إحسان إلاّ أن بعث برسالة إلى الرئيس عبد الناصر يقول فيها : أنا لا أتعمّد اختيار نوع معيّن من القصص أواتّجاه معيّن، ولكنّ تفكيري في القصّة يبدأ دائما بالتفكير في عيوب المجتمع، وفي العقد النفسيّة التي يعانيها الناس، وعندما أنتهي من دراسة زوايا المجتمع، أسجّل دراستي في قصّة...وكل القصص التي كتبتها كانت دراسة صادقة وجريئة لعيوب مجتمعنا، وهي عيوب قد يجهلها البعض، ولكن الكثيرين يعرفونها ، وهي عيوب تحتاج إلى جرأة الكاتب حتّى يتحمّل مسؤوليّة مواجهة الناس بها...والهدف من إبراز العيوب هو أن يحسّ الناس بأنّ أخطاءهم ليست أخطاء فرديّة بل هي أخطاء مجتمع كامل وأخطاء لها أسبابها وظروفها ونشرها سيجعلهم يسخطون وسيؤدّي بهم السخط إلى الاقتناع بضرورة التعاون في وضع تقاليد جديدة...ولقد بدأ الناس يسخطون فعلا لكنهم بدلا من أن يسخطوا على أنفسهم وعلى المجتمع سخطوا على الكاتب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.