«هل يكون جزاء القاتل أن يحكم لفائدته بمنحة من أهل الضحية؟» هذا السؤال الغريب بدأت به السيدة فائزة «ق» رواية مأساتها التي عاشتها مع أبنائها السبعة سنة 85 في فرنسا والتي ذهب ضحيتها اثنين من أبنائها على يد والدهم، مازالت تبعات هذه الحادثة المؤلمة تطارد أبناءها. تستأنف السيدة فائزة رواية الأحداث المؤلمة التي عاشتها في الثمانينات ومازالت تبعاتها تلاحقها وأبناءها إلى اليوم. الأب القاتل تقول فائزة بمرارة وهي تستعيد ذكرى الحادث المؤلم الذي عاشته أن زوجها كان يعمل إطارا في شركة عالمية لصناعة الطائرات في فرنسا وكان يتقاضى وقتها ما لا يتقضاه وزير في تونس إذ يصل راتبه إلى 1500 فرنك فرنسي لكنه رغم ذلك لم يكن ينفق مليما واحدا على أبنائه السبعة بل كان يوغل في إهانتهم وضربهم فاضطررت للعمل في مجال الخياطة لتوفير قوتهم اليومي رغم البحبوحة التي يعيشها هذا الأب. في 8 أفريل 1985 عمد الأب دون وقوع شجار أو خلافات تذكر إلى إطلاق النار على كل أفراد عائلته فماتت اثنتان من بناته محاسن 17 سنة كانت يومها صائمة وبصدد إعداد وجبة إفطارها عندما أرداها قتيلة.. لم تتمالك السيدة فائزها نفسها من البكاء عندما تذكرت مشهد ابنتها وهي تتخبط في دمائها كانت محاسن تستعد لاجتياز امتحان الباكالوريا رغم الظروف الصعبة، لكن طلقة مسدس والدها أردتها قتيلة. كذلك توفيت هالة ابنة 12 ربيعا بطلقة أخرى أما أخوهم فهمي فقد تسببت طلقة مسدس والده في إصابته بإعاقة بلغت نسبة 80٪ جعلته لا يقوى على الحراك بعد دخوله في حالة غيبوبة لمدة أشهر طويلة.. أما بقية الاخوة والأم فقد تم انقاذهم بأعجوبة من موت محقق. سجن وترحيل بعد الحادثة تلقى من بقي على قيد الحياة من أفراد العائلة الرعاية والإحاطة من السلط الفرنسية، كما حكم على الأب القاتل ب17 سنة سجنا قضى منها 11 سنة ثم تم إطلاق سراحه وترحيله إلى تونس. لكن الوالد القاتل رفع قضية عدلية في تونس في حق أبنائه الذكور الثلاثة الذين نجوا من رصاصه حتى يعيلوه رغم حصوله على جراية ب600 دينار تصله شهريا من فرنسا. وصدر الحكم في 2005 لكن الأبناء لم يكتشفوه سوى في 2007 فتم استئناف الحكم لصالح الأبناء ومع ذلك فقد تمت مطالبتهم بدفع معلوم المنحة لوالدهم من 2005 إلى 2007 أي خلال الفترة التي سبقت استئناف الحكم. وهي مسألة رفضها الأبناء من حيث المبدإ إذ تساءلوا كيف يجازى من قتل اخوتهم وحاول قتلهم بمنحة مالية. وتساءلوا كيف أنصفهم القضاء الفرنسي ولم ينصفهم القضاء التونسي الذي مازال يطالبهم بدفع المال لمن حاول قتلهم. طبيب مختص وتواصل الأم فائزة رواية تفاصيل مأساتها إذ ذكرت أنها رغم ما حدث لأبنائها إلا أن أحدهم تخرج طبيبا مختصا في الاستعجالي والآخرون إطارات عليا في مؤسسات مرموقة بفرنسا، وتضيف لقد جاء ابنها الطبيب إلى تونس في 2008 على رأس وفد طبي لعلاج بعض المرضى في تونس وقد كاد يتم إيقافه بسبب عدم سداد المنحة لوالده القاتل مما جعله واخوته يمتنعون عن زيارة بلادهم منذ سنوات.. وتتساءل الأم الملتاعة لماذا يحرم الضحية من زيارة وطنه ويواصل القاتل عيشه الرغيد. وتضيف لقد تزوج الأب القاتل ثلاث مرات وقال لي في احدى المرات «سوف أجعلكم تنفقون على زوجاتي أنت وأولادك».. وفي الأخير أصرت الأم على عدم ذكر اسمها كاملا وذلك لخوفها من انتقام طليقها وهي ترجو أن تنصفها وأبناءها عدالة بلدها.