في كل مرة أتابع فيها مثل آلاف المتفرجين مسابقات الجمال بلبنان وايطاليا وفرنسا وغيرها من البلدان العريقة في هذا الميدان وكلما متعت نظري بعروض أزياء وحفلات تفوح أنوثة وجاذبية وفتنة يطاردني السؤال التالي : لماذا ظل الجمال التونسي بشقيه المسابقاتي والاحتفالي متأزما رغم مرور سنوات عديدة على تنظيم أول مسابقة لاختيار أجمل فتاة تونسية، وظهور مجموعة كبيرة من الوجوه الجميلة من نجلاء كونيالي وأميرة ثابت الى نجمات البوديوم مثل غالية السحالي، وأسماء بن عثمان ومنى الخماسي وهدى الجندوبي مرورا بالاسماء الصاعدة مثل رفقة، وآمنة رانيا (ملكة جمال قرطاج) وسلوى بن يوسف. واذا ما استثنينا النجاح الباهر لبعض الأسماء في الخارج مثل صابرينا بن عمر، ونورشان الشريف وكنزة الفوراتي فإن الجمال التونسي بقي يتأرجح بين الأخذ والرد وأصيب منظمو الحفلات والمسابقات في كل مرة بالإحباط نظرا للصعوبة البالغة في اقناع المؤسسات والجهات العمومية وفئات معينة من الجمهور بجدوى هذه المسابقات والعروض الجمالية التي تساهم بقدر كبير في نشر الجمال التونسي داخل البلاد وخارجها وتحقق العديد من الفوائد والمكاسب ذات البعد الحضاري، والسياحي والثقافي. ويكتشف المتابع لهذه التظاهرات (ملكة جمال، تونس، ميس أفريكان، بنت بلادي... الخ) حجم المرارة التي تسيطر على نبرات وأحاديث المولعين بالجمال والقائمين عليه. ويشتكي هؤلاء من عدة صعوبات ونواقص أهمها قلة الفرصة، وتردد الكثيرين عن دخول المغامرة، وضعف الدعم الذي يتلقاه المنظمون من الشركات والمؤسسات الاقتصادية الكبرى، واعتقاد عدد من المواطنين خطأ بعدم جدوى وجدية المسابقات والحفلات ذات المنحى الجمالي مما أدى الى انتشار حملات التشكيك في منظميها والمسؤولين عنها وتفشي ظاهرة الشائعات المصاحبة لمثل هذه المسابقات الموجودة في أغلب دول العالم سواء في افريقيا وأوروبا أو أمريكا وآسيا. **الأسباب الموضوعية وحدد بعضهم مظاهر الأزمة في النقاط الرئيسية التالية : خوف الكثير من العائلات من اندفاع بناتهن الى المشاركة في مسابقة جمالية أو الوقوف فوق البوديوم لأسباب معرفية وأخلاقية معا. غياب مؤسسة أو جهة قوية قادرة على ضمان استمرارية تنظيم المسابقات والحفلات والعروض في مواعيد محددة وسنوية. ضعف الدعم الإعلامي المتمثل بالخصوص في عدم انخراط التلفزة التونسية في التظاهرات باعتبارها الأوسع انتشارا وذلك خلافا لتلفزات العالم التي تبث التظاهرات الجمالية دوريا وبشكل مباشر. بقاء المسابقات والعروض في حجمها البدائي حيث لا تستفيد الفائزة أو المتفوقة في العروض كثيرا من لقبها ونجاحاتها وخاصة على المستوى المادي باستثناء بعض الهدايا والجوائز النقدية التي تغني عن جوع ولا يمكن مفارقتها البتة بما تكسبه الفاتنات في أوروبا مثلا. اقتناع المشاركة بأن الظهور في المسابقات والعروض التونسية ليس إلا محطة أولية في البحث عن مجالات أوسع لضمان دخل مادي معقول والدليل أن الكثير من الفاتنات تحولن إلى منشطات أو ممثلات ونذكر هنا فاطمة بوشيبة وأسماء بن عثمان المنتدبتين أخيرا للعمل في قناة حنبعل تي في. وإذا أضفا الى هذه الملاحظات تعدد الأطراف المنظمة، واصرار بعضهم على تنظيم المسابقات دون الالتزام بالشروط الدنيا المعتمدة عادة يفرض السؤال نفسه : الى متى سيتواصل هذا الوضع ومتى يصبح لدينا مسابقات وعروض سنوية نفتخر بها ونروج لها في الخارج؟